اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

الصحة النفسية والعصر الحديث

 الصحة النفسية والعصر الحديث





الصحة النفسية والعصر الحديث


  بقلم : نهلة محمد جبر

     أخصائي نفسي 


مع تزايد الضغوطات اليومية والقلق وازدياد نسب الانتحار ومعدلات الجريمة والسباق المحموم بسرعة الضوء مع التكنولوجيا، اصبح مفهوم الصحة النفسية من المفاهيم المطروحة بقوة في العصر الحديث.



 ورغم ان الصحة النفسية جزء لا يتجزأ من الصحة العامة إلا انه لم يكن من الأمور الهامة والتي من الممكن أن تشغلنا باعتبارها مكون أساسي من حياتنا اليومية. يعتبر مفهوم الصحة النفسية من المفاهيم التي اختلطت فهم معانيه على الشعوب العربية وخصوصا مع ارتباطه بالصحة العقلية والأدوية النفسية والإدمان وبعض الأمراض المستعصية التي لا تظهر الا بسبب علة نفسية ولكن الواقع الحديث اثبت بما لا يدع مجال للشك أن المفهوم الشائع والاعتيادي عن الصحة النفسية اصبح من الماضي مع زيادة الوعى بأهميته ومحاولة فك الترابط بينه وبين العلاج النفسي وبأن العلاج النفسي جزء من الصحة النفسية ولا يعكس المعنى الحقيقي للصحة النفسية.





يعود تاريخ مفهوم الصحة النفسية إلى منتصف القرن التاسع عشر في أوروبا وتحديداً بعد الحرب العالمية الثانية بسبب التأثيرات السلبية للحرب على الشعوب الأوروبية، واعتماد الصحة العقللية والنفسية مكون أساسي من مشاكل الحياة اليومية الواجب التعامل معها وبشكل علمي، إلا أن الحقيقة هي ان علماء المسلمين كانوا اول من تناول النفس البشرية بالتحليل والتفسيرمن باب الحكمة الشهيرة " العقل السليم في الجسم السليم" في كتب عدة وتحديدا كتاب الإمام الغزالي "معرج القدس في معارج النفس" والذي مهد لظهور السيكولوجية المعاصرة وكذلك كتاب ابو بكر الرازي "الطب الروحاني" والذي ركز فيه علي عيوب النفس البشرية، ولكن لحظة الميلاد الحقيقي والتطور الفعلي في مجال الصحة النفسية كان مع تأسيس اللجنة الوطنية للصحة النفسية  في الولايات المتحدة الأمريكية على يد دكتور كلايفورد الذي قام بإنشاء اول عيادة نفسية للمرضي خارج الولايات المتحدة. 



أهمية الصحة النفسية تتمثل في المحاور الهامة التي تتعامل معه على مختلفة فالصحة النفسية هي قدرة  الفرد على التعامل مع المتغيرات والمؤثرت الخارجية في ضوء متطلبات الواقع الاجتماعي وهي أيضا القدرة على اكتساب مفاهيم نوعية تتناسب نع البيئة ومتطلباتها والبعض يفسر الصحة النفسية على أنها قدرة الفرد على تفسير الخبرات اليومية بمنطقية يستطيع من خلالها التعايش مع الواقع بشيء من الأمل والتفاؤل دون الوقوع في براثن اليأس والاحياط التي قد تصل الى الآكتئاب والانتحار مع تزايد تأثير العوامل المادية والمغريات التي تدفع بالانسان إلى الهاوية ومحاولاته للسيطرة عليها او حتى التخاص من أثارها قدر المستطاع. 



لذلك تعد الصحة النفسية أحد أهم فروع علم النفس الحديث في محاولة للوصل إلى الاتزان اليومي بين الاحتياج النفسي والروحاني والاحتياج البدني والاجتماعي في محاولة لخلق حياة جيدة مستحقة.



أهمية الصحة النفسية في الوقت الحالي هي في كونها الأمل الأخير في استعادة شكل الحياة الطبيعي بعد الاتجاه المتسارع والسريع جدا نحو التكنولوجيا كأداة تنفيذية لكل متطلبات حياتنا اليومية العادية، ففكرة ان تكون متزن او متوازن في البحث عن المعاني المهمة في حياتك إلى جانب المهام الروباتية المعددة التي نقوم بها بشكل روتيني ممل هو لب الحياة التي لا يجب ان ننقطع عنها أو نمل من البحث عنه ولكي نستطيع ان نتمتع بالانسانية التي تصبغ هويتنا البشرية.



سنتناول من خلال سلسة مقالات الصحة النفسية المحاور والقطاعات المختلفة التي ترتبط بالصحة النفسية وكيفية تحقيقها كحق أصيل لكل أفراد المجتمع في محاولة لرفع الوعى المجتمعي بأهميتها في الحياة ولخلق مجتمع متواصل متكافل يحقق الازدهار والتطور المطلوب بالشكل الصحيح. 


google-playkhamsatmostaqltradent