التراث المصري وتداخل الاختصاصات
كتب - د . عبد الرحيم ريحان
بين فترة وأخرى نسمع عن تعرّض مبنى تراثى للهدم أو التشويه أو سوء الاستغلال كما فى معظم المبانى التراثية حاليًا، وعند حدوث أى مشكلة تخص مبنى قديم ذات قيمة تاريخية سواءً تهديد بالهدم
أو التشويه او إنشاءات معينة في محيطه أو سرقات بالمساجد الأثرية، تتجه الأنظار مباشرة من المواطنين والإعلام ومجلس النواب إلى وزارة السياحة والآثار فقط وتنتشر على وسائل التواصل الاجتماعى أفكار مغلوطة، لذا وجب التوضيح بأن التراث في مصر طبقًا للقوانين المنظمة مسئول عنه ثلاث جهات هي وزارة السياحة والآثار ووزارة الثقافة ووزارة الأوقاف.
"ونوضح أن المبانى المسجلة كآثار تخضع لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته والوارد به تعريف واضح للآثار
الأثر كل عقار أو منقول أنتجته الحضارات المختلفة أو أحدثته الفنون والعلوم والآداب والأديان منذ عصور ما قبل التاريخ وخلال العصور التاريخية المتعاقبة حتى ما قبل مائة عام متى وجد على أرض مصر وكانت له قيمة أو أهمية أثرية
أو تاريخية باعتباره مظهراً من مظاهر الحضارات المختلفة التى أنتجت أو قامت على أرض مصر أو كانت لها صلة تاريخية بها وكذلك رفات السلالات البشرية والكائنات المعاصرة لها "
وهناك قانونًا آخر خاص بالمبانى التراثية بمصر وهو القانون رقم 144 لسنة 2006 وهى المبانى والمنشآت ذات الطراز المعمارى المتميز أو المرتبطة بالتاريخ القومى أو بشخصية تاريخية أو التى تمثل حقبة تاريخية أو التى تعتبر مزارًا سياحيًا، وقد حددت المادة الرابعة من هذا القانون كيفية تسجيل المباني التراثية بتشكيل لجان دائمة بكل محافظات مصر بقرار من المحافظ تتضمن ممثلًا من وزارة الثقافة يتولى رئاسة اللجنة وممثلا لوزارة الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية وشخصين من المحافظة المعنية وخمسة من أعضاء هيئات التدريس بالجامعات المتخصصين في مجالات الهندسة المعمارية والإنشائية والآثار والتاريخ والفنون، على أن ترشح كل جهة من يمثلها.
يختص عمل اللجنة بحصر المباني والمنشآت المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الثانية من هذا القانون ومراجعة هذا الحصر بصفة دورية ويرفع المحافظ المختص قرارات اللجنة إلى رئيس مجلس الوزراء تمهيدًا لإصدار قانون بحظر هدم هذه المباني نهائيا، ورغم صدور القانون منذ عام 2006، لكن حتى الآن لم يتم الحصر الكامل للمباني التراثية بكل محافظات مصر لعدم وجود مدة إلزامية في القانون لحصر المباني التراثية، مما أدى لهدم الكثير منها واحتراق بعضها مثل مسرح المنصورة.
كما حدد القانون طريقة الإشراف على المباني التراثية في المادة 11 عن طريق رؤساء المراكز والمدن والأحياء والمهندسين القائمين بأعمال التنظيم بوحدات الإدارة المحلية ولهم صفة الضبطية القضائية في إثبات ما يقع من مخالفات لأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية واتخاذ الإجراءات اللازمة في شأنها، ويكون للمحافظ المختص أو من يفوضه أن يصدر قرارًا مسببًا بوقف أعمال الهدم غير المصرح بها أو التي تتم دون مراعاة أحكام هذا القانون.
وبخصوص الأوقاف نوضح أن المساجد الأثرية التى تخضع لوزارة الأوقاف يتم الإشراف عليها والمتابعة والمرور اليومى من خلال مفتشى آثار على درجة عالية من الكفاءة والعلم حتى مواعيد العمل الرسمية بعدها تتحمل الأوقاف مسئولية حراستها علاوة على التداخل في أعمال الترميم وتكلفتها والإشراف عليها، أمّا بقية المواقع الأثرية الخاضعة للآثار بشكل كامل فتكون مسئولية تأمينها وترميمها وتطويرها على عاتق وزارة السياحة والآثار وشرطة السياحة والآثار على مدى 24 ساعة
مما يحدد المسئولية والتأمين بشكل قاطع.
تضم المساجد الأثرية تحفًا معمارية وفنية تجسدت فيها روعة العمارة والفنون الإسلامية ومنابر خشبية رائعة وغيرها تعرضت أجزاء منها للسرقة عدة مرات وتتم هذه السرقات ليلًا بعد انصراف الأثريين عقب انتهاء ساعات العمل الرسمية، ليقوم حراس الأوقاف بحراسة كنوز أثرية لا تقدر بثمن من منابر خشبية وأبواب وكراسى المصحف ودكك المقرئين وتحف فنية لا يعرف قيمتها إلا متخصص فى الآثار الإسلامية.
وبناءً على ذلك ونتيجة هذا التداخل في إدارة التراث في مصر أطالب بإنشاء مجلس أعلى للتراث يتبع مجلس الوزراء مباشرة مكون من أعضاء من وزارة السياحة والآثار ووزارة الثقافة ووزارة الأوقاف مع وزارة الإسكان والحكم المحلى وأساتذة الجامعات وشخصيات عامة وخبراء في القانون تكون مهمته إعداد مسودات تشريعات تنظم عمل هذا المجلس وتوحد إدارة الإشراف على التراث في مصر لتكون مسئولة عنه جهة واحدة تقوم بوضع الخطط لاستثمار هذا التراث والحفاظ عليه وتطويره وتنميته وتكون هي الجهة المسئولة أمام الحكومة ومجلس النواب والإعلاميين والمواطنين حين حدوث أي مشكلة تتعلق بالتراث.