اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

معالم جبانة الشاطبي بالإسكندرية "إنفراد"

 معالم جبانة الشاطبي بالإسكندرية "إنفراد"




كتب د. عبد الرحيم ريحان


تُعد مدينة الإسكندرية التي أسسها الإسكندر الأكبر في 331 قبل الميلاد هي حاضر العالم الهللينستي أمّا في عصر البطالمة قرابة الثلاثة قرون

(306 -30 ق.م) فكانت تمتاز بالعالمية

 (أي كوزموبوليس) حيث تضم العديد من الأجناس المختلفة من الشعوب حوالي 500.000 أو ما يزيد من الإغريق والمصريين واليهود والأناضوليين وغيرهم، فضلًا عن ذلك كانت الإسكندرية "منارة" العلم للمعرفة فهي موطن الموسيون والمكتبة الكبرى ، كما أنها "مدينة العجائب" وذلك لمنارة فاروس العظيمة ويقول ديودور الصقلي أن الإسكندرية " فاقت، بقدر كبير سائر المدن في البهاء والامتداد والثراء والرفاهية".



كما كانت الإسكندرية مدينة الموتى كما ذكر الجغرافي استرابون "حيث توجد العديد من الحدائق والبساتين المزودة بأماكن معدة لتحنيط الجثث"، وضمت مقابر الإسكندرية مدافن من جميع الطبقات الاجتماعية بتقليدها المختلفة، فكان الموتى يوضعون في فتحات ضيقة، تُعرف باسم فتحات الدفن، منحوتة في جدران غرف الدفن وتُغلق بألواح تزخرف بتقليد أشكال المداخل 

أو على شكل ناووس على الطراز المصري 

أو اليوناني أو يُصور عليها شخص صاحب القبر وفي حالات استثنائية كان الجسد الميت يدفن داخل تابوت حجري على هيئة أريكة (سرير).





وفى إطار افتتاح الدكتور مصطفى وزيرى، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، مقبرة الشاطبي الأثرية بمنطقة الشاطبي وسط الإسكندرية 10 مايو الجارى، بعد أعمال التطوير التى شهدتها المقبرة الأثرية حيث تم رفع المياه الجوفية من المنطقة بتكلفة 3 ملاين جنيه، وبدأت تستقبل الجمهور منذ لحظة الافتتاح لأول مرة منذ إغلاقها قبل عدة سنوات نرصد كافة التفاصيل العلمية للمقبرة بالصور مما يعد انفرادًا خاص ل "دايلى برس مصر" بالمعلومة والصورة من خلال مشروع جمعية الآثار بالإسكندرية برئاسة الدكتورة منى حجاج.



وتشير الدكتورة منى حجاج، أستاذ الآثار والدراسات اليونانية والرومانية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، ورئيس جمعية الآثار بالإسكندرية ومدير مشروع تطوير جبانة الشاطبي إلى أن جمعية الآثار هي الجهة المنفذة للمشروع بتمويل من مؤسسة "ليفتنس" القبرصية بالتعاون مع معهد العلمي بقبرص وجامعة أثينا باليونان وبتصريح وإشراف وزارة السياحة والآثار المصرية

 واستغرقت أعمال التطوير 18 شهر بتكلفة تقرب من 3 ملايين جنيه مصري.





وأوضحت الدكتورة منى حجاج أن المقبرة كانت تعاني من المياه الجوفية ومياه الأمطار، والتي وصلت إلى حجرات الدفن بالمقبرة وأسفرت عن طبقة بارتفاع مترين من الركام والطمي والمخلفات وتم تنظيف المقبرة والوصول إلى الأرضية الأثرية لها،وترميمها وصيانتها وإحاطتها والصخرة الأم بأسوار للحماية، وإعداد مسار الزيارة واتجاهاتها وإنشاء مركز للزوار مزود بالوسائط المتعددة لتقديم المعلومات العلمية الآثرية عن المقبرة،  كما تم تزويدها بخدمات من كافيتريا وبيت هدايا

وأشارت الدكتورة سمر سامي سيد دكتوراه الفلسفة في الآداب من قسم الآثار والدراسات اليونانية والرومانية تخصص (الآثار) - جامعة الإسكندرية إلى أهمية

جبانة الشاطبي التى تقع بقلب الإسكندرية الحديثة في منطقة الشاطبي الحالية 

إلى الشمال من كلية سانت مارك أمّا قديمًا فقد كانت الجبانة تقع خارج الأسوار الشرقية للمدينة وهي من أقدم الجبانات في الإسكندرية، حيث بدء استخدام الجبانة منذ نهاية القرن الرابع قبل الميلاد أي بعد عقدين فقط من تأسيس المدينة على يد الإسكندر الأكبر.



