إكتشاف واحة للجمال بشاطىء غزلانى
كتب د. عبد الرحيم ريحان
أرسل لى المرشد السياحى أحمد عوض مرشد لغة انجليزية وإيطالية بسيناء اليوم صورًا لواحة للجمال برأس محمد فى جنوب سيناء تستحق الوقوف عندها شاهدها بنفسه ورافق فيها وفدًا سياحيًا وقد أعجبوا بها كواحة للجمال على أرض مصر، حيث يتجمع أهل البادية بقطعان من جمالهم ليقتربوا من شاطئ غزلانى أحد أجمل شواطىء محمية رأس محمد التى تبعد عن شرم الشيخ 12كم لوجود بعض المياه العذبة الصالحة للشرب مما آثار حالة من الإعجاب الشديد والانبهار تستحق أن نقف عندها ليتعرف المصريون على قيمة منطقة رأس محمد الدينية والسياحية وسبل الاستفادة من مقوماتها السياحية
وحين نقف أمام هذا المنظر نتذكر رحلة نبى الله موسى وحيدًا حين توجه إلى مدين وقد أكدت أثريًا وتاريخيًا أن مدين المقصودة هى مدين سيناء ما بين شرم الشيخ ودهب وهى مرتبطة بوجود شجر المانجروف وهو موجود برأس محمد ونبق حيث كانت إقامة القوم الذين جاءوا وسكنوا مدين بعد هلاك أهلها أصحاب الأيكة وهى شجر المانجروف، وقابل نبى الله موسى فى مدين سيناء فتاتين عند بئر صالح لشرب الحيوانات مثل هذه الآبار بوادى غزلانى ولعله أحدهم وسقى للفتاتين
ولم يتفق المفسرون على تحديد موقع مدين وذكرت بشكل عام أنها بشمال غرب الحجاز وذكرت فى التوراة أنها فى النقب، وذكرت فى القرآن الكريم حين مخاطبة أهل مدين "وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيد" سورة هود آية 89 وقوم لوط فى موقع الأردن حاليًا وأقرب موقع للأردن هى سيناء من شرم الشيخ إلى طابا بامتداد خليج العقبة
النقطة الثانية إن التوصيف الذى ذكره كل المؤرخين لتفسير الأيكة ينطبق على أشجار المانجروف وهى أحد أجناس الأيكات الساحلية ويتوافر شجر المانجروف بالمنطقة بين شرم الشيخ ودهب حيث يتواجد برأس محمد وهناك محمية نبق بين دهب وشرم الشيخ التى تتميز بشجر المانجروف
محمية رأس محمد
في عام 1983 اعتبرت محمية رأس محمد محمية عالمية، أمّا مساحتها فهي تبلغ حوالي 480 كيلو متر مربع وإذا أردت الوصول إليها عن طريق مطار شرم الشيخ فهي تبعد عنه مسافة 12 كم.
تتميز محمية رأس محمد بموقعها عند التقاء خليج السويس وخليج العقبة وهذا الموقع يميزها عن غيرها من المحميات وخاصة لأن الجهة الشرقية منها عبارة عن حائط صخري يحيط به مياه الخليج وهو مكون من الشعاب المرجانية الرائعة
تضم المحمية شواطئ رائعة تتكون من شعاب مرجانية نادرة، ويأتي الكثير من السائحين من أجل الغطس في مياه المحمية لمشاهدة أنواع الشعاب المرجانية الرائعة كما أنها تضم مجموعة نادرة من الأسماك الملونة والسلاحف البحرية التي على وشك الانقراض والأحياء المائية النادرة
تحتضن المحمية مجموعة نادرة من الطيور والحيوانات مثل الوعل النوبى والثعالب والأرانب الجبلية والغزلان والماعز الجبلي وحفريات تتراوح أعمارها ما بين 75 ألف سنة إلى 20 مليون سنة، وأطلق أهل سيناء على البحيرة المسحورة بالمحمية بحيرة التمنى فحين يسبحون بها يلقون بها أمنياتهم
مجمع البحرين
وفى دراسة للباحث الشهير عماد مهدى كشف عن مجمع البحرين برأس محمد عند نقطة التقاء خليج العقبة وخليج السويس بالمسح التصويرى الفضائى باستخدام تقنية تصوير الأقمار الصناعية التى حددت موقع لقاء نبي الله موسى والخضر عليهما السلام على أرض سيناء منذ حوالى 3200 سنة تقريبًا وأن التوصيف اللغوي لكلمة مجمع البحرين لا ينطبق جغرافيًا على أي مكان فى العالم إلّا فى رأس محمد، وهي مجمع خليجي العقبة والسويس في بحر واحد هو البحر الأحمر، ولفظ مجمع يختلف عن لفظ التقاء.
