اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

إعادة افتتاح جامع الحاكم بأمر الله بعد أعمال الترميم

 إعادة افتتاح جامع الحاكم بأمر الله بعد أعمال الترميم





كتب - د . عبد الرحيم ريحان


أفتتح اليوم مسجد الحاكم بأمر الله التاريخي بعد أعمال تجديد، وبدأ مشروع الترميم عام 2017 بميزانية تصل إلى 85 مليون جنيه.



وأوضح الدكتور أبو بكر عبد الله القائم بأعمال قطاع الآثار الإسلامية والقبطية خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "صباح الخير يا مصر" على القناة الأولى والفضائية المصرية أن هذا الجامع ثاني أكبر مساحة موجودة في المساجد الأثرية القائمة بعد مسجد أحمد بن طولون، وتم عمل إضافات لهذا المسجد على مدار عقود كثيرة جدا للفترات اللاحقة للمسجد، وحدثت أعمال ترميمات في السبعينيات وافتتحه الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، وتعرض لتدهور شديد بسبب المياه الجوفية، وبدأ مشروع الترميم في عام 2018 لتطويره لنزع الرطوبة من الجدران والدعامات الموجودة في المسجد وشبكة تهوية كاملة للحوائط الموجودة وغيرها من أعمال الترميم، كما تم عزل الأسقف الخشبية وإعادة دهانها.





وأشار الخبير الآثارى عماد عثمان مهران المتخصص فى الآثار الإسلامية وذو الخبرة الطويلة فى العمل الأثرى والإشراف على أعمال الترميم بالقاهرة الإسلامية والذى أهدانا 60 صورة توضح تاريخ الجامع زمن الحملة الفرنسية ولجنه حفظ الآثار العربية القديمة، إلى تاريخ الجامع جامع الحاكم  380-403 هـ

990- 1013م.





شرع الخليفة الفاطمى العزيز بالله فى إنشاء هذا الجامع سنة 380 هـ، 990م وأتمه ابنه الحاكم بأمر الله ثالث الخلفاء الفاطميين بمصر سنة 403 هـ، 1013م وسمى باسمه، وهو ثانى الجوامع الفاطمية بالقاهرة، وكان موقعه فى بادىء الأمر خارج أسوارها الأولى إلى أن جاء بدر الجمالى فأدخله فى حدود المدينة وأقام سورها الشمالى - بين بابى النصر والفتوح - ملاصقًا لواجهته الشمالية.



وفى سنة 702 هـ ، 1302/ 1303م حدث زلزال أدى إلى سقوط قمتى مئذنتى الجامع وتداعى مبانيه فقام الأمير بيبرس الجاشنكير بناءً على أمر الناصر محمد بن قلاون فى سنة 703 هـ، 1304م بتجديدهما وتقويم ما تداعى من عقوده. 



ومازال أثر هذا التجديد باقيًا إلى الآن ممثلًا فى قمتى المئذنتين الحاليتين وفى بعض عقود رواق القبلة التى تتميز عن العقود الأصلية بأنها على شكل - حدوة الفرس - على حين أن الأخرى عقود مدببة، وفى الشبابيك الجصية التى بقاعدة القبة فى أعلى المحراب ثم فى كتابة تاريخ هذا التجديد فى أعلى وجهة المدخل الرئيسى.



ومنذ ذلك الوقت لا يوجد ما يدل على حدوث إصلاحات جدية فى هذا الجامع  على أن ما بقى من معالمه الأثرية كفيل بأن يعطينا فكرة صحيحة عما كان عليه هذا الجامع من روعة وجلال.





ويوضح الخبير الآثارى عماد عثمان مهران أن رواق القبلة احتفظ بكثير من معالمه القديمة منها المجاز الأوسط بعقوده وأكتافه والقبة المقامة أمام المحراب  والعقود الأخرى التى على جانبى المجاز المذكور.



كما أبقى الزمن على بعض عناصره الزخرفية ممثلة فى طراز الكتابة الكوفية المحفورة فى الجص أسفل السقف وبمربع قاعدة القبة وفى الشبابيك الجصية المفرغة بأشكال زخرفية جميلة تتخللها كتابة كوفية ورسومات هندسية، كذلك الزخارف المحفورة بالأوتار الخشبية التى تربط أرجل العقود بعضها ببعض.






