لما بقينا في الحرم
بقلم : د.سوزان سعد
منذ سنوات تمنيت هذه الزيارة وهذه الرحلة ولكن كعادتي أضع نفسي دائماً في مؤخرة الاشياء ولكن ربما كان هذا هو التوقيت المناسب لي .
بدأت الرحلة بالنية والدعاء لكل من يذهب هناك " رجاء أدعو لى بالزيارة " وكلما من الله على بماء زمزم من العائدين شربت المياه وأنا اتمتم اللهم أرزقنى الزيارة .
وبدأت الإجراءات الورقية والأمنية وبدت ولله الحمد ميسرة هاهى تكاليف الرحلة تمت هاهو الباسبور موجود والميعاد كما
اتفقت مع شركة السياحة بعد أمتحانات الدكتوراه فأنا أسعى فى الطريقين ولكن كانت العقبة الاولى ميعاد رحلة الطيران يصادف أخر يوم فى الأمتحانات وعلى الإختيار بأن أترك الأمتحان وأذهب مع المجموعة أو أؤدى الإمتحان وأذهب بمفردى ليلا شعرت وقتها أنه أختبار بأى الأمور ستضحى ، لم يستغرق الأمر كثيرا وكان القرار سأترك الأمتحان وأذهب مع المجموعة فأنا حديثة العهد بالسفر ولا أريد أن تكون البدايات يملؤها الخوف والتوتر .
يوم تلو الأخر حتى جاء الميعاد المحدد وصادف ان يكون أول يوم فى رجب لم أحسب يوم السفر هجريا وفوجئت بأنه مع بداية شهر رجب بداية الأشهر الحرم وكانت بالنسبة لي بشارة بأنها ستكون رحلة مباركة بإذن الله .
أول مرة أسافر خارج البلاد أول مرة أذهب لصالة المطار وأكون أنا من ستسافر ، أستودعت أولادي وأحبائي ودائع الرحمن ثم توجهت بمفردي إلى تكملة الإجراءات وكنت وقتها أكرر داخل نفسي هذه هي بداية الرحلات التي ستخوضيها بمفردك فالعمر تراكمت سنواته ولم يعد في القادم مثل ما سبق ، الطرق القادمة بفردك فلم تبقى صغيرة وحتى يحين اللقاء الأخير والذى سيكون بمفردك أيضا تعودى أن تتحملى المسؤولية دون مساعدة أحد وربما كنت أيضا اليد التى تساعد ، وعلى الرغم من وجودى بمفردى تماما إلا أن معية الله جعلتنى أحس الطمأنينة والأمان والفرحة والرهبة نعم كل تلك المشاعر كانت تمتزج بكيانى وتصاحبنى فى زيارتى .
تحركت الطائرة يالها من فرحة أستيقظ الطفل بداخلى وبدء يدندن " لما بقينا فى الحرم كل الا من حاجة اتحرم ..... وكانت عينى طيلة الطريق خارج النافذة سبحان من أبدع وصور وحقا قوله سبحانة "وما اوتيتم من العلم الا قليلا".
الأن أنا فى الأراضى المقدسة الأن انا ذاهبة إلى أول بيت وضع للناس سأرى بعينى أيات تلوتها كثيرا من القران وسأسمع بأذن أذان سمعتها كثيرا من التلفاز ، هأنا ذا أسأل أين الحرم والرد جاء من الأمن من هنا "حجى" من يوم خطيت الحرم المكى ولم أسمع سواها من الامن والمتطوعين وكل الموجودين فى مكة "حجى" بكسر الجيم ثم تقدمت فى الطريق إذا بها تظهر عروس هى فى يوم زفافها ماأحلاها ما أجملها بالعباءة السوداء المطرزة بالذهب ، ما أبهاها تقف شامخة وسط الرخام ويعلوها أبراج تطل عليها من بعيد وقلبى ولسانى يتمتم " اللهم زد هذا البيت تعظيما ونورا ومهابة وإجلالا " ثم أنظر فوقها وكأننى أرى البيت المعمور فاللهم أرزقنا الجنة ، كم هى متعة النظر إليها متعة فكيف النظر إلى وجهك يا عفو يا كريم ، الطواف حول الكعبة متعة الحجر الأسود الركن اليمانى باب الملتزم والدعاء المستجاب حجر إسماعيل والصلاة هناك ثم مقام إبراهيم وهأنا أقترب من ماء زمزم شربت وشربت وشربت حتى أرتويت ودعوت واعلم أنه دعاء مستجاب ، ثم توجهت إلى السعى لنرى جبل الصفا محاط بالزجاج وأتسلم الحبيبة بيدى وكانها تحاوطنى بجمالها أينما ذهبت لأبدء رحلة السعى وأتذكر السيدة هاجر ورضيعها عليهما السلام وأنا أضع قدمى بقوة على رخام السعى لأثبت "أنا موجودة أنا هنا " فرحة تغمر قلبى وأبسامة تعلو وجهى .
أنتهت المناسك ليعلو أذان الفجر لأصلى أول صلاة لى فى البيت ياله من جمال أن تقف وتصف بين المصليين وتنظر أمامك لترى تلك العروس التى ترتدى ثوبها الأسود المرصع بالذهب فسلام على الحرم وسلام على أهل الحرم وسلام على حمام الحمى الساكن بالحرم .
وننتقل وكلنا أشتياق ولكن هذه المرة إلى المدينة ألى طيبة المكان ملئ بالرحمة كان هذا الشعور يملئنى عندما توجهت للمدينة فهى حقا مدينة الرحمة ويسكن بها رسول الرحمة عليعه أفضل الصلاة واتم التسليم وصاحبية أبو بكر وعمر رضى الله عنهما وصليت بالروضة ودعيت ما شئت وعلى الله القبول ورأيت بيت حبيبى ومنبرة كان هنا ذات يوما رحبت المدينة به ذات يوم بعد أن عاداه أهلة وطردوه ومشى طريق شاق وطويل هربا ممن لم يقدروه أذوه ليعوضه الله بمن يستقبلة هو وأصحابة لتكون بداية حقيقة لدولة الإسلام دولة المواطنة .....
دمتم طيبين أهل طيبة ودامت الإبتسامة تعلو وجهوكم وفى نهاية الرحلة لم يبرح لسانى عن " إن الذى فرض عليك القران لرادك إلى ميعاد" لعلى أرجع هنا قريبا لعلها تكون بداية لزيارات كثيرة قادمة . فاللهم تقبل .