اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

اتفاقية لاهـاي ومن يحمى آثار السودان من الدمار؟

 اتفاقية لاهـاي ومن يحمى آثار السودان من الدمار؟





كتب د. عبد الرحيم ريحان


الممتلكات الثقافية بالسودان مهددة فى حالة استمرار النزاع المسلح بها فأين اليونسكو للاضلاع بالقيام بدورها للحماية للحضارة الإنسانية بالسودان طبقًا لاتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح 14 مايو 1954

وهناك مبادىء خاصة بحماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح مقررة في اتفاقيتي لاهاي عام 1899 وعام 1907 وميثاق واشنطن المؤرخ 15 أبريل 1935



تتطلب الاتفاقية اتخاذ كل التدابير الممكنة لحماية الممتلكات الثقافية مهما كان أصلها أو مالكها وجاء تعريف الممتلكات الثقافية فى إتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح 14 مايو 1954 ماد1 فى ثلاث فقرات


(أ) الممتلكات المنقولة أو الثابتة ذات الأهمية الكبرى لتراث الشعوب الثقافي كالمباني المعمارية أو الفنية منها أو التاريخية، الديني منها أو الدنيوي، والأماكن الأثرية ومجموعات المباني التي تكتسب بتجمعها قيمة تاريخية أو فنية، والتحف الفنية والمخطوطات والكتب والأشياء الأخرى ذات القيمة الفنية التاريخية والأثرية، وكذلك المجموعات العلمية ومجموعات الكتب الهامة والمحفوظات ومنسوخات الممتلكات السابق ذكرها




(ب) المباني المخصصة بصفة رئيسية وفعلية لحماية وعرض الممتلكات الثقافية المنقولة المبينة في الفقرة (أ)، كالمتاحف ودور الكتب الكبرى ومخازن المحفوظات وكذلك المخابىء المعدة لوقاية الممتلكات الثقافية المنقولة المبينة في الفقرة (أ) في حالة نزاع مسلح

(ج) المراكز التي تحتوي مجموعة كبيرة من الممتلكات الثقافية المبينة في الفقرتين (أ) و(ب) والتي يطلق عليها اسم "مراكز الأبنية التذكارية".

كما جاء فى المادة 3 من الاتفاقية تحت مسمى وقاية الممتلكات الثقافية أن الأطراف السامية المتعاقدة تتعهد بالاستعداد منذ وقت السلم لوقاية الممتلكات الثقافية الكائنة في أراضيها من الأضرار التي قد تنجم عن نزاع مسلح باتخاذ التدابير التي تراها مناسبة.

أوجبت الاتفاقية فى المادة 4 احترام الممتلكات الثقافية على أن تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بتحريم أي سرقة أو نهب أو تبديد للممتلكات الثقافية ووقايتها من هذه الأعمال ووقفها عند اللزوم مهما كانت أساليبها، وبالمثل تحريم أي عمل تخريبي موجه ضد هذه الممتلكات كما تتعهد بعدم الاستيلاء على ممتلكات ثقافية منقولة كائنة في أراضي أي طرف سام متعاقد آخر كما تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بالامتناع عن أية تدابير انتقامية تمس الممتلكات الثقافية، ووفقًا لأحكام المادة 16 يجب وضع شعار مميز على الممتلكات الثقافية لتسهيل التعرف عليه




كما تقرر فى المادة 8 من الاتفاقية بأنه يجوز أن يوضع تحت الحماية الخاصة عدد محدود من المخابىء المخصصة لحماية الممتلكات الثقافية المنقولة، ومراكز الأبنية التذكارية، والممتلكات الثقافية الثابتة الأخرى ذات الأهمية الكبرى بعدة شروط ومنها الفقرة السادسة "منح الحماية الخاصة للممتلكات الثقافية بقيدها في "السجل الدولي للممتلكات الثقافية الموضوعة تحت نظام الحماية الخاصة".ولا يتم هذا التسجيل إلا وفقًا لأحكام هذه الاتفاقية وبالشروط المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية"