كان الإغريق من سكان الإسكندرية هم أصحاب المقبرة، بما في ذلك الجيل الأول من المهاجرين من مقدونيا وثيساليا وآسيا الصغرى، وقد هُجرت الجبانة في العصر البطلمي المتأخر 

(القرن الثاني/الأول قبل الميلاد) وذلك نتيجة لتوسع المدينة تجاه الشرق.





وتنوه الدكتورة سمر سامي سيد إلى اهتمام الآثاريين بمنطقة الشاطبي مثل السيد يوانيدس وجوزيبي بوجيولي، وألكسندر ماكس دي زغيب وكذلك هاينريش شيلمان (مكتشف طروادة) وذلك في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، وبدأت الاستقصاءات الأكثر جدية في منطقة الشاطبي مع بداية القرن العشرين على يد جوزيبي بوتي 

(أول مدير للمتحف اليوناني الروماني) وتابع العمل بعد وفاته إيفاريستو بريتشيا الذي حفر جبانة الشاطبي بشكل منهجي من 1904 الى 1910، وفي عام 1912 نشر كتابه (جبانة الشاطبي) وقد أمكن الحفاظ على جزء من الجبانة المحفورة كموقع أثري قابل للزيارة.



بعد ذلك واجهت جبانة الشاطبي تدهورًا تدريجيًا بسبب ظروف الطقس والمياه الجوفية وقد أصبح الموقع منسيًا إلى حد ما عند كل من علماء الآثار والزوار غير بعد الاستثناءات منها حفائر الإنقاذ التي أجرتها مصلحة الآثار المصرية في أوائل التسعينات بالإضافة إلى ما قامت به بعثة جامعة أوجسبورج (2010-2013) من الكشف عن المقبرة ج وإعادة اكتشاف المقبرة ب.

وأردفت الدكتورة سمر سامي سيد بأن جمعية الآثار بالإسكندرية برئاسة الدكتور منى حجاج في عام 2019 وبرعاية مؤسسة

  أ.ج. لفنتيس القبرصية وبتصريح من وزارة السياحة والآثار المصرية، مشروعًا متعدد الأوجه لإعادة استكشاف جبانة الشاطبي بالكامل وتضمنت أهداف المشروع تنظيف وترميم وصيانة البقايا القديمة، وتعزيز البحث الأثري، وإعداد دراسة حديثة، وحماية المنشآت الواقعة تحت الأرض من المياه والتربة التي ردمتها، وأخيرًا رفع كفاءة الموقع وإعداده للزيارة مع تقديم خبرات جديدة للزوار.





وتم اكتشاف أكثر من 300 قطعة من اللقى الأثرية في جميع أنحاء الموقع من بينها العديد من الفخار المحلي والمستورد في حالة جيدة من الحفظ بالإضافة إلى بقايا هياكل عظمية وجرار من أواني من نوع الهيدريا المعروفة باسم أواني الحضرة التي كانت علامة على جبانات الإسكندرية.



وتصف الدكتورة سمر سامي سيد معالم المكتشفات الأثرية

المقبرة أ :

تعد المقبرة أ هي العنصر الرئيسي في الجبانة القائمة اليوم، حيث أن طبيعتها مستوحاة من المنازل اليونانية ومن عمارة المعابد بالإضافة إلى بعض المنشآت الجنائزية المقدونية، نظرًا لأن العديد من المقدونيين مدفونين في جبانة الشاطبي، كما أنها تضم العديد من الخصائص النموذجية للمجمع الجنائزي السكندري.



الفناء

يمثل الفناء المفتوح للمقبرة أ المحور الذي يتمركز حوله منزل الموتى كما هو حال عمارة المنازل اليونانيةـ تفتح غرف الدفن المنحوتة في الصخر على الفناء من خلال بوابات تقع في وسط كل من الجدارين الغربي والشمالي أما باقي سطح الجدار فمغطى بزخارف بارزة اللون.



وحدة الدفن الشرقية:

تمثل وحدة الدفن الشرقية أقدم وحدة للدفن في الجبانة، وتتألف من غرفتين، الغرفة الأولى مستطيلة الشكل وذات سقف مقبب، وقد نحتت أربع فتحات دفن في كل من جداريها الطوليين، ولم يعثر على أي من تلك الفتحات سليمة، وقد زينت إطارات كل فتحة بأشكال إطارات أبواب إيونية كانت في الأصل ملونة بالأصفر.



حجرة الدفن الغربية:

يبدو أن هذه الغرفة هي الثانية تاريخيا من حيث الاستخدام في كامل الجبانة، تحتوي الغرفة على 8 فتحات دفن ضمت جرار رماد لأجساد محروقة جنباً إلى جنب مع الجثث المُكفنة، ولا تزال آثار الألوان ظاهرة للعيان، وفى أكتوبر 2021 عثر على جمجمة امرأة تبلغ من العمر حوالي 30 عامًا داخل الفتحة الثالثة للجدار الجنوبي، ثم في 2022 كشف في فتحة دفن بالجدار الغربي نصف مغلقة هيكل عظمى لامرأة أخرى، وإلى جوارها إناء صغير من نوع الهيدريا، وقد حفظ الهيكل في موضعه الأصلي.



