اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

موقع جزيرة تنيس قديمًا ... جزيرة تنيس (2)

وليد رزق
الصفحة الرئيسية

 موقع جزيرة تنيس قديمًا ... جزيرة تنيس (2)





كتب د. عبد الرحيم ريحان


فى سلسلة التتابع الحضارى لجزيرة تنيس والتى تعد إضافة علمية كبرى للمكتبة العربية نستكمل مع الآثارى طارق إبراهيم الحسيني مدير عام منطقة آثار بورسعيد والمنزلة بقطاع الآثار الإسلامية والقبطية بوزارة السياحة والآثار جزيرة تنيس (2)



ويشير الآثارى طارق إبراهيم الحسيني إلى أن تنيس جزيرة في بر مصر ما بين الفرما ودمياط.، وكانت أكبر جزر البحيرة وأقربها لمخرجها الرئيسي "اشتومها" وربما تمثل في موقعها هذا بقايا إحدي ضفاف فرع من فروع النيل القديمة.



وذلك يتفق الى حد بعيد مع ما ذكره المقريزي من أن مدينة تنيس كانت تقع علي الفرع التانيسي قبل أن يصب في البحر بقليل علي شريط من اليابس.



ويقول اليعقوبي " فأمّا المدن التي علي ساحل البحر المالح فأولها الفرما ثم تنيس وهي مدينة يحيط بها الــبحر الأعظم المالح وبحــيرة يأتي ماؤها مـن النيل" وأضاف المقديسي " أنها جزيرة صغيرة قد بنيت كلها مدنية وهي جزيرة ضيقة والبحر عليها كحلقة ملوية.






كما أعطي ياقوت وصفًا لموقع الجزيرة فقال بأنها في وسط بحيرة مفردة عن البحر الأعظم "البحر المتوسط" ويحيط بها البحر من كل جهة وبينها وبين البحر الأعظم بر مستطيل أوله قرب الفرما والطينة وامتداد هذا البر غربا الي دمياط حيث يسار فيه نحو ثلاثة أيام الي قرب دمياط .



هذا وقد تميز موقع تنيس بالتوسط بين موانىء مصر الشمالية الشرقية في العصر الإسلامي فإلي الشرق منها ميناء الفرما ثم بديله الطينة وفي الناحية الغربية كانت مدينة دمياط. " وتعتبر هذه أقدم صورة عن موقع تنيس علي أثر غرق إقليم البحيرة فى القرن السادس الميلادي.



ويوضح الآثارى طارق إبراهيم الحسيني أن موقع التل الأثري والذي ما زال يحمل اسم المدينة هو بشكل عام عبارة عن جزيرة مفردة في أقصي الشمال الشرقي من بحيرة المنزلة في دلتا النيل بمصر يبعد حوالي ثمانية كيلو مترات إلي الجنوب الغربي من مدينة بورسعيد. علي طريق الخط الملاحي قنال المنزلة الذي يربط بين مدينة بورسعيد والمطرية دقهلية.



ويقع التل الأثرى "جزيرة تنيس" الآن وسط بحيرة صغيرة قليلة العمق تعرف باسم البشتير، وهو موقع كبير يضم مجموعة من التلال تقع داخل رسوم أسوار المدينة القديمة، وأجزاء قليلة منبسطة خلف رسوم الأسوار "ارباض المدينة" على سيف البحيرة تقدر مسحتها حالياً بحوالي 350 فدان تقريبًا والتل يرتفع تدريجيًا من شاطئىء البحيرة مكونًا تلالًا صغيرة يعلو بعضها بضعة أقدام والبعض الآخر بضعة أمتار.، يميزها المرء وسط أنقاض واسعة من الطوب الأحمر وشقاف من الخزف والفخار وقطع زجاجية من كل لون.



الإسم والنشأة

وينوه الآثارى طارق إبراهيم الحسيني إلى أنه أحاط بنشأة تنيس الأساطير كما لم يتفق جمهور المؤرخين العرب حول إسمها. فقال المقريزي تنيس من بلاد مصر في وسط الماء وهي كورة الخليج سميت بتنيس بن حام بن نوح ويقال بناها قليمون من ولد اتريب بن قبطيم أحد ملوك القبط فـي القديم.





بينما يذكر ابن دقماق "سميت باسم تنيس بن حام بن نوح وقيل تنيس أخو دمياط كورة الريف، وقال التيفاشي في سرور النفس" يقال أن تنيس ودمياط والفرما ثلاثة أخوة ملكوا هذه المدن الثلاثة فسمي كل واحد منهم مدينته باسم نفسه في حين يذكر ياقوت "أنها سميت باسم تنيس بنت دلوكة الملكة وهي العجوز صاحبة حائط العجوز بمصر فإنها أول من بني بتنيس وسمتها باسمها، وجاء بعده ابن بسام فقال" وبنت هذه المدينة تنيس بنت صاين تدارس أحد ملوك القبط"



ويبدو علي أقوال المؤرخين الاختلاف والتشعب، فالأول والثاني نسب تسميتها إلى تنيس بن حام بن نوح إلا أن تردد كل منهما في الاستدراك علي ما اتفقا عليه ممثلًا في استدراك الأول علي تنيس بن حام بقليمون بن اتريب واستدراك الثاني عليه بتنيس أخو دمياط.