وقد جاء فى المادة 9 على أن تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بأن تكفل حصانة الممتلكات الثقافية الموضوعة تحت نظام الحماية الخاصة بامتناعها عن أي عمل عدائي نحو هذه الممتلكات بمجرد قيدها في "السجل الدولي" وعن استعمالها أو استعمال الأماكن المجاورة لها مباشرةً لأغراض حربية إلّا في الحالات المنصوص عليها في الفقرة الخامسة من المادة الثامنة ونصها "يجوز بالرغم من وقوع أحد الممتلكات الثقافية من المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة بجوار الهدف عسكري هام بالمعنى المقصود به في هذه الفقرة وضع هذا الممتلك تحت نظام الحماية الخاصة إذا ما تعهد الطرف السامي المتعاقد بعدم استعمال الهدف المذكور في حالة نشوب نزاع مسلح، ولا سيما إذا كان الهدف ميناء أو محطة سكة حديد أو مطارًا، وبتحويل كل حركة المرور منه. ويجب في هذه الحالة تنظيم تحويل حركة المرور منه منذ وقت السلم.

وتقدم اليونسكو المساعدة التقنية المنصوص عليها في المادة 23 من اتفاقية لاهـاي لعـام 1954و البروتوكول الإضافي الثاني المبرم في 1999 من خلال مادته 33 و اللتـان تنصـان علـى إمكانيـة طلب أطراف النزاع المعونة التقنية من اليونسكو وتمثل المسـاعدة في تنظـيم وسائل حماية هـذه الممتلكـات أو حـل أي مشـكلة ناجمـة عـن تطبيـق الاتفاقيـة أو لائحتـها التنفيذية و تقوم اليونسكو بتقديم هذه المساعدة في حدود ما تتيحـه لهـا برامجهـا و مواردهـا المالية، كما تشجع اليونسكو الدول على تقديم المساعدة التقنية على صـعيد ثنـائي أو متعـدد الأطراف

ولليونسكو تجربة سابقة على أرض الواقع حيث أدانـت مـن خـلال الـدول الأطراف أعمال الصرب ضد البوسنيين وخاصـة ضـد الممتلكـات الثقافيـة الإسـلامية، حيث ساندت الدول الأعضاء نداء رئيس المؤتمر العام للمنظمة بشـأن احتـرام التـراث الثقـافي في يوغسلافيا سابقًا، كما قام المدير العام للمنظمة بإرسال بعثة خاصة يوم 28 أكتـوبر 1991 برئاسة السيد Janicot Daniel)) مدير ديوانه، كما قام المدير العام للمنظمة بتعيين مبعـوث ومراقب دائم للمنظمة في البوسنة بدءًا بمدينة " ديبروفينيك" باعتبارهـا المدينـة الأكثـر تضـررًا وذلك حتى يقوم بعملية جرد لكل الممتلكات الثقافية التي تم الاعتداء عليها

تمتلك اليونسكو صندوقًا لحماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح  أنشىء أيضًا بموجب البروتوكول الثاني لعام 1999 من أجل تقديم مساعدة مالية أو غير مالية لدعم التدابير التحضيرية والتدابير الأخرى التي تتخذ وقـت السلم وتقديم مساعدة مالية أو غير مالية لأجل تدابير الطوارئ أو التدابير المؤقتة، أو غيرها من التـدابير التي تتخذ من أجل حماية الممتلكات الثقافية أثناء فترات التراع المسلح أو فتـرات العـودة إلى الحياة الطبيعية فور انتهاء العمليات الحربية وفقًا لأحكام من بينها الفقـرة الفرعيـة (أ) مـن المادة الثامنـة، الـتي حثـت الأطـراف بالسـعي إلى أقصـى حـد ممكـن علـى إبعـاد الممتلكـات الثقافية المنقولة عن جوار الأهداف العسكرية أو توفير حماية كافية لها في موقعها.

وينشىء الصـندوق حسـابًا لأمـوال الودائـع وفقًا لأحكـام النظـام المـالي لليونسـكو،ولا تستخدم المبالغ المدفوعة من الصندوق إلا للأغراض التي تقرها اللجنة.

