اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

بحيرة المنزلة " تنيس قديمًا "جزيرة تنيس 1

 بحيرة المنزلة " تنيس قديمًا "جزيرة تنيس 1





كتب د. عبد الرحيم ريحان


الآثارى طارق إبراهيم الحسيني من العناصر النشطة بوزارة السياحة والآثار التى تعمل فى صمت وإنجازاته ملموسة فى كل مجالات العمل الأثرى وقد كرمه المجلس العربى للاتحاد العام للآثاريين العرب بمنحه جائزة أ.د.عبد الرحمن الطيب الأنصارى وتمنح لأفضل عمل علمي يتناول علاقة الوطن العربى بشبه الجزيرة العربية فى مجال الآثار والحضارة، وقد سجل معظم أعماله فى كتاب تحت عنوان " الخبر النفيس فى تاريخ وآثار جزيرة تنيس" والذى خرج عن صمته العلمى بعد أن آثارت حملة الدفاع عن الحضارة المصرية برئاسة الدكتور عبد الرحيم ريحان قضية التعدى على إنتاجه العلمى وقرر أن يكتب عن واحة أحلامه وجزيرة أحلامه جزيرة تنيس.



وأكد الآثارى طارق إبراهيم الحسيني بأنه لم يكن هناك فيما مضى بأرض موضع بحيرة المنزلة تنيس قديمًا "بحيرة" فلا تنيس ولا المنزلة إنما كان يشغل هذا الموضع أو الاقليم أرض زراعية خصبة لا تكاد تضارعها في بلاد مصر كلها أرض أخرى مثلها في جودة الهواء ولا استواء وخصب وطيب تربة.



فقد كانت جنانًا ونخيلًا وشجرًا ومزارع ترويها فروع من النيل لا تنضب ذات ضفاف عالية تنتشر عليها القرى والمدن الفرع البيلوزي فى الشرق والتنيسي فى الوسط والمنديسي فى الغرب جميعها تصب في البحر الأبيض المتوسط.



كما كان هذا الإقليم منفصلًا عن البحر بنحو مسيرة يوم، لكن البحر اخترق خط التلال الرملية التي كانت تعمل كحواجز أو متاريس طبيعية وسنة بعد آخري زحفت مياهه وتوغلت حتى عمت السهل المنخفض كله.



فغرقت معظم القرى والمـدن وما كان علي ارتفاع من الأرض فلم تناله المياه وأعظم ما نجا من تلك الأرض أرض موضع مدينة تنيس بعد أن عصفت بغيرها الطبيعة وكتب عليها الغرق واختفت جنانها وآثارها وتكونت علي أرضها بحيرة مترامية الأطراف تطوي في أعماقها مدائن وحدائق.





حيث تعد بحيرة تنيس أكبر متحف مـائي لبقايا وأطلال المدن والقرى التي بادت تحت سطحها ويبدو أن كل جزيرة من جزرها كانت تحمل حلة أو عمرانًا ما في الماضي وقت كانت أرض البحيرة كلها حقلا منزرعًا كثيفًا والدراسات الأكاديمية لا تدع مجال للشك في حدوث هذا الغرق علميًا والأدلة المادية والوثائقية وفيرة مثلما هي يقينية.



ويشير الآثارى طارق إبراهيم الحسيني إلى أن النطاق الساحلي الشمالي من دلتا النيل تعرّض خلال العصور التاريخية إلي حركة هبوط وانخفاض بالنسبة لسطح البحر المتوسـط أدت إلي ضياع مناطق عديدة منها المنطقة التي كانت تشغلها بحيرة تنيس والمصادر التاريخية والدراسات الأكاديمية غالباً ما تتحدث عن أن الإقليم أو المنطقة التي توجد الآن تحت مياه بحيرة المنزلة كانت في الأصل أرض عامرة مأهولة مزروعة .



وأشار إلى المصادر التاريخية من أقدمها ما ذكره الراهب "جون كاسيان"John Cassian الذي زار تنيس أثناء العقدين الأخيرين من القرن الرابع الميلادي حيث كتب يقول " أن هذه الأرض والجزء الأكبر من المنطقة المجاورة والتي كانت خصبة فيما مضي كان قد اكتسحها البحر عندما اهتز بسبب زلزال مفاجئ دمر كل القرى، وسرعان ما غطت تمامًا الأرض الخصبة بالمستنقعات المالحة لدرجة أن المرء يعتقد أن ما جاء فى المزمور كان نبوة حرفية عن ذلك الإقليم "الذي يجعل الأنهار قفارًا، ومجاري المياه أراضي عطشى والأرض المثمرة سبخة من شر الساكنين فيها".



كما تتواتر روايات الجغرافيين والمؤرخين العرب الذين جاءوا بعد ذلك بقصة طغيان البحر علي أرض موضع بحيرة تنيس فيذكر المسعودي" فلما مضي لدقلديانوس"284-305م" من ملكه مائتان واحدي وخمسون أى عام 556م هجم البحر علي بعض المواضع التي تسمي اليوم بحيرة تنيس فأغرقه وصار يزيد في كل عام حتى أغرقها بأجمعها فما كان من القرى التي في قرارها غرق وأما التي كانت علي ارتفاع من الأرض فبقيت وذلك قبل أن تفتح مصر بمائة سنة".



ويتفق مع المسعودي كل من المقريزي والقلقشندي وابن دقماق وابن بسام التنيسي حيث يقول "وكانت البحيرة أجنة وخليج يخترقها من ماء النيل من ضياع عامرة وزروع متوافرة إلي أن غلب عليها البحر الملح وقد تزايد وهاج فهجم من فم الأشتوم علي أراضيها وعمائرها فغرق ما كان من أرضها مستغلاً وعلاه البحر وما كان علي كوم مثـل تنيس وتونة وغيرها مما هو باق لم يعله المـاء وبقي علي حالته وكـان ذلك الـغرق قبل الإسلام بمائة سنة.



كما أنه يربط كالمقريزي قصة غرق البحيرة بقصة الأخويين وحدائقهما الخصبة التي أغرقها الله تعالي كما جاء في كتابه العزيز في سورة الكهف فقال "وزعم أهل الأثر أن بحيرة تنيس التي قال الله تعالي فيها " فأصبح يقلب كفيه علي ما أنفق فيها وهي خاوية علي عروشها" ذلك أنها كانت بساتين ومتنزهات مقسومة بين أثنين أخوين مؤمن وكافر فأنفق المؤمن من ماله في البر والصدقات وبقـي الكافر ملياً غنيا، فخاطبه المؤمن يومًا من الأيام فاستطال عليه وسطا وقال" أنا أكثرُ منك مالاً وأعزُ نفرا " وكان مصب النيل إلي البحر بين ضياعها فأرتج البحر في الليل ودخلت أمواجه من الأشتوم " فغرق كل مستغلها وأرضها وما كان منها علي ظهر كوم أو ردم من الأرض بقي.



بالصور خريطة لبحيرة المنزلة عن كتاب وصف مصر و بعض من الاثار الثابتة والمنقولة من ناتج حفائر تنيس .

google-playkhamsatmostaqltradent