ممفيس وجبانتها تراث عالمي استثنائي باليونسكو
كتب - د . عبد الرحيم ريحان
فى ضوء الاكتشاف العظيم بمنطقة سقارة نكشف عن القيمة العالمية الاستثنائية لمنطقة ممفيس ومقبرتها (ضمنها سقارة) ومنطقة الأهرامات من الجيزة إلى دهشور كممتلك عالمى استثنائى لمصر منذ عام 1979 والتى جاءت قيمتها الاستثنائية من خلال ثلاثة معايير لليونسكو المعيار الأول والثالث والسادس حيث تقف هذه المنطقة شاهدًا فريدًا على معتقدات خاصة بالعمارة الجنائزية فى عهد مصر القديمة واستثنائيًا على حضارة المصريين القدماء ككل، كما اقترنت المنطقة بأحداث كثيرة على مدار تتويج الملوك بممفيس وعلى أحداث إنشاء الأهرامات ومدينة العمال وبمعتقدات الحياة بعد الموت والفكر الجنائزى للأهرامات كمقابر، واحتلت أهمية استثنائية لأول حضارة عرفت على وجه الأرض لأن ممفيس عاصمة مصر من 2700 إلى 2150 قبل الميلاد، ولعبت دورًا بارزًا فى تاريخها حتى العصر الرومانى حتى أن تتويج الإسكندر تم فى ممفيس، أمّا الأهرامات الثلاثة فترجع إلى تاريخ 2500 قبل الميلاد، كما تعد فى حالة حفظ جيدة وهناك صيانة وقائية دورية كما تمثل قيمة استثنائية لما توفره من موارد ناتج الدخل السياحي.
ومنذ تسجيل المنطقة قامت بعثات آثار أجنبية تحت إشراف المجلس الأعلى للآثار وبعثات آثار مصرية باكتشافات هامة بالمنطقة ففى 10 نوفمبر 2018 تم الكشف عن 3 مقابر من الدولة الحديثة و4 مقابر من الدولة القديمة فى سقارة فى موقع كانت تعمل به بعثة آثار فرنسية منذ الثمانينات وتوقفت واستكملت العمل بعثة آثار مصرية صاحبة الاكتشاف، والمقابر كانت تستخدم لدفن القطط التى كانت تعبد ووجد بها قططًا محنطة وكذلك هيكل أسد محنط .
كما تم افتتاح مقبرة ميحو بسقارة بتاريخ 8/9/2018 لأول مرة للجمهور وكان "ميحو" يعمل وزيرًا ومشرفًا على القصر الملكى، ورئيسًا للقضاة فى عهد الملك بيبي الأول، زمن حكم الأسرة السادسة واكتشفت المقبرة عام 1940 وتحتوى على مناظر حملة القرابين، ومناظر لطقوس مختلفة، كما اكتشفت بعثة كلية الآثار جامعة القاهرة برئاسة الدكتورة علا العجيزى يوم 8 مايو 2018 مقبرة كاملة لأحد أكبر قادة الملك رمسيس الثانى بمنطقة سقارة، وعددًا من الكتل الحجرية والتى تكشف الحالة الفنية إبان عصر الملك سيتى الأول، والملك رمسيس الثاني.
وفي نوفمبر 2022 تم العثور على قبر الملكة نيث فى مقبرة سقارة القديمة، وتم اكتشاف هرم يحتوي على 300 تابوت و100 مومياء بالإضافة إلى سلسلة من الأنفاق المترابطة، ومما جعل هذا الاكتشاف مثيرًا للغاية هو أن علماء الآثار لم يكن لديهم أي فكرة عن هوية نيث عندما تم اكتشافها، ولكن سرعان ما اكتشفوا أن اسمها هو نيث وأنها كانت مفقودة تمامًا من السجل التاريخي
علاوة على خبيئة سقارة الشهيرة حين كشفت البعثة الأثرية المصرية العاملة بجبانة الحيوانات المقدسة (البوباسطيون) بمنطقة آثار سقارة عن أول وأكبر خبيئة بالموقع تعود إلى العصر المتأخر، وذلك أثناء أعمال موسم الحفائر الرابع للبعثة بحسب ما كشف عنه الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، رئيس البعثة الدكتور مصطفى وزيري فى مايو2022، وضمت الخبيئة المكتشفة 150 تمثالًا من البرونز مختلف الأحجام لعدد من المعبودات المصرية القديمة منها أنوبيس وآمون مين وأوزير وإيزيس ونفرتوم وباستت وحتحور، بالإضافة إلى مجموعة من الأواني البرونزية الخاصة بطقوس المعبودة إيزيس مثل الصلاصل، فضلًا عن تمثال برونزي للمهندس إيمحتب بدون رأس، واعتبرت "أول وأكبر خبيئة تماثيل برونزية في هذا الموقع للآلهة والآلهات المختلفة منهم حتحور"
كما تمكنت البعثة من الكشف عن مجموعة جديدة من آبار الدفن عثر بداخلها علي مجموعة من 250 تابوت خشبي ملون تعود إلى سنة 500 قبل الميلاد، مغلقة وبداخلها مومياوات بحالة جيدة من الحفظ، بالإضافة إلى مجموعة من التمائم وتماثيل خشبية بعضها مذهب الوجه وصناديق خشبية ملونة.
