أين دفنت كليوباترا؟
كتب د. عبد الرحيم ريحان
فى نوفمبر 2022 فى بيان لوزارة السياحة والآثار أعلنت عن اكتشاف البعثة الأثرية المصرية الدومينيكانية التابعة لجامعة سان دومينغو برئاسة كاثلين مارتينز لنفق منحوت في الصخر على عمق حوالي 13 متر تحت سطح الأرض وذلك أثناء أعمال التنقيب للبعثة بمنطقة معبد تابوزيريس ماغنا، أي "قبر أوزوريس العظيم"، غرب الإسكندرية.
طول النفق 1,305 م، وارتفاعه حوالي مترين، كما تم العثور بالقرب من المعبد على رأسين مصنوعين من الألبستر، إحداهما لشخص من العصر البطلمي، والآخر من المرجح أنه تمثال لأبو الهول.
كما عثرت البعثة خلال مواسم الحفائر السابقة، على العديد من القطع الأثرية الهامة داخل المعبد منها عملات معدنية تحمل صور وأسماء كلًا من الملكة كليوباترا، والإسكندر الأكبر، وتماثيل للإلهة إيزيس، بالإضافة إلى نقوش وتماثيل نصفية مختلفة الأشكال والأحجام.
كما اكتشفت شبكة أنفاق تمتد من بحيرة كينغ ماريوت إلى البحر المتوسط، و16 دفنة داخل مقابر منحوتة في الصخر والتي شاع استخدامها في العصرين اليوناني والروماني، بالإضافة إلى عدد من المومياوات والتي تبرز سمات عملية التحنيط خلال العصرين اليوناني والروماني.
وقالت كاثلين مارتينز رئيسة البعثة، التي كانت تعمل في معبد تابوزيريس ماغنا منذ أكثر من 15 عامًا، لصحيفة ناشيونال جيوغرافيك: "تفاوضت كليوباترا مع أوكتافيان للسماح لها بدفن مارك أنطوني في مصر.. أرادت أن تُدفن معه لأنها أرادت إعادة تمثيل أسطورة إيزيس وأوزوريس"، مشيرة إلى أن المعنى الحقيقي لعبادة أوزوريس أنها تمنح الخلود.
وتشير النظريات إلى أنها دفنت تحت معبد تابوزيريس ماغنا بالقرب من العاصمة القديمة للإسكندرية.
وأثناء أعمال الحفائر والمسح الأثري للنفق، تم الكشف عن جزء من النفق غارق تحت مياه البحر المتوسط وعثر على أواني الفخارية وجرار خزفية تحت الرواسب الطينية، وأثبتت العديد من الشواهد الأثرية أنه يوجد جزء من أساسات معبد تابوزيريس ماغنا مغمورًا تحت الماء
ووفقًا للمصادر العلمية فقد ضرب الساحل المصري ما لا يقل عن 23 زلزالًا بين عامي 320 و1303 ميلادية، مما أدى إلى انهيار جزء من معبد تابوزيريس ماغنا وغرقه تحت الأمواج.
وأشارت صحيفة " الجارديان " الى كشف جديد تمثل في العثور على مومياوتين في منطقة " تابوزيريس ماجنوم "، كانت رقائق الذهب تغطيهما وهي رفاهية لا تمنح الّا لمن هم طبقات المجتمع العليا، وربما تكون هناك علاقة مباشرة بين أصحاب تلك المومياوات وبين كليوباترا نفسها .
ونوه عالم المصريات الشهير الدكتور زاهي حواس إلى أن "تابوزيريس ماجنا " تقع على بعد حوالي 30 كم من مدينة الاسكندرية، ويؤكد على أن هناك آمالًا عريضة على وجود مومياء كليوباترا ومارك انطونيو هناك، ويرجح أنهما دفنا في قبر واحد.
تقول السيرة التاريخية أن كليوباترا كانت قد اختارت لمقبرة مارك أنطونيو مكانًا مقدسًا يحمل اسم تابوزيريس ماجنا أي مدينة أوزوريس قرب الإسكندرية، وكان هذا المكان له أهمية كبيرة بالنسبة لكليوباترا لأنها بوصفها ملكة مصر كانت تجسيدًا بشريًا للإلهة إيزيس زوجة الإله أوزوريس.
