اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

الطب في مصر القديمة

 الطب في مصر القديمة





كتب - د . عبد الرحيم ريحان


تتباهي الدول المتقدمة بقدر تقدمها في الصحة و في الطب، وقد كان السبق للحضارة المصرية في كثير من المجالات ومنها الطب و العناية بالإنسان، ومن هذا المنطلق كانت دراسة الآثارى رضا الشافعى المتخصص فى الآثار المصرية القديمة عن "الطب فى مصر القديمة"



ويشير الآثارى رضا الشافعى إلى أن أول صيدلي عرفه التاريخ هو " با حري بدجت " الذي عاصر فترة من حكم العظيم 

" رمسيس الثاني" صاحب المجد المعماري والعسكري وأن أقدم و أهم مصدر من مصادر الطب في مصر القديمة هي بردية إدوين سميث التى تعرض بعض الحالات والإصابات والطريقة العلمية النموذجية من خلال عرض المفاهيم الطبية الراقية وأسلوب التفكير العلمي بالرغم من تأريخها للدولة القديمة.



و يصف هيرودوت في عجب 

كيف طلب الملك الفارسي 

" سيروس الثاني " من " أحمس الثاني"

 أن يرسل له أكبر أطباء العيون وكان هيرودوت يذكر أن في أرض مصر تجد بين كل رجلين طبيبًا.



علاقة الآلهة بالطب

مع تقديس المصريين للآلهة كانوا يزعموا أن بعض هذه الآلهة تخصص لشيء من العلوم والحاجيات الإنسانية، وعلي نسبة حاجتهم إليها يجعلون لهم من أجلها احترامًا خاصًا فكانوا يعتقدون أن إيزيس و سخمت و ايمحوتب هم آلهة الطب وفنونه، و يصفون إيزيس بأنها إلهة الطب الحقيقية، و أن صفاتها الجمالية كانت جذّابة للأرواح وإليها المرجع في كل ما حازه زوجها أوزوريس من العظمة فى دولته، و كانت تدعى هاتور إلهة السماء وتدعى نيت إلهة التناسل وينسبون إليها اهتمامًا عظيمًا بالحوامل، و شيدوا باسمها معبدًا خاصًا معدًا لتعليم القابلات وتمريض الحبالى، تقصده النساء عندما يعتريهن مرض أثناء الحمل سواءً من عوارضه

 أو بأسباب أخرى، فتستمر فيه الحبالى

 و يعتنى براحتهن وتبذل لهن الأدوية حتى تنلن الشفاء و تضعن حملهن بسلام.



المدارس الطبية

ويوضح الآثارى رضا الشافعى أن دراسة الطب فى مصر القديمة كان لها قواعد ملزمة، وقد أشار مؤلف بردية ايبرس إلى أنه تلقي علومه في اون " هليوبوليس " قبل أن يتجه إلى " ساو" ، حيث يقول " إني قد تخرجت من هليوبوليس مع أمراء البيت الكبير و إني تخرجت من " ساو "

 في صحبة أمهات الآلهة و قد اسبغن علي حمايتهن، وذلك لكي أطرد جميع الأمراض  و ليس هناك من ريب أن هذا دليلًا علي أن هناك مدارس طبية كانت في كل من هليوبوليس وسايس وغيرهم من المراكز الثقافية في مصر القديمة وعلي اية حال

ويرجع نشأة المدارس الطبية في مصر القديمة إلي عهد الأسرة الأولي

 (حوالي 3200 ق.م.) و بعض هذه المدارس قد بلغ شهرة كبيرة، لعل من أشهرها مدرسة " اون " و مدرسة أنشئت في ساو " بصالحجر " للمولدات اللاتي كن يقمن بدورهن بتدريس علم أمراض النساء للأطباء أنفسهم، ثم مدرسة "ايمحوتب " في منف، التي زادتها شهرة مكتبتها، والتي كان يتردد عليها الأطباء حتي القرن الثاني الميلادي، ثم مدرسة  طيبة "الأقصر" وكانت المدارس الموجودة في هذه المدن أشبه بجامعات كبرى لتلقي العلوم الطبية بأنواعها،  ثم بعض علوم اللاهوت والحساب  والفلك والهندسة.



