الكوارث الطبيعية رسائل تخويف لا رعب أو إنذار باقتراب الساعة
كتب - د . عبد الرحيم ريحان
أصبحت الكوارث الطبيعية التى تحل بالعالم مدعاة للهواة وجمهور التيك توك لتنتشر على السويشال ميديا بشكل كبير حتى يتخيلها البعض حقائق وذلك فى غيبة العلماء ولكن حين يتحدث العلم تختفى التخاريف.
وأمام الزلازل المدمرة فى سوريا وتركيا انتشرت هذه الخرافات ومنها زائر جديد يمر في سماءنا من المذنب الأخضر والذي يمر مرة كل 50 ألف عام، وفور ظهور ذلك المذنب في السماء حاذ على اهتمام الجميع سواء كانوا من محبي الفلك ومشاهدة النجوم والكواكب ورصد الظواهر الفلكية
والعلماء المتخصصين لدراسته، وايضآ مروجي الإشاعات.
ومنها الزائر الجديد الذى يمر بسمائنا "المذنب الأخضر" والذى أطلق عليه بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي السوشيال ميديا من مروجي الإشاعات النجم الطارق المذكور في القرآن الكريم "وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ النَّجْمُ الثَّاقِبُ" سورة الطارق من آية 1 إلى 3
وأن ظهوره ينبأ ويعد إنذار لبدء حدوث كوراث طبيعية وأننا علي مشارف نهاية العام وقيام الساعة وربط الكثيرون بين ظهور المذنبات وحدوث الكوارث .
وجاء الرد العلمى على هذا من خلال الدكتور جاد القاضي رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، بأن الأقاويل التي انتشرت مع ظهور المذنب الأخضر، وأنه كان السبب في تغير دوران الكرة الأرضية، وأنه مع توقف دوران اللب الداخلي للكرة الأرضية وتغير اتجاهها كان السبب في كثرة حدوث الزلازل وإننا علي مشارف نهاية العالم وقيام الساعة وأن المذنب الأخضر هو النجم الطارق وهو المتسبب في حدوث زلازل كل هذا غير صحيح بل تخاريف.
وأوضح أنه لا يمكن لأي شخص أن يتنبأ بالزلزال، وأن التنبؤ بالزلازل غير موجود، ولكن يوجد توقع له وتقدير احتمال وقوع زلازل وتقييم مخاطره في منطقة ما من العالم بدراسة حركة الصفائح، والتاريخ الزلزالي لهذه المنطقة، ونستطيع أن نعرف أن هذه المنطقة ستشهد زلزالا في المستقبل، ولكن يظل تحديد اليوم وساعة حدوث الهزات الأرضية أمر غير ممكن وأن جميع الزلازل التي حدثت جاءت جميعها من مناطق متوقع حدوث زلازل فيها بشكل دوري وهذا أمر طبيعي، وأنه كلما زاد عمق مركز الزلزال كلما زادت الدائرة الجغرافية
للشعور به.
كما حدثت حالة من القلق والتوتر بين سكان الإسكندرية من حدوث زلزال بالاسكندرية أو تسونامي نتيجة زلازل تركيا تؤدي إلى غرق المحافظة مع خروج بعض التحذيرات التركية من حدوث تسونامي قد يغرق عروس البحر المتوسط، وتلقفها مروجى الشائعات كالعادة ليعظّموا من شأن هذه الإشاعة خاصة حين حدوث هبوط أرضي وشروخ وانشقاق في رصيف منطقة كورنيش سيدي بشر مما أثار رعب أهل المدنية ودعاهم لتصديق الإشاعات اعتقادًا بأنها بداية لحدوث زلزال بالإسكندرية .
ثم جاء الرد العلمى من خلال الدكتور جاد القاضى رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، ليؤكد عدم حدوث أي غرق لأي مدينة مصرية وأنه من المستبعد حدوث أي موجات تسونامي علي المدن الساحلية وأنه بالفعل كان هناك إنذار أولي بإمكانية حدوث أمواج تسونامي ولكن سرعان ما تم التأكيد على أنه من غير المتوقع حدوث أمواج تسونامي لاحقة
وتم إلغاء الإنذار الذي كان قد خرج مع زلزال تركيا، وأنه لا خوف من وقوع تسونامي بعد مرور كل هذا الوقت على زلزال تركيا.
وأوضح أن تحذير تركيا من خطورة وجود تسوماني بسبب اعتقادها أن مصدر الزلزال من البحر المتوسط، وعادة ما تكون زلزال البحار والمحيطات يتبعها تسوماني، ولكن الزلزال لم يكن مصدره البحر، ونوه إلي أن لا توجد خسائر في مصر جراء حادث زلزال تركيا .
كما انتشرت خلال شهر يناير وحدوث أمطار وسيول غير مسبوقة بالمملكة العربية السعودية تفسر حديث عن الرسول صلى الله عليه السلام من زاوية واحدة وتفسير غير علمى بقرب قيام الساعة.
روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يكثر المال ويفيض حتى يخرج الرجل بزكاة ماله فلا يجد أحدًا يقبلها منه وحتى تعود أرض العرب مروجًا وأنهارًا».
وتركوا الجزء الأول من الحديث التى يتعارض مع رؤيتهم بالطبع حيث أن مستوى الفقر فى البلاد يزيد ومساحة الذكاة أصبحت متسعة لكثرة المستحقين لها ولكنهم تغاضوا عن هذا الجزء من الحديث لغرض فى أنفسهم
ونأتى للجزء الآخر وهى تحول أرض الجزرة لمروج خضراء فقد فسروا ظاهرة طبيعية تحدث فى أى موقع وتحدث فى سيناء نتيجة الأمطار الغزيرة والسيول تتكون مساحات من البحيرات العذبة وتتحول الصحراء إلى اللون الأخضر وهذا ما حدث بالجزيرة العربية.