في حين نسبها الثالث إلى تنيس بنت صاين تدارس والرابع إلى تنيس بنت دلوكة صاحبة الحائط العجوز مما يجعلنا نعتبر أن هذه القصص لا تعدو أكثر من أساطير من نسج الخيال ومن نمط الأساطير التي تحاك عادة حول تأسيس بعض المدن.



وأردف الآثارى طارق إبراهيم الحسيني أن أول ظهور لاسم المدينة في المصادر التاريخية القديمة ورد عند الراهب جون كاسان (John Cassian) الذي زار مصر في العقدين الأخيرين من القرن الرابع الميلادي 380 – 390 م حيث يقول "وصلنا إلى مدينة مصرية تسمي Thinnesus " تنيسوس" يحيط بها الماء من جميع جهاتها بحر ومستنقعات ملحة.



وقد تسابق الكتاب الغربيون لوضع أصول للاشتقاق اللفظي لكلمة " Tinnis " تنيس كما جاء عند (Champallion) فهو يفضل رجوع اسم المدينة إلى الأصول المصرية القديمة ويري أنها مجمعة من الكلمة المصرية القديمة " Ta – n – isis " أي مدينة ايزيس، إلا أنه لم يثبت بشكل مقنع وجود أي استيطان في موقع تنيس قبل القرن الثالث الميلادي. كذلك المعلومات التاريخية والأثرية التي قمنا بها لم تشر إلى وجود أي نشاط سكاني في تنيس في عصر مصر القديمة.



على جانب آخر يري Desacy)) ومن بعده (Quatremere) أن كلمة تنيس في مصطلح اللغة مشتق من الكلمة اليونانية نيسوس وتعني الجزيرة وقد أضيف في أولها حرف التاء وهو دليل المؤنث في اللغة القبطية فصارت تنيسوس أي الجزيرة .



فيصبح جلي الآن أن الإسم مشتق من شكل موضع أرض تنيس وسماته الطبيعية، "أرض يحيط بها الماء من جميع الجهات" (جزيرة ) لذا يتحقق أصل الإسم الناتج عن الوصف الطبيعي لموضعها بغض النظر عمن أطلقه علي هذه المدينة أو تلك البقعة من الأرض.



أمّا عن نشأة المدينة فيبدو أن تنيس كانت ذات أهمية متواضعة في أواخر العصر الروماني خاصة وتاريخها في هذه الفترة يشوبه الغموض، ومن المحتمل أن هذه المدينة قد نشأت إلي الوجود نتيجة لإعادة تنظيم الإمبراطور دقلديانوس (Diocletian) للأقاليم وربما كان ذلك في نهاية القرن الثالث الميلادي.



وتعود الإشارات الأولى لذكر المدينة للقرن الرابع الميلادى حيث يصفها جون كاسيان بأنها جزيرة خرجت من بيئة مقفرة يحيط بها الماء من جميع جهاتها بحر ومستنقعات ملحة وكان يعمل سكانها بالتجارة.



كانت تنيس أسقفية في القرن الخامس تحت قيادة بطريرك الإسكندرية، حيث تذكر قوائم الاسقفية الأسقف هيركليدس (Herakleides) اسقف تنيس الذى شارك في مجلس أفسيوس Ephesus عام 431م والأسقف (Heron) الذى شارك فى مجلس خلقيدونية Chalcedon عام 451م

كما عرفت باسمها القبطي "تنيسوس" كونها إحدى المدن المقدسة المدرجة على فسيفساء "ما دبا" بالأردن في القرن السادس.



واغلب الظن أن المدينة في بداية تاريخها كانت مرتبطة إداريًا بمدينة دمياط ، حيث تم تقديمها لأول مرة في وصف جورج القبرصي في عام 606م كعاصمة لدائرة انتخابية مستقلة عن دمياط ومن بين الأسقفيات المستقلة في أبرشية أغسطس (Augustamnica).



عاش سكان تنيس فى هذه الفترة في منازل بسيطة صنعت من الغاب والبوص كما عمل أغلب سكانها بالتجارة وصيد الأسماك وصناعات النسيج. 



وبحسب المصادر المكتوبة والحفائر التى تمت بالمدينة حتى الأن يبدو أن مدينة تنيس كانت لا تزال متواضعة حتى وقت الفتح الإسلامي لمصر

الصور تشمل

1-الموقع الحالي لجزيرة تنيس على طريق الخط الملاحي قناة المنزلة بورسعيد المطرية

2-المساحة الكلية للجزيرة بقايا مدينة تنيس عن جوجل

3-خريطة مأدبا الفسيفسائية هي جزء من أرضية فسيفسائية ضمن كنيسة بيزنطيّة في مدينة مأدبا في الأردن. تصف الخريطة منطقة شرق المتوسط في العصر البيزنطي. وهي أقدم خريطة أصليّة للأراضي المقدسة ويظهر عليها مدينة تنيس والتي يعود إنشاؤها إلى سنة 560م.

4- تفصيل من اللوحة السابقة حيث تظهر تنيس" تنيسوس القبطية" كإحدى الأبرشيات المقدسة 560م

google-playkhamsatmostaqltradent