وقد كشفت أعمال الحفائر داخل أحد آبار الدفن المكتشفة عن تابوت به بردية بحالة جيدة من الحفظ ربما تحتوي على فصول من كتاب الموتى، تم نقلها إلى معامل الترميم بالمتحف المصري بالتحرير للتعقيم والترطيب ودراستها ومعرفة ما تحتويه من نصوص، كما عثرت البعثة أيضا على تمثالين خشبيين ملونين ذو وجه مذهب في حالة جيدة من الحفظ، للإلهتين إيزيس ونفتيس في وضع النائحات، بالإضافة إلى العثور على دفنة من الدولة الحديثة حوالي 1500 ق.م، بها عديد من أدوات الزينة مثل مرآة من البرونز ومجموعة من الأساور والعقود والأقراط ومكاحل بها المراود الخاصة بها وأدوات من النحاس خاصة بالحياة اليومية.
وكانت البعثة الأثرية المصرية قد بدأت عملها بالموقع منذ عام 2018 حيث نجحت في الكشف عن المقبرة الفريدة لكاهن الأسرة الخامسة "واحتى"، بالإضافة إلى سبع مقابر صخرية منها ثلاث مقابر من الدولة الحديثة وأربع مقابر من الدولة القديمة، وواجهة مقبرة من الدولة القديمة، بالإضافة إلى الكشف عن أكثر من ألف تميمة من الفيانس وعشرات من تماثيل القطط الخشبية ومومياوات قطط وتماثيل خشبية ومومياوات لحيوانات.
كما نجحت البعثة في عام 2020 في الكشف عن أكثر من 100 تابوت خشبي مغلق بحالتهم الأولى من العصر المتأخر داخل آبار للدفن، و40 تمثالًا لإله جبانة سقارة بتاح سوكر بأجزاء مذهبة و20 صندوقًا خشبيًا للإله حورس، وقد تم تصنيف هذا الكشف كواحد ضمن أهم عشرة اكتشافات أثرية بالعالم لعام 2020
وفى مايو 2020 كشفت البعثة الأثرية لجامعة "توبنغن" الألمانية برئاسة الدكتور رمضان بدري حسين عن حجرة دفن جديدة أثناء استئناف أعمال الحفر الخاصة بورشة التحنيط في منطقة سقارة التابعة لمركز البدرشين بمحافظة الجيزة. وتتميز الحجرة المكتشفة بأنها تقع داخل بئر يبلغ عمقها 30 متراً، وتجاور 5 غرف دفن أخرى اكتُشِفت عام 2018.
ولعبت الصدفة دورًا كبيرًا في العثور على حجرة الدفن الجديدة داخل البئر، حيث شرع عددٌ من الأثريين والعمَّال في تنفيذ أعمال تنظيف لجدران الحجرات الخمس المكتشفة قبل عامين، وفي أثناء ذلك عثر أحدهم على جدار حجري ضخم عليه بعض الرموز، وبفحصه تبين أنه يخفي خلفه حجرة دفن سادسة تفوق في حجمها الغرف الخمس سالفة الاكتشاف.
وعثر بهذه الحجرة كما أشار الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، على 4 توابيت خشبية أهمها يخص امرأة تُدعى ديدي باستت، دُفنت ومعها 6 أوانٍ كانوبية من الألباستر المميز تضم أحشاء السيدة، على عكس عادة المصريين القدماء الذين كانوا يقومون بتحنيط الرئتين والمعدة والأمعاء في 4 أوانٍ فقط، يحميها 4 آلهة يعرفون باسم أبناء حورس الأربعة.
وأن القراءات الأولية لصور الأشعة المقطعية التي أجريت على الإناءين الإضافيين أظهرت أنهما يحتويان على أنسجة بشرية، ما يشير إلى أن جثمان المرأة أجريت له عملية تحنيط مختلفة عن العمليات النمطية.
وقد تم إجراء بحوث دقيقة لبقايا مواد التحنيط العالقة داخل الأواني الفخارية المكتشفة عبر فريق دولي من الأثريين والكيميائيين من جامعتي توبنغن وميونخ الألمانيتين والمركز القومي للبحوث في القاهرة، وتم التوصل لقائمة جديدة بالمواد التي جرى استخدامها في التحنيط كالزيوت والأصماغ النباتية، إلى جانب مواد أخرى منها القطران وزيت وصمغ خشب الأرز وصمغ شجرة الفستق وزيت العرعر، ومن المعروف هذه المنطقة شهدت قبل عامين اكتشاف ورشة تحنيط كبرى وبرديات تُظهِر عقود التحنيط مع الكهنة وبعض أسسه وأخلاقياته باعتباره مهنة مقدسة ووسيلة للوصول إلى العالم الآخر.
ومن الجدير بالذكر أن ممفيس باركتها العائلة المقدسة حين عبرت إليها من الضفة الشرقية لنهر النيل عند السلم الشهير الموجود حاليًا بكنيسة المعادى ثم اتجهت من ممفيس إلى البهنسا وجبل الطير حتى آخر رحلتها بدير المحرّق بالقوصية
بأسيوط .