اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

رحلة اليقين

 رحلة اليقين





 زينب مصطفى


هو فيلسوف و طبيب و كاتب مصري ألف 89 كتابا منها كتب علمية و دينية 

و فلسفية و إجتماعية و سياسية 

وقد كتب حكايات و مسرحيات و قصص الرحلات. أسلوبه مميز و جذاب و عميق لكن بسيط.



الدكتور/ مصطفى محمود ولد في 27 ديسمبر 1921 بشبين الكوم و ينحدر نسبه من الأشراف .



درس الطب و تخرج سنة 1953 

وتخصص في الأمراض الصدرية

 تفرّغ الدكتور/ مصطفى محمود  للكتابة

 والبحث سنة 1960 و تزوج سنة 1961

 ورزق بولدين أمل و أدهم لكن انتهى زواجه بالطلاق سنة 1973.



و تزوج للمرة الثانية سنة 1983 من السيدة زينب حمدي و انتهى زواجهما بالطلاق سنة 1987. 



عاش مصطفى محمود في ميت الكرماء بجوار مسجد المحطة  و هو يعتبر من المزارات الصوفية الشهيرة في مصر و هذا أثر على أفكاره و توجهاته.



بدأ حياته متفوقا في دراسته إلى أن تعرّضَ للضرب  من قِبَل مدرس اللغة العربية فتأثّر مصطفى محمود و انقطع عن الدراسة لمدة 3 سنوات ولما انتقل المدرس لمدرسة أخرى استأنف مصطفى محمود  دراسته من جديد. 



أقام في بيت والده معملا صغيرا لصنع الصابون و مبيدات الحشرية

وكان يستغل الحشرات النافِقة في تشريحها.



و عندما دخل كلية الطب اشتهر بين زملائه بإسم (المشرحجي) لأنه كان يُحِب التواجد في المشرحة . يسأل أسئلة عن سر الحياة و الموت و ما بعدهما. 



في الستينات ظهرت الرأس مالية  

ومصطفى محمود لم يكن بعيدا عن التيار الوجودي الذي كان يحيطه بقوة و احتاج منه لثلاثين عاما من الانغماس في الكتب

 وآلاف الليالي من الخلوة و التأمل مع النفس و تقليب الفكر  لكي يقطع الشكّ باليقين  و فكّ لغز الحياة و الموت .



ثلاثون عاماً من المعاناة و الشك و النفي

 والإثبات، ثلاثون عاماً من البحث عن الله

 قرأ وقتها عن البوذية و البراهيمية 

والزرادشتية و مارس تصوف الهندوس

 ومن المؤكد أن مصطفى محمود لم يلحد فهو لم ينفي وجود الله بشكل مطلق لكنه كان عاجزا عن إدراكه عاجزا عن التعرف على التصور الصحيح لله.



ولا شك أن هذه التجربة صهرته بقوة 

و صنعت منه مفكرا دينيا خلاقا.



ومصطفى محمود لم يكن الأول في دخول رحلة اليقين فعلها الجاحظ قبله و فعلها حجة الإسلام أبو حامد الغزالي.



 تلك المحنة الروحية التي يمر بها كل مفكر باحث عن الحقيقة. و إن كان الغزالي ظل في محنته 6 أشهر فإن مصطفى محمود قضى ثلاثين عاما. 



اشترى مصطفى محمود قطعة أرض من عائد أول كتبه المستحيل و أنشأ به جامع مصطفى محمود و فيه 3 مراكز طبية 

ومستشفى والجمعية الفلكية بمسجد محمود و مكتبة و متحف مصطفى محمود الجيولوجي الذي يشرف عليه أساتذة الجولوجيا. 


يروي مصطفى محمود أنه عندما عرض على التليفزيون مشروع العلم و الإيمان وافق التليفزيون و رصد 30 جنيه للحلقة. 



ولكنه فشل قبل بدايته فتقدّم أحد رجال الأعمال عندما عرف بالموضوع وقام بإنتاج البرنامج على نفقته الخاصة ليصبح من أشهر البرامج التليفزيونية و أوسعها انتشارا على الإطلاق.



و لا زال الجميع يذكرون سهرة الإثنين الساعة 9 مساءً و مقدمة الناي الحزينة في البرنامج و افتتاحية مصطفى محمود اهلآ بيكم. و قدم أكثر من 400 حلقة من برنامجه الشهير العلم و الإيمان ثم وقف البرنامج بقرار من الرئاسة المصرية وقتها. 



