اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

فضائل لا حول ولا قوة إلا بالله 

 

فضائل لا حول ولا قوة إلا بالله 



فضائل لا حول ولا قوة إلا بالله 



تقديم : علاء الدين عبد الرحمن 


أيها الأحباب الكرام، اليوم نحن بإذن الله جل وعلا  على موعدٍ جديد ومع كلمةٍ عظيمة، لها دلالات ومعانٍ جليلة، تدل على كمالها وعِظمِ شأنها، وكثرةِ فوائدها وفضائلها، إنها جملة صغيرة وعبارة قصيرة لا تستغرق وقتًا ولا تُكلّف جهدًا أو عناءً

 أو مشقة، ولكنها بالغةُ الأثر، تُعينُ على تخفيفِ الهم، تَحمِلُ بها الأثقال، وتَقتحِمُ بها الأهوال .

 إنها مفتاحُ كلِّ خير، وقائلها يُفرِّجُ الله عنه كل همٍّ وكلُ ضيقٍ وكرب، ويحفظُهُ من كل مكروه .

إنَّها من أحبِّ الكلماتِ إلى الله وهي من الباقياتِ الصالحات.

 إنها بابٌ من أبوابِ الجنَّة وغرسٌ من غراسها وكنزٌ من كنوزها، هذه الكلمة يُعبرُ عنها أهلُ اللغة بالحوقلةِ والحوقلة: إنَّها:

 ﴿ لاَ حولَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ ﴾.


والحولُ: هو التحول، والقوةُ: هي خلافُ الضَّعفِ. وقوَّاه الله أي أعطاه القوة .

أنَّها غرسٌ مِنْ غِرَاسِ الجَنَّةِ، فكما روى احمد عن أَبي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ مَرَّ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، 

فَقَالَ إبراهيم: مَنْ مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟ 

قَالَ: هَذَا مُحَمَّدٌ

فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهُيمُ : 

مُرْ أُمَّتَكَ فَلْيُكْثِرُوا مِنْ غِرَاسِ الْجَنَّةِ، فَإِنَّ تُرْبَتَهَا طَيِّبَةٌ وَأَرْضَهَا وَاسِعَةٌ، قَالَ: «وَمَا غِرَاسُ الْجَنَّةِ؟»، قَالَ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ.


ومن فضائل «لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ»: أنَّها بابٌ مِـنْ أَبْـوَابِ الجَنَّةِ.

ففي سنن الترمذي بسند صحيح عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنَّ أَبَاهُ دَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَخْدُمُهُ، قَالَ: فَمَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ صَلَّيْتُ فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ،

 وَقَالَ: 

أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: «لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ».


ومن فضائل لا حول ولا قوة إلا بالله، أن كل من يشكو تعبًا في جسده أو ضعفًا في بدنه، أو إرهاقًا عند عمله، أو يعاني الأشغال الصعبة، ويتحمل المشاق، فعليه بلا حول ولا قوة إلا بالله، ويداوم عليها، فإن لها تأثيرٌ عجيب في أن يجد قائلها قوةً في بدنه.


قال ابن القيم:

 إن الملائكة لما أُمروا بحمل العرش، قالوا: يا ربنا كيف نحمل عرشك وعليه عظمتك وجلالك؟

 فقال: قولوا لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فلما قالوها حملوه.


وَلِلْحَوْقَلَةِ صِيَغٌ وَأَلْفَاظٌ وَرَدَتْ بِهَا السُّنَّةُ النبوية الصحيحة وهي: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ»، «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ»، «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ»، «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ، ومن الخطأ أن يَظُنُّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ اليوم أَنَّ لا حول ولا قوة إلا بالله تُقَالُ عِنْدَ الْمَصَائِبِ فَقَطْ، فـ«لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ»، تُقَالُ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَفي كُلِّ حِينٍ؛ لأن الكلمة التي تُقَالُ عِنْدَ الْمَصَائِبِ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ، هِيَ: «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ»، أَمَّا «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ»، فَهِيَ تَنْفِي الْحَوْلَ وَالْقُوَّةَ عَنِ النَّفْسِ الْبَشَرِيَّةِ مَا لَمْ يُمِدَّهَا اللهُ بِعَوْنٍ مِنْ عِنْدِهِ.


ومن فضائل «لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ»:

أنَّها سبيلٌ لحفظِ النِّعم واتقاء العين، فمن أراد أن يحفظ الله عليه نعمة الله ماله وأهله وولده من العين الحاسدة، فعليه بلا حول ولا قوة إلا بالله، يُفهم من هذا قول الرجل المؤمن لصاحب الجنَّة، في قوله تعالى: ﴿ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾ [الكهف: 39].


ومن فضائل «لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ»:

أنَّها تقي صاحبها من شياطينِ الجنِّ والإنس، ففي سنن أبي داود عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ، فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ»، قَالَ: «يُقَالُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ لَهُ: شَيْطَانٌ آخَرُ كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِىَ وَكُفِىَ وَوُقِىَ».


 ومن فضائل لاحول ولا قوة الا بالله:

أن النبي صلى الله عليه وسلم جعلها مع ما معها من الأذكار الأخرى بدلًا عن القرآن في حق من لا يُحسنه؛ روى الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن أبي أوفى قال: أَتَى رَجُلٌ إِلَى النَّبِي فَقَالَ: إِني لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا، فَعَلِّمْنِي شَيْئًا يُجْزِئُنِي مِنَ الْقُرْآنِ

فَقَالَ: قُلْ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلهِ، وَلَا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوةَ إِلا باللهِ.

أخيرًا أحبتي الكرام 

لم يكن من فضلٍ لكلمة لا حول ولا قوة إلا بالله في أنَّ المسلم إِذَا قَالَهَا فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، ستكون له وقاية مِنَ النَّارِ، لكان ذلك كافيًا، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما روى ابن ماجه: «إِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَأَنَا أَكْبَرُ، وَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، قَالَ الله: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِي، وَإِذَا قَالَ العبد: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، قَالَ الله: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَلَا شَرِيكَ لِي، وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، لِيَ الْمُلْكُ، وَلِيَ الْحَمْدُ، وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِي»، ثم قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رُزِقَهُنَّ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ».


فأكثروا من قول لا حول ولا قوة إلا بالله ورَبُّوا عَلَيْهَا أَنْفُسَكُمْ وَأَوْلَادَكُمْ، وَأَشِيعُوهَا فِي طُرُقِكُمْ وأسواقكم وبيوتكم، وفي ومَقَارِّ أَعْمَالِكُمْ، فهي سبيلٌ لمواجهةِ الصعاب وتخفيفِ الآلام، والأحزان، ورفع الهموم والغموم، ودفع الأضرار والحوادث، وقَدْ أَفْلَحَ مَنْ قَالَهَا، وَفاز من تَدَبَّرَهَا، ونجا من داوم عليها، اللهم أعنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم اجعَلنا من الذاكرين لك آناء الليل وأطراف النهار .

google-playkhamsatmostaqltradent