مصطفي أمين و المخابرات
كتبت : زينب مصطفى
توأم الصحافة المصرية مصطفى و علي أمين أتولدوا في 21 فبراير سنة 1914
و كان أبوهم " أمين أبو يوسف" محامي
و سياسي كبير. و أمهم بنت أخت الزعيم " سعد زغلول" السيدة : " رتيبة". و بسبب صلة القرابة دي أثرت الحياة السياسية بشكل كبير علي حياة الطفلين مصطفى
و علي أمين لأنهم كبروا و أتربوا في بيت الأمة مع الزعيم "سعد زغلول".
بيحكي مصطفى أمين : أول ما فتحت عنيا كان علي ثورة 1919 في بيت الأمة
و سمعت حكايات الثورة من الزعيم
" سعد زغلول" و شوفت المعارك بين المصريين و الانجليز أمام بيت سعد زغلول و جرحي و مصابي ثورة 1919 كانوا بيتعالجوا في بيت الأمة. و كان عمري 5 سنين و تأثرت جدا بالثورة و كانت حكايات الثورة بالنسبالي هي حواديت قبل النوم للأطفال.
سافر مصطفى أمين لأمريكا عشان يكمل دراسته بعد تخرجه في كلية الحقوق
و ألتحق بجامعة (جورج تاون) و درس العلوم السياسية لأن أبوه رفض إنه يدرس صحافة.
و حصل علي الماجستير في العلوم السياسية مع مرتبة الشرف الأولي عام 1938.
و رجع مصر و عمل كمدرس لمادة الصحافة بالجامعة الأمريكية لمدة 4 سنين.
و أكيد مصطفى أمين كون علاقات
و صداقات مهمة مع الأمريكان في فترة دراسته بأمريكا.
و لأن الصحافة كانت العشق الأول لمصطفي أمين و أخوه علي فبدأوا العمل في الصحافة و هما أطفال لما أصدروا جريدة " الحقوق" إللي كتبوها بالقلم الرصاص و كان محتواها
أخبار بيتهم و ضيوفهم و أمهم و الشغالة و الطباخ و كان عمرهم 8 سنين و بعدها أصدروا مجلة " التلميذ" عام 1928 و كانوا بيهاجموا الحكومة و سياستها فتم تعطيل إصدارها
فأصدروا مجلة " الأقلام" و تم تعطيل إصدارها هي كمان.
أنضم مصطفى أمين للعمل بجريدة " روز اليوسف" عام 1930 و بعدها بسنة أتعين نائب لرئيس تحريرها و هو لسه طالب في الثانوية.
و بعدين أتنقل لمجلة " أخر ساعة" و إللي أسسها "محمد التابعي" و أختار مصطفى أمين أسم "أخر ساعة" للمجلة.
مصطفى أمين كان بيعشق الصحافة
و بيتصيد الأخبار و ينشرها في المجلة
و كان عنده إصرار و سعي وراء الخبر في أي وقت و أي مكان.
أصدر مصطفى أمين عدد من المجلات
و الصحف منها :
"مجلة الربيع" و " صدي الشرق" و غيرها
و كانت الحكومة بتوقف أصدرها لأنها كانت بتنتقد سياستها.
كان مولد جريدة " أخبار اليوم" عام 1944 و أسسها مصطفى و علي أمين و دا كان حلمهم إللي أتحقق.
بعد إستقالة مصطفى من مجلة " الأثنين" و إعلانه عن رغبته في إمتلاك دار صحفية تكون شبة دور الصحف في أوروبا.
و بعد نجاح " أخبار اليوم" أشتري مصطفى و علي أمين مجلة " أخر ساعة" عام 1946 من" محمد التابعي" أستاذهم في عالم الصحافة.
و إن كانت الصحافة هي
( صاحبة الجلالة) فأن " محمد التابعي"
هو ( صاحب الجلالة) في بلاط صاحبة الجلالة.
