دير البنات بوادى فيران
كتب - د . عبد الرحيم ريحان
وادى فيران كنز أثرى وسياحى وبيئى ينتظر الاستغلال الأمثل بوضعه على خارطة السياحة المحلية والدولية باعتباره متحفًا مكشوفًا لأقدم كاتدرائية بسيناء قبل إنشاء دير سانت كاترين علاوة على وجود دير الراهبات وما يشمله من الحياة الروحانية وجماليات المنطقة وهو الوادى الذى حظى بزيارات الرحالة الأوروبيون منذ القرن السادس الميلادى، وقد سجلت مواطن الجمال فى هذه الوادى لوحات الفنانة التشكيلية اليونانية إيلينى باولو التى جمعت فى لوحاتها الخالدة بين الأثر والشجر والبشر والطبيعة الخلاّبة.
يقع وادى فيران على بعد 60كم شمال غرب دير سانت كاترين، طوله 5كم وعرضه ما بين 250 إلى 375م، وقد أخذ الوادى شهرته من وجوده فى سفح جبل سربال العظيم الذى يبلغ ارتفاعه 2070م فوق مستوى سطح البحر، واسم سربال ارتبط بشجر النخيل عند سفح الجبل وكان الجبل محل تقديس قبل رحلة خروج بنى إسرائيل إلى سيناء، ويحتضن الوادى مدينة مسيحية متكاملة مكتشفة بتل محرض الأثرى تحوى آثارًا عمرها أكثر من 1500عام من القرن الرابع إلى السادس الميلادى شهدت قدوم المسيحيين إليها من أوروبا آمنين مطمئنين على أرض الفيروز فى رحلتهم للحج إلى جبل موسى ودير سانت كاترين ومنه إلى القدس.
ومن المتوحدين الأوائل الذين لجئوا إلى وادى فيران، الراهب كوزماس عام 535م والراهب أنطونيوس عام 565م، وكان الوادى ملجأً للمتوحدين الأوائل بسيناء الذين لجئوا إليه هربًا من اضطهاد الرومان فى القرن الرابع الميلادى وبنوا قلايا (مكان تعبد الراهب) من أحجار الوادى ما زالت باقية حتى الآن واستمرت الحياة الرهبانية بعد ذلك عشقًا لجمال وهدوء وعزلة المكان المناسب للمجتمع الرهبانى، ويواجه تل محرض جبل الطاحونة الذى يرتفع 886م فوق مستوى سطح البحر ويضم قلايا مسيحية من القرن الرابع الميلادى وكنائس من القرن الخامس والسادس الميلادى.
ونصحح الكثير من الأخطاء المتداولة والخاصة بالخلط بين دير البنات الحديث والقديم، حيث أن التسمية الصحيحة دير البنات وليست دير السبع بنات، وأن دير البنات القديم كشفت عنه بعثة أثار المعهد الألمانى بالقاهرة برئاسة الدكتور بيتر جروسمان موسم حفائر 1990 تحت إشراف منطقة جنوب سيناء للأثار الإسلامية والقبطية، ويقع فوق قمة جبل منحدر يطلق عليه جبل البنات 2 كم شرق تل محرض الأثرى والمتبقى من الدير أجزاء من الجدران الخارجية، ويعود إلى الفترة من القرن الخامس إلى السادس الميلادى، وبحكم أنه يشرف على الطريق، فمن المحتمل استخدام المبنى فى وقت من الأوقات كنقطة عسكرية بيزنطية، لتحمى المدخل الجنوبى إلى وادى فيران.
وسبب تسمية الدير الأثرى فوق جبل البنات بدير البنات كما هو معروف فى الأحاديث المتواترة لأن فتاتين من أهل المنطقة أحبتا شابين، وحين رفض أهلهما الزواج ربطتا ضفائرهما معًا وقفزتا من أعلى الجبل، أمّا دير البنات الكائن بجوار المدينة البيزنطية حاليًا فحكايته بدأت عام 1898م حين حصل دير سانت كاترين على حديقة كبيرة بهذا الموقع يسقيها خزان كبير وقام راهبان من دير سانت كاترين ببناء كنيسة بهذه الحديقة عام تسمى كنيسة سيدنا موسى تضم بقايا عتب علوى حجرى باللغة اليونانية القديمة من القرن الخامس الميلادى باسم الرهبان الأطباء كوزماس ودميان كشفت عنه البعثة الألمانية برئاسة الدكتور بيتر جروسمان موسم فبراير – مارس 1995 بكنيسة المدينة الأثرية بتل محرض وتم بناء دير حول هذه الكنيسة عام 1979م يتميز بأشجار السرو الباسقة رمزًا للخلود وخصص للراهبات التابعين لدير سانت كاترين ويسمى دير البنات الحديث.
وأطالب بمزيد من الدراسات الجيولوجية لوادى فيران الذى يتميز بأنواع مختلفة من الأحجار الرملية منها الحجر الرملى الأحمر الذى دخل فى إنشاءات الأعمدة بالكنائس القديمة علاوة على توافر مادة الغرين التاتجة عن السيول فى المنطقة وقيل بوجود نهر بالمنطقة فى فترة من الفترات علاوة على تمتع المنطقة بآبار كثيرة نضب معظمها ولا يعرف الأسباب
وستسهم الدراسات الجيولوجية فى الكشف عن الكثير من آثار من أسرار المنطقة التى ستساهم بشكل كبير فى إعادة تأريخ هذا الموقع الهام منبع الرهبنة بسيناء.
كما أطالب بتحويل وادى فيران الكنز الأثرى والطبيعى، إلى متحف حضارى طبيعى مكشوف يضم الكنوز الأثرية التى تؤكد التعايش الحضارى والتسامح على أرض مصر لتنشيط السياحة الثقافية والدينية والبيئية والسفارى بالوادى واستغلال مجارى السيول بالوادى، بعمل سدود وخزانات لتوفير المياه وإعادة اللون الأخضر لأشجار الوادى التاريخية وهناك شجرة معمرة داخل دير البنات حتى الآن يحرص الزوار على التقاط الصور التذكارية بجوارها.