قاعة فيلوتكنوس:

غرفة الدفن المسماة بقاعة فيلوتكنوس، هذه الحجرة ذات سقف قبوي وتضم جدرانها 17 فتحة دفن والعديد من فتحات الدفن سليمة ومحتفظة بلوحات غلقها، وكانت تلك اللوحات تحمل تقليدًا منحوتًا بالبارز أو مرسومًا لشكل الأبواب، لا يزال بإمكان الزائر أن يرى فوق إطار الفتحة السادسة بالجدار الشمالي نقشًا ملونًا يحمل اسم صاحب القبر (وداعا فيلوتكنوس).



هـ. القسم الشمالي:

تؤدى بوابة الجدار الشمالي من الدهليز إلى ممر آخر تقع على كل طرف من طرفيه الشرقي والغربي غرفة، والغرفة الغربية بدون فتحات دفن، وعثر بداخلها على العديد من الأواني الفخارية في عام 2021، إلى الشرق توجد حجرة دفن أخرى ذات سقف مقبب و12 فتحة دفن على جدرانها، وقد أمدتنا هذه الغرفة بالكثير من الأواني الفخارية بالإضافة إلى بقايا بشرية واثنين من آنية الرماد كاملتين لا تزالان تحملان رماد الموتى بداخلهما واحدة منهما تنتمي لأواني الحضرة المعروفة.






المقبرتان ب وج:

تقع المقبرة ب متاخمة للمقبرة أ في الجزء الشمالي الغربي منها، وهي منحوتة في الصخر أيضًا ولكنها أصغر حجماً، وتتكون من غرفتين و14 فتحة دفن تحمل ألواح غلق الفتحات زخرفة مرسومة تقليداً للأبواب الزائفة بألوان صفراء وحمراء زاهية، أمّا المقبرة ج فتقع غرب المقبرة أ، وهي أصغر حجمًا منحوتة في الصخر لكن بناءها لم يكتمل.



وتختتم الدكتورة سمر سامي سيد بأن مشروع "جبانة الشاطبي" يضع نصب عينيه على(الحديقة العامة) الواقعة إلى الشمال من الموقع الحالي لجبانة الشاطبي مباشرة، وهي مساحة لم تفحص من قبل، ولقد أثبتت نتائج البحث في مشروع 2020-2023، أن هناك العديد من المفاجآت مخبأة تحت أرضية الشاطبي، وجمعية الآثار بالإسكندرية برئاسة الدكتورة منى حجاج تعد بمواصلة البحث عن جذور الإسكندرية.



لوحة شرف

تتضمن لوحة الشرق فريق العمل بمشروع جبانة الإسكندرية الشاطبي والذى يشمل الدكتورة منى حجاج مدير المشروع والدكتور كيرياكوس سافوبولوس نائب المدير والدكتور حسين عبد العزيز نائب المدير والدكتور إبراهيم حامد الخولي رئيس فريق الترميم والإشراف الميداني والدكتورة سمر يسرى متابعة ترميم وإخصائى الترميم محمد بخيت، محمد عبد الناصر، أحمد فوزى، إسلام جمعة

محمد عنتر والدكتور نيكولاس باكيرتسيس معهد قبرص، رئيس فريق التوثيق الرقمي والدكتور

أثناسيوس كوتوباس من معهد قبرص والأساتذة محمد سلامة ومحمد خضر التوثيق الرقمى، وزياد مرسي توثيق فوتوغرافي قبل التدخل، والدكتورة بسمة خليل رئيس فريق توثيق المكتشفات والمراقبة الميدانية، والأساتذة منة الله حسن، دينا عطا، نهاد على  توثيق المكتشفات والمراقبة الميدانية.



والدكتور نيكولاس ديماكيس جامعة أثينا القومية رئيس فريق البحث العلمي، والدكتور ديميتريس بلانتسوس جامعة أثينا القومية البحث العلمي والدكتور صبحى عاشور بحث علمى، آية محمد طاهر توثيق ودراسة العظام البشرية.



 أسماء عبدالله حسن توثيق ودراسة الأسنان المهندس رمزى وهبة أمين عام جمعية الآثار الدكتور تامر أحمد بسيوني، مدير مكتب المحاسبة والمهندسة سناء عبد الرحيم رئيس فريق الاستشارات الهندسية، حسن محمود المالحي أعمال إدارية ولوجستية.



الدراسة نقلًا عن:

الدكتورة منى حجاج، كيرياكوس سافوبولوس جبانة الشاطبي الهلينستية بالإسكندرية دليل مختصر- في ضوء مشروع جبانة الإسكندرية جمعية الآثار بالإسكندرية، 2023.


google-playkhamsatmostaqltradent