مصطفى أمين كان له دور وطني في العدوان الثلاثي علي مصر أكتوبر 1956 بمساعدة الصحفي الوطني
" مصطفى شردي " كان شردي داخل بور سعيد بيصور أفلام و صور بتفضح بشاعة العدوان الثلاثي و أتسلل بالليل في ملابس صياد و غاص في بحيرة المنزلة و وصل لدار " أخبار اليوم" في الفجر و سلم أفلام الدمار و العدوان لمصطفي و علي أمين
و بأمر من الرئيس جمال عبد الناصر حمل مصطفى أمين الصور النادرة و طار بيها ووزعها علي كبري صحف العالم لتنشر علي صفحاتها الأولي و تفضح بشاعة العدوان الثلاثي من أنجلترا و فرنسا و أسرائيل علي الشعب المصري
و تتدخل الرئيس الأمريكي وقتها " دوايت أيزنهاور" و أمر بوقف العدوان الثلاثي علي مصر.
أما عن القضية إللي أتهم فيها مصطفي أمين أنه جاسوس بيشتغل لحساب المخابرات المركزية الأمريكية و أنه كان بيقابل الجاسوس الأمريكي " بروس أوديل" في بيته بالقاهرة و بيته بالإسكندرية. دافع مصطفى أمين عن نفسه و قال إنه كان مكلف من الرئيس جمال عبد الناصر بالاستمرار في الإتصال بالولايات المتحدة و كانت القيادة السياسية المصرية بتمده بالمعلومات إللي هيوصلها للامريكان مقابل المعلومات إللي هيحصل عليها منهم و ينقلها للرئيس جمال عبد الناصر.
و لما ساءت العلاقات بين مصطفى أمين
و الرئيس عبد الناصر و غيره من القيادات قبضوا عليه و حاكموه بتهمة التخابر مع دولة أجنبية و صدر الحكم عليه بالمؤبد
و قضي مصطفى أمين 8 سنين و نص في السجن و أرسل ملف للرئيس جمال عبد الناصر بيعترف فيه بتفاصيل مقابلاته مع الأمريكان و أنه كان يعمل مع الأمريكان بعلم القيادة السياسية لصالح مصر و كانت الرسالة الشهيرة ( برسالة الإعتراف).
و بعت جواب للمدعي العام الاشتراكي "مصطفى أبو زيد" في عهد الرئيس السادات لإعادة محاكمته و بعد التحقيقات تأكد المدعي العام الاشتراكي من براءة مصطفى أمين من تهمة التخابر
و أصدر الرئيس السادات قرار العفو عن مصطفى أمين و إسقاط جميع التهم الموجهة إليه بعد الأنتصار في حرب أكتوبر و خرج مصطفي أمين من السجن عام 1974 و رجع لمكتبه بأخبار اليوم.
صلاح نصر مدير المخابرات في عهد الرئيس عبد الناصر
قال في كتابه " عملاء الخيانة و حديث الأفك" الصادر عام 1975 أن مصطفى أمين كان جاسوس فعلاً و شرح بالتفصيل علاقة الصحفي الكبير بالمخابرات المركزية الأمريكية و الأكتر من كدا أن صلاح نصر قال أن جهاز مكافحة التجسس كان بيحتفظ بملف لمصطفي أمين حول علاقته بالمخابرات الأمريكية حتي قبل ثورة يوليو 1952.
و أن حب مصطفي أمين للحصول علي المعلومات هو سبب التنافس بينه وبين أجهزة المخابرات ليوصم نشاطه بالأستخباراتي.
تقدم المحامي " عبد الحليم رمضان" عام 1974 بدعوى بإتهام صلاح نصر بتعذيب مصطفى أمين و أخرين في السجن لأجبارهم علي الإعتراف بجريمة التخابر
و بالفعل حكم علي صلاح نصر بالاشغال الشاقة لمدة عشر سنين و دفع تعويضا بالحق المدني لمصطفي أمين قدرة 51 جنية علي سبيل التعويض المؤقت.
و حسب رواية الأستاذ " محمد حسنين هيكل" في كتابه
( بين الصحافة و السياسة) أنه قدم مصطفى و علي أمين لمجلس قيادة الثورة و بعدها بأسابيع قابل هيكل الرئيس عبد الناصر في مكتبه و قاله عبد الناصر أن صديقك مصطفى أمين راجل نشيط الحقيقية و أنه ظابط مخابرات من الدرجة الأولى و فتح عبد الناصر درج مكتبه
و خرج ملف كبير عن مصطفى أمين فيه معلومات و تقارير و حكايات و مقابلات مع سياسين من أيام عصر الملك فاروق
و دبلوماسيين و صحفيين أجانب
و معلومات عن مناورات بتحصل في دور الصحف و الأحزاب و كله مكتوب بأسلوب مشوق و جذاب و قال عبدالناصر : أنا عارف إنه بينقل أخبار من هنا لهناك
و من هناك لهنا و دا مفهوم لكن القضية هي لمين ولائه في النهاية لهنا و لا لهناك.
