اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

مَائة وعشرُون قُبلَة

  مَائة وعشرُون قُبلَة 





 قصة قصيرة بقلم :  منال خليل


- كانت تجلس بأول الصباح بمقعدها الخاص على طاولة المطبخ  اسفل النافذة المطلة على الحديقة وقد طالتها الشجرة الوحيده التى زرعاها معاً  وأزهرت زهرات بيضاء رائعة دائما ما تشاغبها آشعه الشمس .. يجاورها مقعد الحبيب


- وضعت " عائشه " فنجان القهوة بعد أن أنتهت منه بجانب الفنجان الآخر،   فهى دائماً ما تصنع فنجانين من القهوة واحد لها والآخر 

" لشادي "  تتلو عليه دعوات بأن لا يطيل الله فراقه عنها ... ومدت يدها لتسحب سيجاره من علبه سجائرة الفضيه التى يجاورها ولاعته والمطفأة .. وهى تقول ليتك حبيبي تبطل هذه العادة نهائياً فصدرك ماعاد يحتمل .   


وأخذت تستعيد حلم ليلة أمس ...

 وهى تتشبث بحضنه كى لا يذهب برحلة هذا المساء وأنها تحتاجه بجانبها وشاهدت نفسها وهى تساعده على ارتداء حذاءه .. جاكيته .. الكاب وتناوله نظارته .. تودعه عند الباب واعده إياه بعشاء خاص عند عودته .. تعلقت بعنقه تقبله داعية له الله  بالسلامه 

- فاستيقظت سعيدة لرؤيته بالحلم وعطره يملأ غرفه نومهما .. ثم عادت لنفسها 

 و تناولت القلم الحبر لتخط على الورق رسالة اليوم 

" لشادي القلب"  كما كانت تحب أن تناديه دائماً ليرد عليها مبتسماً نعم

  " عائشة عمري " .

-  كان كل فحوى الرسالة : 

 " اليوم أحبك أكثر شادي القلب،  والشوق إليك يحرق قلبى ... انتظرك روحي فلا تتأخر "

 ثم طوت الرساله ووضعتها في المظروف ذو الورود الصغيرة المطبوع عليه اول حرفين من اسميهما معاً واغلقته جيدا .. 

ثم طبعت عليه ختم العشق الخاص بها والذى أهداها لها " شادي " بعيد ميلادها الثانى والأربعين ..

ودونت العنوان  ...  

غادرت المطبخ بعد أن أعدت له طاجن اللحم بالخضار الذي يحبه وتركته بالفرن ليظل دافئ ..

 

- ارتديت كامل ملابسي بأناقه وكأنى على موعد معك، حملت حقيبه يدي السوداء والظرف باليد الأخرى .. بعد أن رششته ببعض من قطرات عطري الذى تفضله ... أطفأت الراديو وتأكدت بأني أحكمت إغلاق الباب ولم أنسى المفتاح بالداخل .... فأنت تعلم أنى أعتزلت كل البشر مؤخراً عداك حبيبي .. فأنا أستمتع معك أكثر وانت تكفيني عن العالمين . 

  - ثم هبطت الدرج من الدور الخامس شقه خمسه 

وأخذت أعد درجات السلم الرخامي،

 مائه وعشرين درجه سلم وتذكرت مبتسمة بأنك كنت تُقَّبلنى على خدي الأيسر  بكل درجه سلم، أى مائه وعشرين قُبلَه ... وعندما كنت أبعد وجهى خجلى كفتاة عذراء خشيه أن يرانا أحد الجيران كنت  تقول لى : 

وماذا أفعل بك وخدك له مذاق الحُب ورائحته..

- خطوت خمسه وعشرون خطوه أخرى حتى صندوق الرسائل ..

ألقيت الرساله من فتحه الصندوق الخشبى الذى كان على شكل بيتنا القديم بأول زواجنا ..

 وطرقت بيدي على الصندوق  مرتين وكأنى أوصيه بأن تصلك الرساله، 

حتى لا تعد لى مرة أخرى بحجة أنه لم يستدل على العنوان ..

- أستدرت لأصعد السلم  متجهة لشقتنا مرة أخرى، وتذكرت قبل أن أصعد .. بأن أتجه لأطمئن على صغار القط "جوتشي" والذى أنجبت له قطتنا "بيلا " أربع من القطط أبيض و اسود ، 

هل تتذكر شادي بأنى كتبت لك فى الرساله السابقه أننا أصبح لنا أربعة أحفاد،  وشاهدتك متجسد أمامي تنظر لى وتضحك تلك الضحكه الرائعة التى كانت تحتويني وتأخذنى  بالكامل ... 

القطة بيلا أصرت أن تعيش مع جوتشى أسفل السلم ... على أن تعيش معى بعد غيابك، فبنيت لهم بيتا صغيرا من الخشب وبجانبه طبق للطعام وآخر للماء .. 

كانت بيلا راقدة ترضع صغارها بسلام ..وجوتشي ممدد بجانبها محتضنها من الخلف ... 

مشهد رحيم ودود تمنيت أن أحظى بمثله معك ...

 يبلغونك السلام " شادي القلب "  وكلنا نفتقدك بقدر مانحبك ... لا تتأخر سأعود لنا الغذاء لجده دافئاً عند عودتك ..

ثم عادت أدراجها صاعده للشقه بعد أن وضعت لهم مزيدا من الطعام.. 


وعلى أول سلمه أستدارت " عائشة"  للخلف "  وهى تقبض بيدها اليمنى على ترابزين السلم  لتلقي نظره أخيرة على صندوق الرسائل،

 لتتأكد أنها وضعت رسالة اليوم ... فقد بدء النسيان يغزوها بهدوء .


 كان الصندوق الخشبي يحمل أسم :

" حرم الشهيد طيار شادي إسماعيل "

google-playkhamsatmostaqltradent