ويشارك زاهي حواس في البحث البروفيسور "جلين جودينهو"، المحاضر الأول في علم المصريات في جامعة ليفربول ، وترأس الحفريات في "تابوزيريس ماجنا " الدكتورة "كاثلين مارتينيز "، وكلاهما يقطعان بأنهما قريبان جدًا من العثور على مقبرة كليوباترا هناك، لا سيما بعد اكتشافهما لتمثال بدون رأس يعتقد أنه للملك بطليموس الرابع سلف كليوباترا ولوحة كبيرة بها نقش يظهر أن المعبد مخصص للإلهة إيزيس
وفي الموقع نفسه تم اكتشاف نحو 200 قطعة نقدية تحمل اسم كليوباترا ووجهها في موقع مذبح داخل المعبد، حيث كان الكهنة يقدمون القرابين للآلهة .
حكاية غريبة
وعند عودتنا للوراء قليلًا وجدنا رأيًا غريبًا نشرته مجلة "الدنيا المصورة" التى كانت تصدر عن دار الهلال فى عددها الصادر فى 13 نوفمبر من سنة 1929 فى مقال بعنوان "مومياء كليوباترا وشائعة وجودها فى باريس" قالت فيه
عقدت مجلة "تشلدرنز نيوز بيبر" فصلًا بالعنوان المتقدم بتحفظ فى ما يلى قالت: وردت علينا رواية غريبة من باريس أن كليوباترا ملكة مصر ومعبودة قيصر وأنطونيو مدفونة فى العاصمة الفرنسية، وتذهب الرواية إلى أن أحد العلماء الذين رافقوا حملة نابليون على مصر نقل إلى فرنسا تابوتًا محتويًا على مومياء كليوباترا، فوضع التابوت بمحتواه فى قاعه النياشين بمكتبة باريس الأهليه لغاية سنة 1870، حيث نقل منها خوفًا من استيلاء الألمان عليه فى قبو المكتبة وبقيت بها سنتين ولما فحصت وجد أنها قد أصابها العطب ولم تعد صالحة للعرض، وعلى ذلك دفنت فى حديقة المكتبة ولا تزال فى مكانها هذا إلى الآن غير أنه هناك حركة فى الوقت الحاضر يقصد بها إلى نقل رفاة الملكة العظيمة إلى المكان اللائق بها بين كنوز باريس. ونحن من جانبنا، هكذا تقول الصحيفة الإنجليزية، نقول إنه إذا كان قلب رمسيس فى باريس وجثته فى مصر فلماذا نستبعد وجود جثة الملكة التى حكمت بعده بعدة قرون فى نفس المكان الذى يوجد فيه قلب الملك.
وهذا يعنى أن عجائب وطرائف كليوباترا ومقبرتها وملامحها لن تنتهى، ولكن الفيصل دائمًا للحقيقة العلمية الدامغة من خلال ما أعلنته وزارة السياحة والآثارمن أن تماثيل كليوباترا بالمتاحف داخل مصر وخارجها ليس من بينها تمثال ببشرة سوداء ومنها تمثال نصفي من الرخام بمتحف برلين من القرن الأول قبل الميلاد وتظهر فيه وهي ترتدي إكليلًا ملكيًا وعينان لوزيتان والأنف مسحوب والشفاه رقيقه، وتمثال نصفي بالفاتيكان يظهرها بملامح ناعمة ورأس من الرخام تظهر فيها وهي ترتدي غطاء الرأس، وتصوير كليوباترا على العملات المعدنية تظهرها بالملامح الهلينستية "اليونانية" من حيث البشرة فاتحة اللون والأنف المسحوب والشفاه الرقيقة
كما ذكرت مدير عام مركز البحوث وصيانة الآثار بالمجلس الأعلى للآثار الأسبق، سامية الميرغني، من خلال دراسات الأنثروبولوجيا البيولوجية ودراسات الحامض النووي التي أُجريت على المومياوات والعظام البشرية المصرية القديمة أكدت أن المصريين لا يحملون ملامح أفارقة جنوب الصحراء سواءً في شكل الجمجمة وعرض الوجنات والأنف واتساعة وتقدم الفك العلوي ولا في الشكل الظاهري للشعر ونسب أعضاء الجسد وطول القامة وتوزيع وكثافة شعر الجسد، وأن مانراه من تنوع كبير بين ملامح المصريين يرجع لقدم إعمار الأرض واستقرار سكانها وإذابتهم لكل غريب داخل بوتقتهم
وإن جميع النقوش والتماثيل التي خلفها لنا قدماء المصريين على المعابد والمقابر صورت المصريين بملامح أقرب ما يكون بالمصريين المعاصرين، من حيث لون العين والشعر والبشرة ودرجة نعومة وكثافة الشعر لدي الرجال والنساء، وحتى لون الجلد ووجود نسبة من العيون الملونة
الصورة إهداء الآثارى محمد حمادة مؤسس ورئيس فريق أحفاد الحضارة المصرية