الخــــداع الـــزائف
للشاعر عبد الرحمن توفيق
من بحر الكامل التام " متفاعلن "
عَصَـَف الْهَـــوَى بِفُـــؤَادِىَ فَتَـتـوَّقَا***
حَسَـــبَ الْخَــــلِيلُ وخِلَّـــهُ يَتَفَارَقـَا
مَا كَادَ هَــــمِّى وَالْغَــرَامُ سَــــــبِيلُنَا***
إنّ الَّسبِيلَ هُوَ الصَّــــــفَاءُ مُخَلـَّـقـَا
فَيُنَاشِــدُ الْأحْـــزَانَ حِينَ شَــــبُوبِهَا***
وَيَصِيرُ دَمْعِى فِى الشُّــئُونِ مُؤَرِّقـَا
ظَنَّ الْحَــبِيبَ بِهَجْــــرِهِ فِى بَيـْـــنِهِ***
إِنَّ التَّنَائِى وَالْهَـــــــــــوَى لَا يُومِقـَا
مَا شَابَ قَلْبِى مِن لَهـِــيبِ فُرَاقِــــنَا***
وَالْجِسْــــــــمُ قَاوَمَ كُلُّ مَضٍّ عَارِقـَا
مَا أبْرَحَ الشَّــــــوْقُ الَّذِى يَتَوَهَّـــجُ***
حِينَ الْهُيَامِ تَوَهُّــــــــــــجًا وَتَعَلـُّــقـَا
أيَظَلُّ صَبْرِى نَافِـــذًا مُتَعَـــــــــانِقَا***
وَيَظَلُّ قَلْبِى عَالِقًا مُتَشَـــــــــــــــوِّقـَا
بِخَيَالِ طَـــيْفٍ كُنْتُ أحْــــــلَمُ هَائِمًا***
وَصِبَا هَوَايَا وَالْفُؤَادُ مُرَاهِــــــــــقـَا
وَحَدِيثُ لَــيْلٍ قَـــــانِعًا مُتَحَــــــــدِّثَا***
بِصَفَاءِ حُبٍّ شَـــادِيًا مُتَصـَـــــــدِّقَـا
فَرِأيْتُ أنَّ الْحُـــبَّ كَانَ مُنَاجِـــــــيًا***
عَـَبَراتِ دَمْــعِ بَاكِيًا مُتَحَــــــــــدِّقـَا
وَعُـيُونُ جَــفَّ شُــــــؤنِهَا وَمــآقُهَا***
وَبَصِيرُهَا مَاكَادَ أنْ يَتَمَــــــــــلـَّــقَا
أمِنَ الْهَـــوَى وَالْعِشْـــــقُ ذَلِكَ كُلُّـّهُ***
أمِنَ الْحَبِيبُ يَظَلُّ قَلْــــــــــبِى تَائِـقَا
حِينَ اللـِّــقَاءِ عَـــــرِفْتُهُ أيْقَـــــنـْـتُهُ***
وَكأنـَّهُ بِرَسُولِ وَحْىِ صَــــــــــادِقَـا
زَلَقَ اللِّسَــانُ وَقَــــوْلُهُ بِبَلَاغَـــــــةٍ***
تُسْجِى الْهَوَى حِينَ الْكَلَامِ مُنَسِّــــقَـا
تَهْـدِى ســَـقِيمًا عَاوَدَتـْهُ شَــــــــائِقَا***
لَحَظَاتُ حُبٍّ هَاجَ خَوْفًا لَاحِـــــــقَـا
وَقَرِيضُ سَجْعٍ شِـــــعْرُهُ مُتَذَلـِّــــقَا***
وَأُصُولُ قَافِـــــيَةٍ يُنَظـِّــــــــمُ لَابِـقـَا
جَادَ الزَّمَانُ بِطَـــــــيْفِهِ وَبِحُلـْـــمِهِ***
لِيُطَوِّقُ النُّعْمَانَ حُسْــــــنَ شَـــقَائِقَــا
ضَحِكَ الرَّبِيعُ غُصُونُهُ فَتَرَاقَصَـــا***
وَرْدُ الْكُئُوسِ بِذَيْعِـــــــــهِ وَتَرَوْنَقَــا
نَسَجَ الْغَرَامُ لِبَاسَـــــــهُ مُتَلَاصِـــقًا***
بِخِيَامِ ليْلٍ كَادَ يَهْـــــوَى بَاسِـــــــقَــا
مَا كَادَ ظَنـِّى بِالْغَــرَامِ وَشَـــــــوْقِهِ***
طَعْنَ الْمُحِبِّ بِخِنـْجَرٍ مُتَنَــــــــزِّقـَـا
فِى أضْلُعٍ يَسْــرِى يُمَـــزِّقُ فـَــارِقَا***
كَالسَّهْمِ عِنْدَ الرَّمْـيِ يُرْسَـــلُ فَالِقـَــا
يَا َلْيَتَ مَاعَرِفَ الْفُــؤَادُ غَـــــــرَامَهُ***
قَبْلَ الْهَوَى مُنْذُ التَّلّاقِى مُسْــــــبِــقَـا
يَا لَيْتَ مَا طَالَ الْودِاَدُ وَعِشْـــــــقُهُ***
مَا الْعِشْـــــقُ إلَّا رِبَاطـًا عَـائِـــــــــقَـا
يَا صَاحِبِى مَا بِالْخِدَاعِ خَدَعْـــــتَنِى***
أتَقُولُ أنَّ هُــــــيَامَهَا مُــتَأوْلِــــــــقَـا
أتَظُـنُّ أنّ غَـرَامَهَا كَغَـــــــــرَامِىَ***
