"شهر العتق من النار" بقلم أ.د/ محمد مختار جمعة
متابعة _ ياسمين أحمد المحلاوى
رمضان شهر العتق من النار ، فما من ليلة من لياليه إلا ولله (عز وجل) فيها عتقاء من النار ، غير أن لهذا العتق مقدماته من التوفيق ، فمن أراد الله به خيرًا وفقه وشرح صدره للطاعة ، حيث يقول سبحانه وتعالى : " فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ".
فمن أراد أن يكون من العتقاء فعليه أن يعرف للصوم حقه ، فالصائم الحق صاحب قلب نابض بحب الخير للناس جميعًا ، لا يعرف الحقد ، ولا الغل ولا الحسد إلى قلبه طريقا ، راض بما قسمه الله تعالى له ، فهو من خير الناس للناس ، وخيرهم لأهله ، وخيرهم لدينه ، وخيرهم لوطنه ، آخذ بالأسباب ، محسن في توكله على ربه ، غير متكل ، عامل منتج , مبدع مبتكر ، شريف عفيف متعفف ، مفتاح لكل خير ، مغلاق لكل شر ، يسعى في قضاء حوائج الناس ، عطوف على الفقير والمسكين , رحيم بهما , مكرم لهما ، غير معجب بنفسه , ولا متعال على الناس ، يحل الحلال ويحرم الحرام ، وقاف عند حدود الله عز وجل ، مجتنب لمحارمه .
الصائم الحق عف اللسان ، لا يعرف الفحش ولا الخنا ولا الرياء ولا النفاق إليه سبيلا ، لا يكذب ، ولا يظلم ، ولا يغش ، ولا يحتكر ، ولا يختلس ، ولا يدلس ، ولا يطفف كيلا ولا وزنا ، ولا يخوض في الأعراض ، يحفظ للنفس حرمتها ، وللأموال حقوقها ، وللأوطان فضلها ومكانتها ، بار بوالديه ، بار بوطنه ، مسارع في الخيرات ، مغتنمًا لأوقات الطاعات وأيام وليالي النفحات ، وما أعظمها في هذا الشهر الكريم شهر العتق من النار ، فيا باغي الخير أقبل.