خضر: الأزهر الشريف حمل مشاعل النور والتقدم لجميع دول العالم
متابعة - ياسمين احمد المحلاوي
أكد الدكتور محمد فكري خضر، نائب رئيس جامعة الأزهر، أن التعليم بمقدوره أن يقوم بدور كبير في التحول المطلوب إلى مجتمعات عربية أكثر استدامة من الناحية البيئية، موضحاً أن الأزهر الشريف حمل مشاعل النور والفكر والتقدم عدة قرون لجميع دول العالم، وذلك -خلال كلمته- في المؤتمر الدولي الثاني للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة والذي يقام برعاية كريمة من جامعة الدول العربية تحت عنوان: «التعليم من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة».
وتوجه نائب رئيس جامعة الأزهر في بداية كلمته بالشكر للحضور الكريم، نيابة عن فضيلة الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر الشريف، ناقلا للجميع بالغ التحية من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وجميع العاملين بهذه المؤسسة الأم، الرائدة في مجالي التعليم الديني والثقافي بالعالم العربي والإسلامي؛ على هذه الجهود الطيبة نحو تفعيل دور التعليم الحقيقي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
موضحًا أن أنشطة الإنسان الفردية والجماعية أدت إلى إجهاد الكوكب وأشكال الحياة التي تعتمد عليه، إجهادًا كبيرًا بفعل الضغط الهائل الذي تعرض له جراء هذه الأنشطة، وبما أن البشرية تسهم إسهامًا واضحًا في التدهور البيئي والانحسار السريع للتنوع البيولوجي، فإن من اللازم عليها أيضًا أن تقدم الحلول لتدارك المخاطر والتصدي للتحديات التي كان لها يد في نشأته، وهنا تتجلى أهمية الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر الواردة بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، ألا وهو: "التعليم" الذي يمثل حجر الزاوية لهذا المؤتمر من خلال منظور العالم العربي لهذه الأهداف الكبرى والتي على رأسها التعليم وتحقيق الإمكانات اللازمة للحصول على أعلى جودة منه تخدم الأمة العربية بأجمعها وتكون شريكا رئيسا في تحقيق واستكمال باقي الأهداف الأخرى للتنمية المستدامة.
مضيفًا أن النظرة الثاقبة لهذا الأمر تؤكد أن التعليم بمقدوره أن يقوم بهذا الدور الكبير في التحول المطلوب إلى مجتمعات أكثر استدامة من الناحية البيئية، بالتنسيق مع المبادرات الحكومة ومبادرات المجتمع المدني والقطاع الخاص؛ فالتعليم يصوغ القيم ووجهات النظر، ويسهم أيضاً في تنمية وتطوير المهارات والمفاهيم والأدوات التي يمكن أن تستخدم في خفض أو إيقاف الممارسات غير المستدامة، ولا ينحصر دور التعليم المتعدد الأوجه في مجال الاستدامة في جانبه الإيجابي؛ إذ يمكن أن يعزز ممارسات غير مستدامة، ومن ذلك الاستهلاك المفرط للموارد، والإسراع في تآكل معارف السكان الأصليين وطرق عيشهم ذات الاستدامة النسبية، مما يمكن أن نطلق عليها الأعراف العامة الفطرية الناشئة داخل البيئات المختلفة؛ لذلك قد يتطلب الأمر تكييف التعليم وتحويله؛ لضمان تأثيره الإيجابي في المجتمعات.
مشيرا إلى أننا لو نظرنا إلى هدف التعليم ومن خلال المنظور العام والأشمل له في ضوء الرؤية الإستراتيجية للتعليم حتى عام (2030م) في معظم الدول العربية سنجده يدور حول إتاحة التعليم والتدريب للجميع بجودة عالية دون التمييز، وفي إطار نظام مؤسسي كفء وعادل، ومستدام، ومرن، وأن يكون مرتكزًا على المتعلم والمتدرب القادر على التفكير والمتمكن فنيًا وتقنيًّا وتكنولوجيًّا، وأن يسهم أيضا في بناء الشخصية المتكاملة وإطلاق إمكاناتها إلى أقصى مدى لمواطن معتز بذاته، ومستنير، ومبدع، ومسئول، وقابل للتعددية، يحترم الاختلاف، وفخور بتاريخ بلاده، وشغوف ببناء مستقبلها وقادر على التعامل تنافسيا مع الكيانات الإقليمية والعالمية.
ملفتا إلى أن الأزهر الشريف وعلى مدار قرون عدة حمل مشاعل النور والفكر والتقدم لجميع دول العالم، وعلى الرغم أن الخلفية الدينية الكبرى لهذه المؤسسة والتي استهللت كلمتي بوصفي لها بأنها المؤسسة الأم والرائدة في هذا المجال لم يكن لها أن تغض الطرف عن هذا السباق العلمي والحضاري الناشئ من حولها بل عملت على مواكبة هذا الركب، فالتنمية المستدامة رغم أنها نشأت في إطار الاقتصاد، فإن العلوم الشرعية والعربية التي ندرسها لأبنائنا بالمراحل التعليمية المختلفة ليست بمعزل عنها، بل إنها تضرب بسهم وافر في إقرارها ورعايتها، وفي القرآن والسنة كثير من الآيات والأحاديث التي تدعو إلى عمارة الأرض وإصلاحها والإحسان إلى الوجود كله، ويكفي ما تضفيه العلوم الشرعية من عمق للدراسات التنموية، فالمتأمل لواقع المجتمعات يدرك أن التنمية ومشروعاتها حين تقوم على المقومات المادية وحدها فإنها سرعان ما تؤدي إلى انهيار تنموي وتراجع حضاري.
مختتما كلمته بالتأكيد على أن الأزهر الشريف يقدم ومن خلال تلك الرؤى، الحماية اللازمة لجميع الأجيال من أفكار التطرف والشذوذ الفكري والسلوكي والأخلاقي وهي أمور بلا شك تهدم كل بناء نافع وكل فكر يدعو للإصلاح والتغيير نحو الأفضل، موجها شكره للحضور والتمثيل المشرف، داعيا الله العلي القدير أن يخرج هذا المؤتمر بتوصيات تحقق النفع لأمتنا العربية والإسلامية.