مَا دَمْعُهَا لِفِرَاقِنَا مُتَحَــــــــــــــدِّقـَــا
مَا الزَّيْفُ طَبْعِى وَالْخِدَاعُ وَسِيلَتِى***
مَا غـَايَـــــــــتِى إلَّا صِفَائِى بَارِقـَـــا
أقـْـنعْتَنِى أنّ الفُـــرَاقَ مَصِــــيرُنَا***
وَتَخُوضُ إفْكًا وَافـْتِرَاءًا بَاعِـــــــقَـا
الآنَ تَدْنُو بَاكِيًا بَلْ رَاكِـــــــــــــعًا***
بَعْدَ الْخِدَاعِ تَهِيمُ فِسْـــــــــقًا حَانِقـَـــا
وَتَوَدُّ أنْ تَغـْدُو بِهَا مُتَلاقِـــــــــــيًا***
وَبِحُـجَّــتِى سَـــــاوَيْـتَنِى وَمُحَلـِّــــقَـا
مَا الذَّنـْبُ هَذَا ذَنـْــــبُهُ بَلْ ذَنـْــبِىَ***
فَأنَا الذِّى صـَـــــــــادَقـْتُهُ مُتَصَـــدِّقـَا
أقـْســَــمْتُ ألَّـنْ يَرْتَوِى مِنْ نَبْعِهَا***
وَيَظَلُّ فِى خُطـُــــــــوَاتِهِ مُتَرَاهِــقـَــا
فَأَنَا حَبِيبٌ عَاشِقٌ لِحَــــــــــبِيبَتِى***
وَأَنَا الَّذِى أحْبَبْتُ عِشْـــــقًا سَــــابِـقـَـا
كَيْفَ الْهَـوَى أنْ تَرْتَضِى يَا أحْمَقـَا***
غَيْرَ الْحَبِيبِ وَشَـــــــــــوْقِهِ مُتَألـِّـقَا
أسَألْـتُهَا عَنْ قَصْــدِهَا لِحَــــــــبِيبِهَا***
وَعَـرَفـْــتَ عَـنْهَا كُلَّ ذَلِكَ مُسْــــبِقَا
قَـبْلَ الْوِدَاعِ فَقَـدْ رَجَـوْتَ وِدَاعَـــنَا***
أوَ لَمْ تَكُـنْ بِوِدَاعِـــــــنَا مُتَرَمِّـــــقَا
يَا مُهْــجَتِى هَلْ تَعْلَــمِيَن خِــدَاعَهُ ***
هَــلْ تَدْرِكِينَ فُــنُونَ زَيْفٍ حَـــــانِقَا
هَــذَا اللَّــئِيمُ مُكَـــابِرٌ فِـى حُلـْـــــــمِهِ***
هَلْ تَدْرِكِــــينِى رَحْـــــمَةً وَتَرَفـُّـقَا
مَـا ذَاكَ إلَّا فَاسِــــــقًا وَمُخَــــــادِعًا***
هَلْ تَرْحَمِى قَلْــــبًا عَـفَانِى شَـــائِقَا
اليَــوْمُ أنْتَ الآنَ فِى نَـارِ الْجَــــوَى***
مَا النـَّارُ إلّا مِـنْ لَهِــــيبٍ بَارِقـَـــــا
يَا مَنْ تُنـَادِى بِالهَـــوَى وَنَقَـــــــاءَه***
مَا أنْتَ إلَّا لِلْهَـــــــوَى مُتَشَــــــوِّقَا
وَهَوَيْتَ أنْ تَمْشِى طَرِيقِى فِي الْخَــفَا***
وَتَبَرَّأَ الْوِجْـــــدَانُ حُسْــــنَ تَتَــوُّقَا
يَا كَابِـدَ الأحْـــــزَانِ فِى أحْشَـــــــائِهِ***
أيَظَلُّ شَـــــوْقِى هَائِمًا مُتَعَـــــــانِقَا
بِشُـجُونِ قَلْـبٍ عَـانَ مَضًّـا بِالْجَــوَى***
أنّ الهَـوَى بِصَـفَاءِ حُـــبٍّ خَــــانِقَا
مَازَالَ عِشـْـــقِى بِالْهَــــــوَى مُتَدَفِّـقَــا***
بِتَوَهُّجٍ شَــــابَ الفُـــــــؤَادَ تَأّرُّقَــا
وَسَــعِيرُهَا حَـاكَى اللَّــظَى وَبِغَـــيْظِهَا***
كَلَهِــيبِ نَارٍ ذَادَهَــــا وَتألـَّــــــــقَا
يَا لَيْتَنِى مَاكُنْتُ أحْـــيَا شَــــــــــاعِرًا***
أوْ ُكْنُتُ أصْـــفَى لِلْــوِدَادِ مُحَلـِّــقَا
فَالشِّــعْرُ دُنْيَا فِى الْخَــيَالِ جَـــــمَالُهَا***
مَا ذَاقَــهَا غَـيْرَ الْمـَـلَاكِ الْمُـــرْتَقَا
مَا مُنـْـيَتِى إلَّا أعُـــــــــــودَ لِنَشْـوَتِى***
لِأُكَابِدَ الزَّيْفَ الْمُخَـــادِعِ عَــــارِقَا
هَلْ كُـلُّ حُلْــــمٍ مُنشِـــدٍ لَا يَصْــــدَقُ***
صِدْقَ الْمُنَى بِنَقَاءِ شَـــدْوٍ مُشْــرِقَا
لَازَالَ حُـــبِّى عَــــالِقًا بِغَــــــــرَامِهَا***
وَهُـــيَامُ قَلْــــبِى لَايَخَــــافُ قَـالِـقِا