تعرض مصطفى محمود لأزمات فكرية كثيرة كان أولها عندما قدم للمحاكمة بسبب كتابه الله و الإنسان و طلب عبد الناصر بنفسه تقديمه للمحاكمة بناءً على طلب الأزهر باعتبارها قضية كفر إلا أن المحكمة اكتفت بمصادرة الكتاب. وبعد ذلك أبلغه الرئيس السادات إنه معجب بالكتاب وقرر طبعه مرة ثانية.



و كان مصطفى محمود صديقا شخصياً للرئيس السادات، حيث أحزنه مصرع الرئيس وقال في ذلك :

كيف لمسلمين أن يقتلوا رجلاً رد مظالم كثيرة وأتى بالنصر و ساعد الجماعات الإسلامية و مع ذلك قتلوه بأيديهم. 



و بذَل الدكتور / مصطفى محمود جهودا لتوضيح خطر الصهيونية ووظف لها فضلاً عن مقالاته 9 كتب أصدرها خلال التسعينات. ففي كتابه إسرائيل البداية والنهاية 

يقول مصطفى محمود :

إن إسرائيل تتصرف و كأنها تتعامل مع أصفار و تتوسع و كأنها تمرح في فراغ

 وهذا الغياب للموقف العربي سوف تكون له عواقب وخيمة. 



و أمام هذا التهاون أو الهوان العربي كان من الضروري أنه يحذر من السلام الذي يسعى إليه الكيان الصهيوني ففي كتابه على حافة الانتحار رأى أن إسرائيل ليست لديها نية جادة للسلام بقدر ما هي راغبة في تطويع و قبول من الطرف العربي لسلام من طرف واحد.



كما تعرض مصطفى محمود لأزمة شهيرة بسبب كتابه الشفاعة أي شفاعة الرسول محمد في إخراج العصاة من المسلمين من النار و ادخالهم الجنة عندما قال أن الشفاعة بمفهومها المعروف أشبه بنوع من الواسطة و الاتكالية على شفاعة النبي محمد و عدم العمل و الاجتهاد أو أنها تعني تغييرا لحكم الله في هؤلاء المذنبين و أن الله الارحم بعباده و الاعلم بما يستحقونه. 



وقتها تعرض لهجوم حاد و أصدر 14 كتابا للردعليه على رأسها كتاب الدكتور / محمد فؤاد شاكر أستاذ الشريعة الإسلامية 

واتهموه بأنه مجرد طبيب لا علاقة له بالعلم الديني. 



و في لحظة حولوه إلى مارق خارج عن القطيع. حاول مصطفى محمود أن ينتصر لفكره و يصمد أمام التيار الذي يريد رأسه إلا أنه هزم في النهاية.



تقريبا لم يتعامل مع الموضوع بحيادية إلا الدكتور / نصر فريد واصل عندما قال :

الدكتور / مصطفى محمود رجل علم 

و فضل و مشهود له بالفصاحة و الفهم وسعة الإطلاع و الغيرة على الإسلام فما أكثر المواقف التي أشهر قلمه فيها للدفاع عن الإسلام و المسلمين. 



وكم عمل على تنقية الشريعة الإسلامية من الشوائب التي علقت بها و شهدت له المحافل التي صال فيها و جال دفاعا عن الدين الإسلامي. 



مصطفى محمود لم ينكر الشفاعة أصلاً رأيه يتلخص في أن الشفاعة مقيدة 

وغيبية إلى أقصى حد، وإن الإعتماد على الشفاعة لن يؤدي إلا إلى التكاسل عن نصرة الدين و التحلي بالعزيمة في الفوز بدخول الجنة. و الاتكال على الشفاعة هو ما يجب الحذر منه و الأكثر إثارة للدهشة أنه اعتمد على أراء علماء كبار على رأسهم الإمام / محمد عبده لكنهم حملوه الخطيئة. 



كانت محنة شديدة أدت لاعتزاله الكتابة إلا قليلاً و ينقطع عن الناس حتى أصابته جلطة و في عام 2003 أصبح يعيش منعزلا وحيداً. 



قال عنه الشاعر الراحل كامل الشناوي إذا كان مصطفى محمود قد ألحد فهو يلحد على سجادة الصلاة.



كان يتصور أن العلم يمكن أن يجيب على كل شيء و عندما خاب ظنه مع العلم أخذ يبحث في مُختَلف الأديان و لم يجد في النهاية سوى القرآن الكريم. 



توفي مصطفى محمود في الساعة السابعة و النصف من صباح السبت 31 أكتوبر 2009 بعد رحلة علاج استمرت عدة أشهر عن عمر يناهز 87 عاما و شيعت جنازته من مسجده بحي المهندسين. 



و بذلك إنتهت رحلة 

الدكتور / مصطفى محمود من الشك 

إلى اليقين.

google-playkhamsatmostaqltradent