وحدد الباحث عماد مهدى فى دراسته موقع صخرة الحوت نقطة اللقاء بين نبي الله موسى والرجل الصالح الخضر، وهي الصخرة الوحيدة التى تتوسط طريق الدخول لرأس محمد، وتقع في خط مستقيم في طريق الوصول لأخر نقطة فى اليابسة في موقع مجمع البحرين، وكما هو موضح بالخريطة فإن المسافة المرجحة التي قطعها الحوت من الصخرة حتى المياه العميقة تبلغ حوالى 2كم، والمسافة التى قطعها نبى الله موسى من نفس الصخرة حتى نقطة الارتداد واكتشاف فقدان الحوت توازي نفس المسافة 2كم.
كما كشف عن الممر المائي للحوت الذي حدد القرآن الكريم الطريق والطريقة التي أتخذها الحوت مرتين: مرة في قوله تعالى { فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا } سورة الكهف 61 ومرة { وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا } سورة الكهف 63 وفي الآيتين جاء الذكر والتأكيد على اتخاذ الحوت سبيلا للخروج من المياه الضحلة إلى المياه العميقة باتخاذ السبيل وتعني الطريق. وقد وصف القرآن معجزة شق الطريق إلى البحر وعودة الحياة للحوت والمعروف بمنطقة الخليج الخفي بجنوب رأس محمد وهذا يفسّر وجود مجرى مائي دائم فى منطقة الخليج الخفي برأس محمد.
كما كشف عن الرصيف البحري التى رست عليه سفينة العبد الصالح الخضر، وهو الشاهد الأثري على تأكيد موقع مجمع البحرين برأس محمد، ومنه تم تحديد خط سير السفينة إلى رأس محمد، وتحديد وجهتها ويقع هذا الرصيف على بعد 300م من صخرة اللقاء، ويجتاز هذا الرصيف الجدار المرجاني على الشاطئ لمسافة 50م حتى الغاطس وعرضه من 6 إلى 8م، ويتكون من صخور جرانيت وحجر رملي منقول، ويتوسط الرصيف البحري القديم شاطئ الميناء على الساحل الغربي لرأس محمد، والمطل على خليج السويس على شكل نصف دائرة مساحتها حوالي كيلو متر واحد، وعن خط سير سفينة الخضر
وكانت السفينة قادمة من خليج السويس وفي طريقها لخليج العقبة، وذلك لوقوع خليج السويس تحت سيادة مصر القديمة الدولة ذات النفوذ الكبير بالمنطقة. والتاريخ المصري لم يسجل أي أعمال قرصنة في البحار بينما يختلف الوضع فى خليج العقبة والبحر الأحمر، وقد كانت منطقة مهددة بأعمال القرصنة البحرية لوجود دويلات صغيرة على جانبيها مثل حضارات سبأ وحمير فى اليمن والثموديين واللحيانيين فى شمال الجزيرة.
وقد سجل التاريخ فى غضون العام 1200 قبل الميلاد حدوث إضرابات في منطقة الشرق الأدنى القديم بسبب هجرات الشعوب الهندو أوربية، كما أن البحر الأحمر عرف منذ أقدم العصور كأحد طرق التجارة القديمة، وقد سجلت الآثار المصرية سفن لم تكن معروفة في وادي النيل، وقد وفدت إلى مصر شعوب فى هذه السفن ووصلوا من الجنوب ومن الشرق واتخذوا طريق ( القصير- قفط ) في رحلاتهم، وقد سجلوا رسوما لسفنهم على صخور بعض دروب الصحراء الشرقية.
ومن هذا المنطلق نطالب باعتبار رأس محمد موقع شامل لمقومات سياحية متنوعة تشمل السياحة الروحية والسياحة البحرية كأجمل منطقة غوص بسيناء وسياحة البادية بكل مفرداتها الجمالية وقد أضفنا إليها اليوم واحة جمال جديدة تجذب أنظار السياح من جميع الجنسيات ونربطها بمسار نبى الله موسى