أمّا التفسير العلمى الحقيقى لتحول الجزيرة العربية لمروج خضراء فقد حدث أن مرت الجزيرة العربية في خلال الخمسة وثلاثين ألف سنة الماضية بسبع فترات مطيرة تخللت ثماني فترات جافة وتمر حاليًا بالفترة الثامنة منها ولم تكن فى أى فترة من هذه الفترات إشارة أو علامة من علامات الساعة الصغرى.
وقد أدرك علماء الأرض منذ قرن ونصف القرن تقريبًا أن أرضنا قد مرت بعدد من دورات زحف الجليد على اليابسة تعرف باسم الدورات الجليدية، يتحرك خلالها الجليد من أحد قطبي الأرض في اتجاه خط الاستواء، وينحسر في عدد من المرات في الدورة الواحدة، وقد وضعت نظريات عديدة لتفسير كيفية دخول الأرض في هذه الدورات الجليدية، تتلخص في نقص كمية الطاقة الشمسية الواصلة إلى كوكبنا نتيجة للتغيرات الدورية في شكل مدارها حول الشمس وأيضًا زحف القارات عبر المناطق المناخية المختلفة كنتيجة حتمية لتحرك ألواح الغلاف الصخري للأرض.
وفي أثناء الزحف الجليدي على اليابسة تتحول البلاد في مناطق خطوط العرض العليا إلى صحارى جليدية قاحلة تموت فيها النباتات، وتهرب الحيوانات وتتحول الأحزمة الصحراوية إلى منطقة مطر غزير، وفي أثناء هذه الدورات المطيرة شقت كل الأودية الجافة التي تنتشر في صحارى تلك المنطقة اليوم، لتصبح أنهارًا متدفقه في القديم ثم جفت مع تناقص كمية الأمطار، فهذه الأودية الجافة لا يمكن أن يكون سبب شقها عاملًا غير المياه الجارية.
وذكر الدكتور فهد بن محمد الكليبى المتخصص في مناخ المملكة العربية السعودية إن تفسير قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن جزيرة العرب ستعود مروجًا وأنهارًا كما كانت سيكون، والله أعلم من خلال تذبذب ميل محور الأرض من 22.1 إلى 24.5 درجة خلال دورة تبلغ في متوسطها حوالي 40,000 سنة، وهو في هذا الزمن 23.5 درجة وهذا الميل للمحور الأرض يمكننا حاليًا من تحديد الفصول الأربعة حيث يكون حاليًا الانقلاب الشتوي في 21 ديسمبر والانقلاب الصيفي يكون في 21 يونيو، أمّا الاعتدال الربيعي فيكون في حوالي 20 مارس، بينما يحدث الاعتدال الخريفي في 23 سبتمبر.
ويتراوح ميل المحور بين 22.1 و 24.5 درجة ، وكلما قلّ الميلان أصبح الفرق بين الصيف والشتاء قليلًا ويصبح الصيف أقل حرارة والشتاء أقل برودة، وعندما يبلغ الميلان 24.5 تكون الفروق بين الفصلين كبيرة ويصبح الصيف عالي الحرارة والشتاء عالي البرودة والأمطار - والله أعلم - ستكون أغزر لتوفر آلية الرفع الاستوائية صيفًا وبذلك تتحول جزيرة العرب مروجًا وأنهارًا كما قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم لتحول الجزيرة العربية للمناخ الاستوائي.
وبذلك فإن كل الإدعاءات عن علامات صغرى لقيام الساعة ليس لها أساس على علمى وهى مجرد خرافات، فالله سبحانه وتعالى حدد خمس أشياء لن يعلمهم إلا هو كما جاء فى سورة لقمان آية 34 " إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ" وحاول بعض العلماء بفهمهم تكذيب هذه الآية بأنهم عرفوا ما فى الأرحام إذا كان ذكرًا أو أنثى لعدم فهمهم المعزى الحقيقى لعلم الله ما فى الأرحام وهوعلمه الكامل عن هذا المولود متى يولد ومتى يموت ومكنونات حياته كلها والتى ستطبع له فى شريط يراه أمام عينيه أثناء احتضاره وعودة الروح إلى بارئها.
وبذلك فمن المستحيل على أى شخص معرفة ميعاد الساعة أو اقتراب ميعادها وهى حكمة إلهية حتى يستمر الإنسان فى العطاء حتى آخر لحظة فى حياته، وقد جاء فى الحديث الشريف ( إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا ) أى لا يمنعكم قرب قيام الساعة من العمل والسعي في الأرض وعمارتها، وإذا يئست من ثمرة العمل أن تحصّلها ؛ فلا تترك العمل، عسى أن تنفع ثمرته غيرك فلا يقتصر همك في الحياة على مجرد حاجاتك ولكن اعمل لك ولمن بعدك.
أمّا الكوارث الطبيعية من زلازل وبراكين وحرائق وغيرها فهى رسائل تخويف للناس بأنهم ليسوا آمنين من الله بل آمنين مع الله والتخويف ليس المقصود به الرعب ولكن العظة كما جاء فى سورة الإسراء آية 59 " وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا" ولكن من يركبون الأحداث والتريند يحولون هذا التخويف إلى رعب وإرهاب ونشر نغمة يأس لدى البشر.