أنيسة حياتي
بقلم - أيمن شرف الدين
المشهد بهيج والحياة بين الزوجين زاهية المعالم ، واضحة الملامح ، بينة التضاريس ، مفعمة بالأنس والسرور ، تعلوها لغة التفاهم بين روحين أقسما ألا يجعلا للخلاف بينهما نصيبا مفروضا بل شريدا مطرودا ، فلا مجال لظهوره إلا الانزواء بعيدا عن خشبة مسرح حياتهما الزوجية ، ليعلنوها صريحة أن أريكة زواجهما أساسها الاتفاق على عدم الافتراق ، وإذا بزغ بينهما نزغ من مس أو شيطان قوضوه في الحال والآن .
صار وفاق زواجهما ترياقا يوصف لعلاج شقاق الأزواج ، أملا في أن يستقيم الاعوجاج ، وصارت قصة حياتهما مضرب الأمثال لمن ابتغى حسن الحال والمآل .
الزوج هو عماد البيت ، وضع النقاط على الحروف، ليعلم ماله وماعليه ، ووجه زوجته في رفق ليعمر المنزل بالدفء.
الزوجة هي عضد زوجها وساعده الأيمن ، تدفع معه عجلة الحياة إلى الأمام ، لاتضطر أن تنظر إلى الوراء إلا لاستلهام العبر والعظات .
هكذا مضت بهما الحياة رفيقة رقيقة يدعم كلاهما الآخر ، إلى أن يتجلى المشهد الثاني بلا زوجة ، فقد بات مقعدها يشكو غربتها ويحن إليها حيث اللاعودة ، رحلت في سلام ، وتركت زوجها للأوجاع والآلام ، ولم يعد يراها إلا سلفا أو عبر الأحلام .
المشهد باهت الصورة منطفئ الحيوية ، تسوده الألوان الرمادية ، انزوت فيه أسارير الابتهاج ، أصبح الزوج وحيدا رغم رحابة المنزل ، صار محصورا في زاوية الذكريات يلوذ بها ليحظى بدفء ماض عز عليه إيجاده إلا في عالم الخيال.برحيل الزوجة انطفأت سرج المودة ، وجفت شرايين المحبة ، وثقلت عقارب الساعة تمضي في بطء بغيض أصابها الوهن كأنها تعد على الزوج أنفاسه لتزف إليه خبر البشرى بدنو لقاء حبيب طالما أسعدنا جواره ليلتئم الجرح ويندمل الأثر .