حكايات آثار قرية ديرالبرشا بملوي
كتب - د . عبدالرحيم ريحان
يقع فى قرية دير البرشا الذى سميت باسم الدير، والقرية تقع إلى الشمال الشرقى من مدينة ملوى 5 كم، وتبعد 12 كم عن منطقة "الأشمونين" (عاصمة الإقليم)، والمنطقة الأثرية توجد أعلى الهضبة الموجودة بالقرية على إرتفاع حوالى 172م
وتشير الباحثة الآثارية عبير محمد على أحمد صاحبة فكرة مشروع سينما آثارية تحاكي الطبيعة عن آثار مصر أن قرية دير البرشا تضم مجموعة من المقابر المنحوتة فى الصخر والتى تنسب إلى حكام الإقليم الخامس عشر وبعض كبار الكهنة والنبلاء وذلك فى عهد الدولة الوسطى (من 2066 - 1780 ق.م) وعصر الإنتقال الأول.
وترجع أهمية تلك المقابر أنها مصدر مهم لمعرفة الكثير من المعلومات عن تاريخ ملوك الدولة الوسطى وعلاقتهم بحكام الإقليم، كما أننا من خلالها استطعنا معرفة تاريخ "إقليم الأرنب" أو "الإقليم الخامس عشر" وأهم حكامه، وقد ذكر حكام الإقليم فى تلك الفترة أنهم قاموا بترميم مقابر أجدادهم، والتى تعرضت للسرقة أو الإتلاف فى عصر الإنتقال، وقد سجلوا ذلك على جدران مقابر هؤلاء الأجداد، والتى تقع حاليًا فى منطقة الشيخ سعيد وترجع إلى عصر الدولة القديمة.
وتوضح الباحثة الآثارية عبير محمد على أحمد أن أشهر تلك المقابر مقبرة جحوتى حتب حاكم إقليم "الأشمونين" فى عهد كلا من الملكين "سنوسرت الثانى والثالث" من ملوك "الأسرة الثانية"، تتضمن جدران المقبرة المناظر التقليدية التى تمثل الحياة اليومية والأحداث المعتادة التى كان يقوم بها أو يتابعها الحاكم من صيد وزراعة وحرف يدوية، إلّا أن أشهر المناظر الموجودة فى المقبرة منظر نقل تمثال جحوتى حتب الذى يظهر خلف التمثال ومعه بعض من أبنائه وأتباعه، ويحدد النص الموجود حجم التمثال الذى نحت من حجر الالبستر من محاجر حاتنوب.
بالإضافة إلى مقبرة رقم (1) "جحوتى - نخت" السادس والذى كان حاكمًا لإقليم الأرنب أو الأشمونين وأيضا عمل كوزير، وقد دمر الزلزال أغلب هذه المقبرة وما تبقى منها إلى الآن صالة كبرى، ومقصورة صغيرة، وحجرة التابوت.
أيضا توجد مقبرة رقم (2) "جحوتى حتب الثانى" والذى ترجع مقبرته للأسرة الثانية عشر والذى حمل لقب السمير الأوحد للملك سنوسرت الثانى والذى كان حاكمًا أيضا للإقليم الخامس عشر إقليم الأرنب وكبير كهنة المعبود جحوتى (إله الحكمة والمعرفة عند المصريين) ومعبود الإقليم.
ونرى الزحّافة وهي في اللغة المصرية القديمة علامة تم Tm ، وكانت من أهم وسائل سحبه الأشياء بواسطة الزحّافة وهناك منظر نقل تمثال جحوتي حتب حاكم اقليم البرشا خلال عصر الدولة الوسطى.
وتتكون الزحّافة من قطعتين خشبيتين بينهم قطع عرضية ويتم سحبها بحبل يتدلى منها من تحت زي بالظبط العلامة الهيروغليفي وأحيانًا كان يتم سحبها بواسطة الشباب مثل منظر نقل التمثال أو بواسطة الثيران وكان بيتم سكب ماء أمام الزحّافة لتسهيل حركتها وتمهيد الطريق أمامها.
وتنوه الباحثة الآثارية عبير محمد على أحمد إلى انتشار مناظر كثيرة لنقل الأحجار وغيرها باستخدام الزحّافات كما تم العثور على نماذج من الزحّافات في اللشت والأقصر ودهشور ، وهناك منظرًا لكيفية نقل تمثال عملاق من الألاباستر ارتفاعة ٦.٨٠م ووزنه حوالى ٥٨ طِن من محاجر الألاباستر فى محافظة المِنيا إلى مقبرة النبيل "جِحوتى حِتِب" فى منطقة "دير البِرشا" مركز مَلّوِى والأساليب المستخدمة في ذلك وهي أحد المناظر النادرة حيث أن عملية نقل التمثال تمت فى موكب مَهيب تم تنظيمه بعناية فائقة وروعة التنظيم تعكس هيبة النبيل "جِحوتى حِتِب" فى قلوب أهل بلده من سكان المِنيا وقدرة أجدادنا على التعامل مع الأحجار الضخمة بأبسط الأدوات مثل الحبال والزحّافة الخشبية.
وقد شارك فى نقل التمثال ١٧٢ عامل منقسمين إلى أربع صفوف كل صف فيه ٤٢ عامل، كل اثنين متجاورين، وفى مقدمة الصف عامل واحد يرأس المجموعة وعلى الصفين جنود من الجيش يسيرون بالخطوة العسكرية.
وعند أقدام التمثال وأحد الأشخاص ممسكًا بزَلعَة فيها سائل يصبه تحت الزحّافة الخشبية الموجود عليها التمثال، وهذا السائل عبارة عن مياه مخلوطة بالطين لتقلل احتكاك الزحّافة بالرمل وتسهل عملية النقل وهناك شخض رافعًا يديه ويصفق.
وسبب هذا التصفيق لعمل إيقاع منتظم يسير عليه العمال ممن يقومون بسحب التمثال وعددهم ١٧٢ عامل يسحبوا تمثالًا وزنه ٥٨ طن ووجود التناغم العضلى والتناغم الحركى العضلى بسبب سماع صوت إيقاع متتظم يساعدهم على العمل بنشاط وحيوية.
وربما تطون هناك أغنية مع التصفيق بنغمة معينة و يردد العمال وراءه كما يفعل العمال حاليًا خاصة عمال الطبلية ممن يقومون بصب الأسقف بعد نهاية البناء.
المشهد من جدران مقبرة النبيل جحوتى حتب بدير البرشا وهو حاكم إقليمي من الدولة الوسطي عهد الملك سنوسرت الثاني .