اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

وسم الإبل فى البادية لتمييز الأملاك والترابط الإجتماعي

 وسم الإبل فى البادية لتمييز الأملاك والترابط الإجتماعي 





كتب د-عبد الرحيم ريحان



الوسم في اللغة هو أثر الكي والجمع وسوم والسمة والوسام ما وسم به البعير من ضروب الصور ويقال لمن علي وجهه علامة الحسن وسيم أي كأنه وسم بالحسن وتسمي أيضًا في اللغة نارًا والنار السمة ونرت البعير جعلت عليه نارًا وما به نورة أي وسم ومن هذا المنطلق كانت دراسة الدكتورة زينب منسى الباحثة فى التاريخ الإسلامى عن وسم الإبل عند العرب

وتشير الدكتورة زينب منسى إلى أن الوسم ليس مجرد وسيلة لتمييز الأملاك وحفظ الحقوق ولكنه تقليد عربي قديم يعبر عن شعارات القبائل وكذلك فإن الوسم من دلائل وحدة النسب والترابط الاجتماعي فالقبيلة مهما هاجرت تحتفظ بوسم إبلها ومواشيها فلاعجب أن تجد وسم لإبل في مصر أو شمال إفريقيا متطابق مع وسم في الجزيرة العربية أو اليمن وبذلك فأن هذا الوسم دليل علي امتداد نسب تلك القبائل العربية علي مستوي الوطن العربي .

وتضيف الدكتورة زينب منسى أن الوسم عادة يكون عبارة عن رمز أو علامة أو خط مستقيم أو خط معقوف أو دائرة يوضع علي الحيوان عن طريق الكي أو القطع  ويوضع الوسم غالبا في الفخذ أو الخشم أو الأذن أو الرقبة أو أسفل فم الحيوان  والوسم يكون علي الجانب الأيمن للأبل وبالنسبة للملاك أما اذا كان هناك راعي فالراعي عند العرب لايتقاضي أجرًا وإنما يتملك من كل 18 ناقة جمل واحد فتكون وسمته علي الجانب الأيسر وتسمي وسم الرعاة .

وتوضح أن العرب حرموا وسم الحيوان فى وجهه وقد تتفق القبيلة علي وسم جديد أو تختار عائلة وسم مغاير لقبيلتها اذا انصرفت عنها ويسمي وسم القبيلة الرئيسي (سلطان السمة ) أو (سمة الجد ) التي يضعها كل أفراد قبيلة علي إبلهم أما وسم (العزيلة ) أو (الشاهد ) ويقصد بها تلك العلامة الفرعية التي يميز كل فرع من القبيلة عن الآخر ثم يأتي بعد ذلك الوسم الثالث وهو وسم المالك الفردي وبذلك تحوي كل ناقة ثلاث أوسمة  تكون تلك الأوسمة بمثابة عقد ملكية .

وتسمي أدوات الوسم الميسام وهي قطعة الحديد المحمية أو السكينة المدببة الحادة أما عن ميعاد وسم الإبل فغالبًا ما يكون في وقت الليل أو الفجر خصوصًا في مواسم الصيف وذلك منعًا للإلتهاب والمساعدة علي جفاف الوسم بسرعة ولا توسم الإبل الا عند عمر سنة حيث أنها تبدأ في الاستقلال عن الأم وتخرج الرعي وحدها .ويجب أن يكون الواسم صاحب خبرة فليس كل راعي مهما كان ماهرًا واسمًا .

وتعددت أشكال الوسم عند العرب ومنها  (المشعاب ) وهو عبارة عن حرف بشكل أفقي أو نقول عصا ولها يد مستقيمة من أحد الجوانب والباقورة وهي خط مستقيم بنهايته نصف دائرة أو هلال  يرمز للقوة والحكمة والمكانة الاجتماعية والحلقة وهي دائرة تشبة رقم خمسة ولكنها مفتوحة من أحد جوانبها وهي تشبة الحلق والعامود (السطاع ) وهو خط عمود أفقي ويسمي بعمود بيت الشعر عبارة عن مطرق أفقي طويل جدًا وأكثر ما يكون العمود علي الفخذ ولأنه طويل يأخذ كل الفخذ من أعلي الفخذ حتي أسفله ويأتي في العنق وينطبق وصف العمود علي وسم عربي قديم يعرف باسم السطاع إذ أن السطاع سمة في العنق بالطول والسطاع كذلك عمود البيت والهلال وسم علي شكل الهلال يأتي هلالًا يمنًا ويسارًا أو علويًا أو سفليًا والهلال من الوسوم العربية المعروفة لديهم منذ القدم والمغزل وهوعبارة عن وسم يشبه عصا المغزل يوسم في الفخذ والرقبة  والحية أو الأفعي وهو وسم ملتو يشبة رسم الأفعي يوسم في الفخذ أو العنق ويرمز للقوة والحماية والشيطان وهو عبارة عن وسم الحية فوقه مطرق ويشبه حية الكوبرا ويرمز للقوة والانقضاض والهجوم ويوسم علي الفخذ إلي العرقوب والبرقع وهو وسم عبارة عن حلقتان متوازيتان بينهما مطرق عمودي ويوسم في فخذ البعير والعنق كذلك وارتبط هذا الوسم بفرسان العرب وروسائهم للحماية من العين والحسد والبرثن (رجل الطائر /الوضراء ) وهو وسم عبارة عن شكل مطرق عمودي يخرج من نهايته ثلاثة خطوط متساوية الطول علي شكل برثن (مخلب ) الطائر ويسميه العرب برجل الطائر أيضا ويرمز للشوكة والقوة .

وانعكست وسوم العرب علي تراثهم الثقافى فقد ورد ذكر أوسمة الإبل فى الأشعارالعربية  فالعربى لديه ارتباطًا وثيقًا بالإبل والمرعي ومن تلك الأشعار ماورد فى تراث ترهونة

يحن الله ربى نشتكى له بديتى جرب واكثرها غفال

لاجلام ولاوسام ميله لاطلاى يفتل فى الحبال .

وقد أشارت الدكتورة زينب منسى إلى قصص كثيرة وردت عن العرب مرتبطة بالوسوم تعرض لها المحكم وشيخ العرب الصاوى بو مطير وهى أنه كان لاثنين من رعاة العرب ناقتين ولكل ناقة منهم قاعود فخرجت النوق للرعي مع صغارها وغابوا عن مضارب القبيلة لفترة طويلة وتم العثور بعد ذلك علي الناقتين ولكن كان معهم قاعود واحد فقد نفق الثاني وأرضعت الناقتين القاعود المتبقي فارتبط القاعود بالناقتين وهنا كان الخلاف بين أصحاب الناقتين فادعي كل منهم ملكيته للقاعود المتبقي لارتباط القاعود بكل من الناقتين من جهة ولعدم وسمه من جهة أخري وتطور الأمر وكاد أن يصل إلي حد الاقتتال وهنا كانت حكمة المحكم العربي في أنه أمر باحضار الناقتين والقاعود فأطلق القاعود في البحر وتقدم القاعود في مياه البحر تقدمت ناقة خلفه إلي حد معين ورجعت أما الأخري فاخترقت المياه محاولة الوصول إلي القاعود دون تردد وهو ماعتبره المحكم انه دلالة الأمومة وتم الحكم باستلام صاحب الناقة الأم  للناقة والقاعود وتم الحكم عليه بوسم جميع الإبل الصغيرة


google-playkhamsatmostaqltradent