الآثار تعلن عن البدء فى مشروع ترميم جامع شاهين الخلوتى بالمقطم
كتب - د . عبد الرحيم ريحان
أعلنت وزرة السياحة والآثار اليوم فى تصريح خاص للعميد مهندس هشام سمير مساعد وزير السياحة والآثار لمشروعات الآثار والمتاحف والمشرف العام على قطاع المشروعات إلى موقع الفجر، أنه يجرى حاليًا دراسة نهائية بشأن إسناد مشروع دراسة ترميم وصيانة جامع شاهين الخلوتي المحفور في سفح جبل المقطم لإحدى الجهات السيادية نظرًا لوضعه الحساس، حيث سيتم البدء في مشروع الترميم فور الانتهاء من الدراسة واكتمال إعدادها للحفاظ على هذا الأثر الهام.
وفى هذا الإطار وكما تقوم حملة الدفاع عن الحضارة المصرية برئاسة الدكتور عبد الرحيم ريحان برصد السلبيات فى قطاع الآثار والسياحة وتقديم الحلول لها فإنها تتابع الإنجازات فى هذا القطاع عن كثب وتكتب عنها وتروج للمواقع الأثرية والسياحية المختلفة طبقًا لتوجهاتها.
ومن أجل هذا تم التواصل مع خبير الآثار الإسلامية والمتخصص فى آثار القاهرة الإسلامية الأستاذ عماد عثمان مهران والذى أهدى الحملة 35 صورة توضح كافة تفاصيل المسجد قبل الترميم.
ويشير الخبير الآثار عماد عثمان مهران إلى تاريخ جامع شاهين الخلوتى الذى بنى عام (945 هـ - 1538 م)، وكانت مصر آنذاك ولاية عثمانية واليها داوود باشا الخصى (945-956هـ )، بناه جمال الدين شاهين لوالده الشيخ الصالح العارف بالله شاهين الخلوتى الذي توفى عام953 هـ
الشيخ الصالح العابد شاهين المحمدى
ولد الشيخ الصالح العابد شاهين المحمدى بمدينة تبريز بإيران في القرن التاسع الهجري إذ لا يعرف تاريخ ميلاده على وجه التحديد، وأمضي طفولته ومعظم شبابه في فارس ثم رحل إلى مصر في عهد السلطان الأشرف قايتباى، وكان ذا همة وشجاعة جميل الخلقة ممشوق القوام فاشتراه السلطان وأصبح من مماليكة الجلبان، وانتظم في جنده.
ولكن حياة المماليك والجندية لم توافق مزاج شاهين ولا طبيعته التي فطر عليها فقد كان منطويًا يحب العزلة ولا يطمئن إلّا إلي صحبة الفقهاء ورجال الدين، فحفظ القرآن والكثير من الأحاديث، فلما عرف السلطان عنه ذلك قربه منه وصار لا يبارح مجلسه ولما طلب منه شاهين أن يتركه ويخلي سبيله لعبادة ربه فعل واعتقه فعاد إلى بلاد فارس وهناك تتلمذ علي يد الشيخ العارف بالله عمر روشنى الموجود بالمدينة، حتى أصبح من أقرب تلاميذه ومريديه إليه، وأخذ عنه الطريق.
ثم رجع إلى مصر وصاحب ولى الله محمد الدمرداش بالعباسية وأصبح من أعز رفقائه ومريديه، ولذلك عرف بشاهين الدمرداشى المحمدى، كذلك أخذ الشيخ شاهين عن الشيخ أحمد بن عقبة اليمنى وحسين جابى المدفون بزاوية الدمرداش
ولما توفي الشيخ الدمرداش ترك العباسية وسكن جبل المقطم وبنى له فيه معبدًا وحفر له فيه قبرًا.