لم تكن هناك مؤسسات محددة لتعليم الطب، ولكن هذا الأمر كان يجري في المعابد في المكان الذي يعرف باسم

 " بر — عنخ " أي " بيت الحياة " حيث تعتبر مؤسسة تعليمية بحثية تتعامل مع جوانب علمية متعددة من بينها الطب 

كما كانت بمثابة مكتبة تضم أهم المعارف آنذاك.



و لقد وجدت مدارس الطب في المعابد الكبري والمدن الكبرى مثل تل بسطة

 " الزقازيق " و صالحجر  "محافظة الغربية"  و أبيدوس " سوهاج " 

وعين شمس " القاهرة "

و لقد ورد في برديتي " ادوين سميث "

 و " ايبرس " أن كاهن الإلهة "اسخمث "

 في تل بسطة كان متمرسًا في الطب، كما ورد في نفس البرديتين مقولة " أن الأصل في الطب هو القلب.



الأطباء

وردت كلمةswnw  في اللغة المصرية القديمة و تعني " الطبيب " و طبقًا لنصوص مصرية قديمة فإن من يحمل هذا اللقب ويشغل هذه الوظيفة كان يجب أن يكون مؤهلًا وموهوبًا إلي حد كبير، و كان بوسع الطبيب أن يحمل ألقابًا أخرى تقابل أعمالًا أخرى يمارسها إلي جانب الطب مثل " الكهانة "



و كان هناك أربع درجات من الأطباء

 و هي :-

1-  الطبيب

2- كبير الأطباء

3- مفتشو الأطباء

4-  مدير الأطباء

و الواضح أن كلمة Swnw تشير الي الطبيب بوجه عام، سواءً كان ممارسًا، أم جراحًا، أم طبيب أسنان، أم بيطريًا، أم صيدليًا ...الخ  و كان الطبيب يعتبر في المراحل الأولى من عمله طبيبًا ممارسًا وبعد سنوات من الخبرة يبدأ مرحلة التخصص، و كان الأطباء يتواجدون في أماكن عمل مجموعات من البشر  كالمناجم والمحاجر وإقامة المنشآت الكبيرة 

( المعابد - المقابر – القبور)، وكانوا يعالجون الأمراض المختلفة إلي جانب حالات السموم الناجمة عن لدغ الثعابين والعقارب.



أعلام الطب المصرى القديم

" دي جر"

وينوه الآثارى رضا الشافعى إلى أشهر الأطباء ومنهم " دي جر" أحد ملوك الأسرة الأولى، دفن في أبيدوس(حوالي3000ق.م.) وتأتي المعلومات عن دوره في الطب من مصدر وحيد هو " تاريخ مصر " الذي خطه الكاهن المصري "مانيتو Manetho" لليونانيين في القرن الثالث قبل الميلاد وفي مقدمة الفصل الثالث فقرة تصف دي جر بأنه طبيب وعالم في التشريح ولا توجد أي كتابات مصرية قديمة تؤيد ادعاءات مانيتو حول دي جر، و إن كان من الصعب أن نصدق أن ملكًا يمكن أن يكون طبيبًا وأن ينخرط في الدراسات التشريحية

" إمحتب"



كان إمحتب وزيرًا للملك زوسر فى الأسرة الثالثة، و هو مهندس ومؤسس هرم سقارة المدرج، أقدم بناء حجري في التاريخ باق حتى اليوم وقد وصفه الكاهن مانيتون بأنه " الرجل الذي بفضل مهارته الطبية ذاع صيته وسط المصريين مثل اسكليبيوس عند اليونان.