وتعتمد موارد هذا الصندوق على مساهمات طوعية يقدمها الأطراف.ومساهمات أو هبات أو وصايا تقدمها دول أخرى أو اليونسكو أو منظمات أخرى تابعة للأمم المتحدة أو منظمات أخرى دولية حكومية أو غير حكومية أو هيئات عامة أو خاصة أو أفراد بالإضافة إلى فوائد تدرها أموال الصندوق والأموال المحصلة من عمليات جمع الأموال وإيرادات الأحداث التي تنظم لصالح الصندوق

ونتيجة العجز فى موارد هذا الصندوق وعدم تعاون الداعمين لتوفير الموارد اللازمة بالإضافة إلى عدم تعاون أطراف النزاع المسلح مع اليونسكو لتنفيذ مهامها وعدم وجود آليات لتدخل اليونسكو تحت اى ظروف لحماية الممتلكات الثقافية عجزت اليونسكو فى الفترة الأخيرة فى حماية الممتلكات الثقافية فى النراعات المسـلحة في العراق ومالي وسوريا واليمن والتى خلّفت تـدميرًا كـبيرًا فى التراث الإنسانى بهذه الدول نتيجة القصور فى أداء اليونسكو لدورها فى  إقـرار قواعـد لحمايـة الممتلكـات وفقًا للمعاهدات الدولية

ومن هذا المنطلق نناشد الدول الغنية باليونسكو بتعزيز موارد هذا الصندوق ونطالب اليونسكو بآليات أكثر فاعلية لحماية الممتلكات الثقافية بعد أن زادت حدة النزاعات المسلحة فى بلدان العالم ويطالب أطراف النزاع فى السودان وفى كل الدول المهددة بالنزاعات العسكرية التعاون مع اليونسكو وتسهيل مهامها وتنفيذ بنود إتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح 14 مايو 1954

يتميز السودان بالثراء الحضاري وتعدد مواقعه الأثرية وتنوعها في رقعة جغرافية واسعة متباينة بيئيًا وجغرافيًا حيث شهدت قيام الكثير من الحضارات منذ عصور ما قبل التاريخ الثلاثة مرورًا بحضارة المجموعات النوبية وحضارة كرمة الى عصر نبتة فمروي ومابعدها فالمسيحية إلى الإسلام

وعلى سبيل المثال لا الحصر جزيرة مروى التي تقع ما بين نهر النيل وعطبرة وكانت قلب مملكة كوش وبها المعابد والأهرامات والمنشآت المائية، ودانجيل 320 كم من الخرطوم عند منبع الجندل الخامس وبها معبد آمون والأبراج الأثرية المصنوعة من الطوب الأحمر وتماثيل لملوك نبتة، وجزيرة ساي ساي باتجاه الجنوب من الشلال الثاني وبها المقابر والمعابد والآثار التي تعود إلى العصر الحجري الأول، وبها آثار مصرية قديمة وآثار إسلامية، وسدينجا وبها آثار الحضارة المروية أو العائدة إلى حضارة نبتة، ومنطقة سوليب التى تضم معبد مصرى قديم، ودير الغزالي الذي يقع في الجزء السفلي من وادي أبو دوم تم بناؤه في القرن العاشر الميلادى، وجزيرة أرغو وتضم الموقع الأثري تابو جنوب الجندل الثالث وبه معبد كوشيت الذى يعود إلى الحضارة المروية والحضارة المسيحية، والكوة الذى يضم معابد مصرية قديمة وآثار من حقبة حضارة كوش، والكرمة الذى يضم أماكن أثرية بنيت من الآجر "الطوب الحمر" المعروف باسم الضفوفة ويعود تاريخه إلى عام 203 قبل الميلاد، بالإضافة إلى جبل البركة العاصمة الدينية لمملكة النبتة وبه الآثار من عصر مصر القديمة  إلى كل من الحضارة المروية وحضارة النبتة .


google-playkhamsatmostaqltradent