وقد ساهمت البقايا الأثرية التى لا تزال قائمة إلى اليوم فى إعادة الجامع على غرار تخطيطه وقت إنشائه، تخطيط الجامع من صحن مكشوف تكتنفه أربعة أروقة مسقوفة يشتمل رواق القبلة على خمسة صفوف من العقود المحمولة على أكتاف مستطيلة القطاع استدارت أركانها على هيئة أعمدة ملتصقة ويشتمل كل من الرواقين الجانبيين على ثلاثة صفوف، أمّا الرواق المواجه لرواق القبلة فيشتمل على صفين فقط، ويتوسط رواق القبلة مجاز مرتفع ينتهى بقبة أمام المحراب وفى طرفى جدار القبلة أقيمت قبتان جددت رقبة الجنوبية منهما ولم يبق من الأخرى سوى ركن واحد من أركانها، أما المحراب الأصلى فلم يبق منه غير تجويفه، وقد نقلت إدارة الآثار العربية الكسوة الرخامية التى كسا بها السيد عمر مكرم هذا المحراب سنة 1223 هـ=، 1808م عندما اتخذ جزءًا من رواق القبلة زاوية للصلاة - إلى محراب آخر عملته الإدارة فى جدار القبلة على يمين المحراب الأصلى كما هدمت الباب الحجرى لهذه الزاوية وأعادت بناءه فى صحن الجامع.





وتبلغ مساحة الجامع من الداخل 113 فى 120 مترًا تقريبا، وكان له عدة أبواب عدا المدخل الرئيس الواقع فى منتصف الوجهة الغربية أهمها بابان على يمين هذا المدخل وآخران على يساره وباب يتوسط كلا من الجدارين البحرى والقبلى كما كان له زيادة تقع أمام الوجهة القبلية شغلت على مر الزمن بأبنية حديثة.



و ينوه الخبير الآثارى عماد عثمان مهران بأن جامع الحاكم بأمر الله يتشابه مع جامع ابن طولون فى مادة البناء فكلاهما مبنى بالطوب فيما عدا الحوائط الخارجية لجامع الحاكم فإنها مبنية بالثلاثات، كما يتشابهان فى شكل الأكتاف الحاملة للعقود وفى طراز الكتابة الكوفية المحيط بدائر السقف مع اختلاف فى المادة ففى جامع ابن طولون طراز من الخشب وفى جامع الحاكم طراز من الجص، أمّا المجاز القاطع لرواق القبلة فى منتصفه والقبة المقامة أمام المحراب فإننا نشاهد مثيليهما فى الجامع الأزهر، كما كان للقبتين الواقعتين فى طرفى جدار القبلة نظيرتان فى الجامع المذكور.





وهناك ميزة عمارية انفردت بها الوجهة الغربية لجامع الحاكم إذ يتوسطها ويبرز عن سمتها بناء حجرى يتألف منه المدخل الرئيس للجامع ، وهذه الظاهرة العمارية لا مثيل لها إلا فى جامع المهدية المنشأ فى أوائل القرن الرابع الهجرى - أوائل القرن العاشر الميلادى - وقد شوهدت بعد ذلك فى جامع الظاهر بيبرس البندقدارى بميدان الظاهر.



وتنتهى هذه الوجهة شمالًا وجنوبًا ببرجين يتكون كل منهما من مكعبين أجوفين يعلو أحدهما الآخر السفلى من عصر بناء الجامع والعلوى من عمل بيبرس الجاشنكير، وتقوم فى البرج الشمالى مئذنة أسطوانية كما تقوم فى البرج الجنوبى مئذنة أخرى تبدأ مربعة وتنتهى مثمنة. وهاتان المئذنتان مبنيتان من الحجر ومحتجبتان داخل البرجين لا يرى الإنسان منهما من الخارج سوى الجزء العلوى المجدد من كل منهما. ويحلى بدنى المئذنتين والمدخل الرئيس زخارف وكتابات كوفية محفورة فى الحجر كما يحلى جدار البرج الجنوبى من الخارج طراز رخامى محفور فيه بالخط الكوفى آيات قرآنية بلغ الفن الزخرفى فيها جميعًا شأنًا عظيمًا يدل على مبلغ ما وصل إليه هذا الفن فى عهد الحاكم بأمر الله.

google-playkhamsatmostaqltradent