و في حوالي الأسرة التاسعة عشر أصبح إمحتب من المؤلهين وأطلق عليه لقب " ابن بتاح " وفي الأسرة الثلاثين ذكر إمحتب باعتباره الذي يستجيب لمن يلجأ إليه يطلب الشفاء و زوال المرض، ومن ألقابه أيضًا صاحب الأصابع الذهبية

" حسي-رع"

يتفرد حسي رع بأنه أول طبيب في العالم حوالي( ٢٦٥٦ ق.م.) وهو رجل شديد التميز ذو مقام عال، و حصل علي العديد من الألقاب أيام حكم الملك زوسر، و كان معاصرًا لـ " إمحتب " وتوجد مقبرته في شمال هرم سقارة المدرج، و المقبرة تحتوى علي ست لوحات رائعة مصنوعة من الخشب ومحفوظة فى حالة ممتازة، وقد نقلت جميعها إلي المتحف المصري بالتحرير وعلي الناحية اليمنى من قمة إحدى اللوحات نجد نقشًا يمثل لقب

 " كبير الأطباء و أطباء الأسنان "



الأدوات الجراحية

كانت تستخدم في الجراحة أنواعًا مختلفة من المشارط والكلّابات وآلآت الكى، ولكل منها استعمال خاص في مرحلة معينة من العملية لا تتعداه إلي غيرها، ومن الآلات الجراحية الأخرى ما هو مستخدم حتى الآن مثل المشارط المستقيمة والمعوجة ذات السلاح المنعكف والجفت والخيوط الجراحية.



لقد ترك لنا الطب اليوناني الروماني فى مصر ثروة من الأدوات الجراحية، تتسم بدقتها، وعلي النقيض لم يترك لنا المصريون القدماء آلات جراحية واضحة المعالم، ولكن وجدت بعض الآلات في مقبرة "خا " كانت تستخدم لمختلف الأغراض التجميلية، واستخدمت في إجراء العمليات الجراحية أدوات مختلفة.، و علي كل فإن مجموعة الأدوات التى عثر عليها تدل علي امتلاكهم مهارات تقنية عالية تسمح بصناعة الأدوات الجراحية المعقدة

والحقن هي من ابتكار قدماء المصريين حيث كان الكهنة الذين يقومون بعملية التحنيط يستعملونها لإدخال السوائل في الرأس وفي التجاويف الأخرى من الجثة كما كانوا يستخدمونها في أغراض أخرى وحتى الحقن الشرجية هي اختراع مصري اقتبسها من طائر أبو كردان الذي كان يأخذ الماء بمنقاره و يدفعه في مؤخرته في حالة الإمساك.



وهم أيضًا أول من استخدم الخيوط الجراحية وذلك بعد العمليات الجراحية حتى يلتئم الجرح وهذا يظهر بوضوح في بطن إحدى الموميات وتظهر بها الفتحة التى استخدمت لإخراج الأحشاء وقد أغلقت بعد ذلك بخياطة حتى يلتئم الجرح وعندما يعود المتوفى مرة أخرى إلي الحياة كما يعتقد المصرى القديم يكون سليم معاف.



و هناك مجموعة من الأدوات منحوتة علي حجر في معبد كوم امبو، الذي يعود إلى العهد البطلمي، وأصبح هذا النقش مصدرًا للكثير من المناقشة والجدل، واختلفت الآراء حول طبيعة هذه الآلات، هل كانت تستخدم في الأغراض الجراحية أم في أغراض غير طبية؟ ويشتمل النقش على مجموعة من الآلات الموضوعة فوق مائدة الهبات، و هي تشبه لدرجة كبيرة الرسوم التوضيحية للآلات الجراحية عند اليونان والرومان  هذا بالرغم من أن النقوش الأخرى المحيطة بهذا الحجر مصرية قديمة.


google-playkhamsatmostaqltradent