وكان طبيعيًا أن يلجأ الزهاد والمتصوفون إلى جبل المقطم يتخذون من سفحه مقامًا ومن أوديته منامًا بعد أن عرفوا تقديس الديانات السماوية السابقة على الإسلام له، وتكريم المسلمين أيضًا، فقال عنه ابن الزيات:إن جبل المقطم كان أكثر الجبال أنهارًا وأشجارًا ونباتًا، فلما كانت الليلة التي كلم الله فيها موسى، أوحى إلى الجبال، أني مكلم نبيًا من أنبيائى على جبل منكم، فتطاول كل جبل، وتشامخ إلّا جبل الطور بسيناء فإنه تواضع وصغر فأوحى الله سبحانه وتعالى إليه، لم فعلت ذلك وهو به أعلم، قال إجلالًا لك يا رب، فأوحى الله تعالي إلى الجبال أن يجود كل جبل بشئ مما عليه إلا المقطم فإنه جاد له بجميع ما كان عليه من الشجر والنبات والمياه فصار كما ترون أقرع.
قال فلما علم الله سبحانه وتعالى ذلك عنه، أوحى إليه لأعوضنك عما كان على ظهرك لأجعلن في سفحك غراس أهل الجنة وحكى الإمام الليث بن سعد، أن المقوقس سأل عمرو بن العاص أن يبيعه سفح جبل المقطم بسبعين ألف دينار، فكتب بذلك لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب فرد عليه عمر قائلًا: سله لماذا أعطاك ما أعطاك فيه وهو لا يزرع ولا يستنبط منه ماء، فسأل عمرو بن العاص المقوقس عن ذلك
فقال:
إنا نجد في سفحه الكتب القديمة أنه يدفن فيه غراس الجنة، فكتب بذلك عمرو بن العاص إلى أمير المؤمنين
فرد عليه قائلًا:
أنا لا أعرف غراس الجنة إلّا للمؤمنين فاجعلها مقبرة لمن مات قبلك من المسلمين.
و لم يزل الشيخ شاهين مقيمًا في خلوته في جبل المقطم لا ينزل منه نحو ثلاثين سنة، واشتهر وذاع أمره فتردد عليه الأمراء والوزراء لزيارته والتبرك به
وكان كثير المكاشفة قليل الكلام جدًا وفي ذلك يقول الشعرانى: كنا نجلس عنده اليوم كاملًا لا تكاد تسمع منه كلمة، وكان كثير السهر متقشفًا في الملبس معتزلًا عن الناس وظل كذلك حتى توفى سنة 901هـ.
موقع المجامع
يقع المسجد في سفح جبل المقطم بمنطقة الأباجية، يمكن رؤيته للماره على طريق الأوتوستراد نحو قلعة صلاح الدين ومدافن الأباجية، حيث يظهر خلف المدافن منحوتًا في الجبل، وكانت هذه المنطقة تسمى قديما وادي المستضعفين.
معالم الجامع
ينوه الخبير الآثارى عماد عثمان مهران إلى أن الجامع يقع ضمن مجموعة تضم المسجد وضريح وثلاثة قبور أكبرهم لشاهين الخلوتي ثم آخران لجمال الدين شاهين وابنه محمد شاهين، والصعود اليه بمزلقان، باب القبة يعلوه قطعة رخام مكتوب عليها بسم الله الرحمن الرحيم أنشأ هذا الجامع ووقفه العبد الفقير إلى الله جمال الدين عبد الله نجل العارف بالله الشيخ شاهين افتتح عام 945 هـ.
كان بالمسجد أربعة أعمدة من الحجر، وزخرفت القبلة بقطع من الرخام الملون والصدف، وداخل القبة أيضًا مكتوب تاريخ تجديدها عام 1007 هـ، وكان يوجد صهريج مياه (بئر).
حالة الجامع
يتبع الجامع وزارة الأوقاف ومسجل ضمن الآثار الإسلامية ويعتبر أطلال ولم يتبق منه تقريبًا غير المئذنة وقبة الضريح، فهو معرض للانهيار بسبب حالته المعمارية وتآكل التربة الجيرية أسفل المئذنة
وبهذا المسجد ثلاثة قبور، القبر الكبير وهو قبر الشيخ شاهين وبجواره قبر ابنه الشيخ جمال الدين عبد الله والثالث قبر حفيده الشيخ محمد شاهين أو ( شاهين الصغير) وأسفل الجامع مجموعة من الخلاوى الصوفية وميضأة ومرافق اندثر معظمها.
وقد حرص كبار الرحالة الذين وفدوا إلى مصر على زيارة ضريحه رغم مشقة الصعود إلى سفح الجبل كثير الإنحدار ومنهم الرحالة النابلسي .