مدخل إلى حقوق حضارة لبناء حضارة
كتب - د . عبد الرحيم ريحان
كيف يتم تمويل بناء مصر من أرض مصر وحضارة مصر؟
سؤال طرحناه على العالم الكبير الدكتور أحمد يحيي راشد، الأستاذ بكلية الهندسة بالجامعة البريطانية في مصر ومؤسس ومتبنى مبادرة حقوق حضارة لبناء حضارة ومؤسس ومدير معهد حقوق حضارة بالولايات المتحدة الامريكية
فأجاب اذا كانت السياحة كمصدر تمويل ونبحث عن استرداد ما تم تهريبه من آثارنا للخارج، فأنه يمكن بالفكر والمنطق والقانون أن نجد مصادر جديدة للتمويل غير تقليدية، ولكنها تتطلب العمل عليها، وفى نوفمبر 2012 قامت مجموعة شركات أسبانية وبريطانية وسويسرية بتصميم وتنفيذ نموذج طبق الأصل لمقبرة توت عنخ أمون وبتكلفة تزيد عن 40 مليون جنيه وقتها واشترطت المجموعة أن تقوم مصر بنقلها من مدريد إلى مصر ثم كانت الحيرة هل يكون مكانها في الأقصر أم الغردقة أو شرم الشيخ.
وحقيقة الأمر فإن مبدأ قبول مستنسخ كهدية لمصر فهي مصيبة لأنها تمثل اعتراف بأحقية هذه البلاد فى آثارنا وأحقية استنساخها، ثم جاء معرض برلين في مارس 2013 لزيارة رأس نفرتيتي بعد إصدار طابع بريد والمعرض كله من المستنسخات، وكانت نقطة الانطلاق لمبادرة حقوق حضارة لبناء حضارة هى "الأقصر-لاس فيجاس مقارنة بالأقصر- مصر" والذى يزورها 50 مليون سائح سنويًا بما يفوق عدد زوار مصر كلها ثلاث مرات وغيرها من المشروعات في الصين واليابان و أمريكا لذلك انطلقنا للبحث عن حقوقنا المعنوية والمادية لبناء حضارتنا وتنميتها
وتساءل الدكتور أحمد راشد أليس من حقنا مطالبة الهيئات والشركات في العالم أجمع التى تتربح من مشروعات تستنسخ التراث المعماري المصري بتفاصيله وتتكسب منه في مشروعات بالمليارات بحقوق حضارتنا؟
وأوضح أن قضية حقوق الملكية الفكرية للتراث المعماري والعمراني يمكن تلخيضها في نقاط:
1. لقد وضعت حقوق الملكية الفكرية لتحمى الابتكار أو الابداع في كافة المجالات المختلفة أيًا كانت كما تشمل أيضاً الغذاء والكساء والثقافة والموسيقي.
2. من يتربح ماديًا من الدعاية وتوظيف كل من بيئتنا وتراثنا الثقافى والتاريخي والمعماري فى القيام باستنساخه فإن لنا حقوق ملكية فكرية لابد أن تؤدي، ويجب أن نطالب بها، فالعائد المادى من استنساخ تلك الثقافة والميراث التاريخى يمكننا على الأقل ان نوجهه صوب تنمية هذا التراث والحفاظ عليه من خلال الكشف والحفاظ على الآثار وترميمها.
3. أن الأمر يتعدي حقوق التراث المستنسخ ليشمل التراث المصري الأصلي المعروض بالمتاحف العالمية (مثل رأس نفرتيتي) والذى يصعب استردادها وليكون لرأس نفرتيتى.
وغيرها من الآثار الفريدة استفادة من زوارها فالسبيل الوحيد هو أن تحصل مصر على نسبة من هذا العائد كحق من حقوق الملكية الفكرية (في المتحف البريطانى تصنع النماذج كتذكار
أو هدايا في البازارات والمتاحف مثل حجر رشيد وتباع بأسعار مرتفعة.
4. إن كل من اليونان و المكسيك وغيرها من الدول التى تمتلك ميراث حضاري قديم تقوم بتتبع ممتلكاتها بغية الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية لتراثهم.
5. توجد بلا أدنى شك أبعاد سياسية واقتصادية وتثبيت وتزييف للمفاهيم في ذاكرة المجتمع العالمي ونحن على دراية بأن التراث الانساني والمعماري هو مدلول لأحداث تاريخية يتم الاستناد إليها في صراعات قد تحدث بعد مئات السنين .
6. أن تلك المشروعات المستنسخة تثير تساؤلات تشمل الكثير من الأبعاد: منها
(البعد الأخلاقي) فهل يمكن أن يتم توظيف التراث الحضاري المصري القديم في أعمال منافية للأخلاق مثل لعب القمار تحت مظلة السياحة؟ و(البعد التسويقي) لكافة المنتجات والألعاب وحتى العملة المستخدمة من وحي التراث المصرى، فهل يتم تصنيعها والتجارة بها بالاستيراد من مصر ومع من وماذا يعود علي مصر منها؟ فعند البحث عن كلمة الأقصر في شبكة الانترنت ستجد ان أغلب المواقع تتحدث عن الأقصر-لاس فيجاس وتغييب الآقصر الأصل
7. هناك مداخل للقضية يمكن السعي من خلالها :(حقوق الملكية الفكرية، الموروث الشعبي
أو الفلكلور، المؤشر الجغرافي، استعمال الاسم والتربح تجاريًا، اتفاقية حماية التراث اللامادي، قوانين الآثار وقد يوجد غيرها).
8. الفكرة يمكن أن تعود على مصر بالمليارات وبشراكة مع القارات، وإذا كانت القنوات القانونية قد تأخذ وقت فإنه يمكن ابتكار أساليب يشارك كل منا فيها وتعتمد علي نداء من مواطن مصرى لضميرالمواطن العالمي بمبدأ اذا كنت قد درست – قرأت عن – أحببت حضارة مصر فهذه الحضارة يتم تجريفها بالسرقة والإهمال والتكدس البشري وتحتاج أن يفرض المجتمع الدولي علي الشركات والمؤسسات التي تتربح من التراث المصري أن تذهب نسبة من أرباحه للحفاظ علي تراث مصر وبناء مستقبلها.
9. فإذا كان لنا حق فقد ترعرعنا على مبدأ يؤكد أنه لا حق يضيع طالما وراءه مطالب، وإن لم تكن النتيجة فورية فيكفي أن نجعل من الدفاع عن ميراثنا و حضارتنا قضية مفتوحة للأجيال القادمة ليعلم ويتأكد من أننا حاولنا وسعينا ولم نتساهل وأننا قد تركنا الجذوة مشتعلة وحافظنا علي الحق وأنه كان لنا "نظرة وتطلع الي المستقبل".