و قال عبد الناصر : أن مؤسسة
" أخبار اليوم" بقت وزارة خارجية تحت الأرض.
و كمان حكي الأستاذ هكيل في كتابة
( بين الصحافة و السياسة) محاولاته للتوسط لإخراج مصطفى أمين من السجن و أنه قابل الرئيس عبد الناصر و كان معاه رئيس وزراء السودان " أحمد المحجوب"
و الكاتب اللبناني " سعيد فريحة" لكن الرئيس عبد الناصر رفض الإفراج عن مصطفى أمين.
و لما بنات مصطفى أمين سألوا الأستاذ
" هيكل" هو بابا جاسوس؟
قال : لا أنا متأكد أنه برئ.
و ذكر المستشار " محمد عبد السلام" النائب العام في عهد عبد الناصر في كتابه
( سنوات عصيبة) أن " أحمد المحجوب"
قال في الجواب إللي بعته للمدعي العام الاشتراكي سنة 1971 أن الرئيس جمال عبد الناصر قال لي : ( أنا عارف أن مصطفى أمين مش جاسوس لكن هو زودها قوي) و قال كمان أن صلاح نصر أقترح علي الرئيس عبد الناصر سجن مصطفى أمين كيد في أصحابه الأمريكان.
و قال مصطفى أمين لما أتسال عن الفرق بين إعتقاله في عصر الملك فاروق
و إعتقاله في عهد الرئيس عبد الناصر :
أن إعتقالي في العهد الملكي كان نزهة بالنسبالي فكان بيتم القبض عليا الصبح
و أتعرض علي القاضي بعد الظهر و يفرج عني في المساء. و اتقبض عليا في العهد الملكي عام 1951
21 مرة. أما القبض عليا و إعتقالي في عهد الثورة أتحبست 8 سنين و نص و هو دا كان الفرق.
و حكي مصطفى أمين و قال :أن حياتي في بيت الأمة مع سعد زغلول جعلتني قريب من عمالقة الفن. و أذكر لقائي الأول مع أم كلثوم عام 1925 لما زار مصر أحد زعماء أفريقيا "علي مبارك مومباسا" و كان أكرم أعضاء الوفد المسجونين في جزيرة سيشيل و أراد "سعد زغلول" أن يكرمه فدعاه للغداء و بعدها طلب من والدي أن يأخذه في نزهة ليلاً فذهبنا لحفلة " أم كلثوم" و كانت ترتدي العقال و التخت يرتدي العمامة و بعد الحفل ذهبنا لنسلم علي "أم كلثوم "و كان واقف بجوارها الشاعر الكبير " أحمد رامي" و كان أستاذي في الترجمة بالمدرسة الابتدائية.
و بيحكي مصطفى أمين أنه لما كان في السجن في عهد عبد الناصر دعاه كبير الأطباء للكشف عليه في عيادة السجن
و همس في أذنه و قاله : ( أم كلثوم بتسلم عليك و بتقولك أنها هتغني أغنية فيها بيتين علشانك)
و أنتظرت حفلة يوم الخميس لأم كلثوم
و غنت الأطلال.
أعطني حريتي أطلق يدي
أنني أعطيت ما أستبقيت شيئا.
و أما لقائه الأول مع عبد الحليم حافظ كان لما جاله حليم بعد حفلته في إسكندرية
و هاجمه جمهور الحفلة و طالبوه بالغناء لعبد الوهاب أو النزول من علي المسرح.
و بيحكي مصطفى أمين أن حليم قالي أنه بيفكر في الانتحار فقلت له يا حليم أنت ناجح لأن الشجرة المثمرة الناس بتلقي عليها الطوب و أنت أثبت أنك مثمر و ناجح و أقتنع عبد الحليم بكلامي. و جمعتنا صداقة قوية و كان حليم يعتبرني بمثابة الأب و يستشيرني في كل حاجة.
و كان عبد الحليم بيأكد دايماً براءة مصطفى أمين من تهمة التجسس و كان بيزوره في السجن و بيدعمه في فترة أعتقاله.
و بيحكي مصطفى أمين عن ظروف كتابة رواية( معبودة الجماهير) و قال : مرة الرئيس جمال عبد الناصر أعطاني أجازة من " أخبار اليوم" و قعدت في البيت
و كتبت قصة (معبودة الجماهير) إللي تحولت لفيلم سينمائي بطولة عبد الحليم حافظ و شادية.
و كتبت فيلم " فاطمة" لأم كلثوم و أخترت أبطال الرواية و المخرج أحمد بدر خان لأنه كان زميلي بالمدرسة. و دي كانت أول و أخر مرة أتدخل في أختيار أبطال رواياتي إللي إتحولت لأفلام سينمائية لأني كنت مبتدأ في مجال الكتابة للسينما.
أكد مصطفى أمين أن الرئيس جمال عبد الناصر كان بيستشير أهل الفكر و لكنه كان بيعمل إللي في دماغه و كان يسمع كويس حتي لو كانت الفكرة مش عجباه.
و أن الرئيس عبد الناصر أستشاره في دخول المرأة الوزارة و طلب منه أختيار أكثر النساء نشاطا في العمل العام من أرشيف " أخبار اليوم" فختار 10 سيدات منهن : ( آمنة السعيد و حكمت أبو زيد و أم كلثوم ورشحها وزيرة للثقافة)
فختار الرئيس عبد الناصر "حكمت أبو زيد" للوزارة.
أتسأل الأستاذ " مصطفى أمين" أين كانت الصحافة أيام هزيمة 1967؟
فقال : الصحافة كانت مكممة كانت تحت الرقابة الشديدة و إذا أراد صحفي أو كاتب ذكر الحقيقية يتم القبض عليه وسجنه من مراكز القوي في عهد الرئيس عبد الناصر.
و عن فكرة مشروع " ليلة القدر " بيحكي مصطفى أمين أنه أفتكر أيام طفولته هو
و أخوه علي و كانوا نفسهم في ( بسكلته) لكن أمهم رفضت لأنها كانت خايفة عليهم
و حاسة أن البسكلته خطر ذي ركوب الطيارة.
و كنا بندعي ربنا يكون عندنا بسكلته
و حوشنا من مصروفنا لمدة سنة و أشترينا البسكلته و خبناها عند الجيران و كل يوم الصبح ناخدها و نركبها و نروح بيها للمدرسة و لما نرجع نخبيها عند الجيران تاني عشان ماما ماتعرفش.
فحبيت أحقق أمنيات الناس الغلابة بمشروع " ليلة القدر" و جالي ألاف الجوابات مليانة بالأمنيات علي مقر الجريدة.
و بدأ مشروع "ليلة القدر" في 15 فبراير 1954 بمقال نشره مصطفى أمين في "أخبار اليوم" جاء فيه :
( في قلب كل إنسان أمنية صغيرة تطارده في حياته و هو يهرب منها إما لسخافتها أو لارتفاع تكاليفها فما هي أمنيتك المكبوته؟
أكتب لي ما هي أمنيتك و سأحاول أن أحققها لك.
سأحاول أن أدلك علي أقصر الطرق لتحقيقها بشرط ألا تطلب مني تذكرة ذهاب واياب إلي القمر)
حقق المشروع نجاح كبير و تم تلبية طلبات ناس كتير.
أتجوز مصطفى أمين و أنجب بنتين هن "رتيبة" و سماها علي أسم أمه و "صفية"
و سماها علي أسم صفية زغلول و كان بيعتبرها أمه التانية لأنه أتربي هو و أخوه علي في بيتها بيت الأمة مع سعد زغلول.
توفي مصطفي أمين في 13 أبريل عام 1997 بعد حياة حافلة ليلحق بتوأمه علي أمين الذي توفي في 3 أبريل عام 1976.
رحم الله توأم الصحافة المصرية مصطفى و علي أمين.