الرئيس التونسي قيس سعيّد يستقبل السيّدة أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية
متابعة - عبير السيد
إستقبل اليوم الرئيس التونسي قيس سعيّد بقصر قرطاج السيّدة أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، والسيّدة جورجيا ميلوني، رئيسة مجلس الوزراء الإيطالية، والسيّد مارك روته، الوزير الأول الهولندي.
وخلال اللقاء وأوضح قيس سعيّد أنه توجد جملة من القضايا التي لا يمكن حلّها إلا بصفة مشتركة تضمن مصالح الجميع، مشيرا إلى أنه يجمعنا تاريخ مشترك وحاضر مشترك ومستقبل مشتركا وداعيا إلى العمل اليد في اليد والندّ للندّ حتى يكون مستقبلنا أفضل من تاريخنا وأشرق من حاضرنا.
كما شدّد على أنه إذا كانت تونس تعيش أوضاعا مالية واقتصادية واجتماعية صعبة فأغلبية التونسيات والتونسيين هم ضحايا سياسات سابقة لا في الداخل فقط ولكن أيضا في الخارج، والشعب التونسي الذي ثار في أواخر سنة 2010 ضد الاستبداد والفساد لن يتخلى عن مطالبه المشروعة في الحرية وحقه المشروع في الشغل وفي الكرامة الوطنية.
وبيّن أن الحرية ليست حرية شكلية يتخفى وراءها المفسدون وليست نصا في الدستور أو في عدد من النصوص القانونية الأخرى بل هي ممارسة حقيقية مادية في أرض الواقع، مضيفا بأن الحرية التي كانت في الظاهر قائمة كانت استبدادا وانحرافا بالثورة استبدادا مقنّعا يلتحف جبّة الحرية الشكلية، وأن العدل المنشود لم يتحقق منه شيئا بل زادت الأوضاع تفاقما.
وأشار إلى مليارات المليارات التي تم تهريبها للخارج ولم تسترجع تونس أموالها المنهوبة قبل سنة 2011 أو إثرها، هذا إلى جانب عديد القروض التي تم تحويل وجهتها والاستيلاء عليها والعالم كله يعرف هذا الوضع.
ودعا إلى تحويل القروض إلى استثمارات يستفيد منها الشعب التونسي والمستثمرون.
وأكّد من جديد على أنه لا يمكن إيجاد حلول للوضع في تونس إلا انطلاقا من إرادة الشعب وحده، فتونس ليست ملفا دوليا بل هي قضية وطنية خالصة وأي حلّ يجب أن يكون على أساس هذه القاعدة مع الشركاء.
وبالنسبة لملف الهجرة غير الإنسانية، دعا إلى مقاربة هذه الظاهرة مقاربة واقعية وجماعية فكثيرة هي القرائن التي تدلّ على أنها غير طبيعية متسائلا عن كيفية وصول هؤلاء البؤساء إلى تونس بعد أن قطعوا آلاف الكيلومترات على الأقدام.
وأوضح أن قيمنا تقتضي أن نعامل المهاجرين غير النظاميين معاملة إنسانية وهو ما يحصل في كل مكان حيث توجد تجمعات هؤلاء المهاجرين، مضيفا بأن تونس لم تعد نقطة عبور بل تحولت إلى مكان للإقامة التي يجب أن تكون قانونية ويحترم الجميع تونس وتشريعها.
كما أشار إلى أن الحلّ الذي يدعو إليه البعض في الخفاء إلى توطين هؤلاء المهاجرين مقابل مبالغ مالية حل لا هو إنساني ولا هو مقبول، فضلا عن أن الحلول الأمنية أثبتت قصورها بل زادت من معاناة ضحايا الفقر والحروب، فلو تم توفير الحدّ الأدنى من مقومات العيش الكريم لهؤلاء الضحايا التي تتقاذف أجسامهم أمواج البحر ورمال الصحراء لما كانوا لقمة سائغة للشبكات الإجرامية التي تتاجر بالأجساد والأعضاء سواء في جنوب المتوسط أو شماله.
أما عن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، أوضح أن الحلول لا يمكن أن تكون في شكل إملاءات وأن الحلول التقليدية لن تؤدي إلا إلى مزيد تأزيم الأوضاع الاجتماعية وستعود بالضرر على تونس وعلى المنطقة كلها.
ودعا إلى العمل سويا من أجل قلب الساعة الرملية فلا تسقط علينا شروط أو إملاءات بل يصغي إلينا من سيمنحنا قرضا لن يجني منه التونسيون سوى مزيد الفقر، مضيفا بأن على الصندوق مراجعة وصفاته وبعدها يمكن التوصّل إلى حلّ.
وتطرق إلى ملف الاستثمارات الأوروبية في تونس حيث اعتبر أن الطريق إلى تحقيقها واضح وهي الاستقرار السياسي والعدل الاجتماعي والقضاء على الفساد لأن خلق الثروة والتنافس النزيه يقتضي القضاء على شبكات الفساد وعلى اللوبيات التي تريد أن تستأثر بكل شيء فلن يقدم أي مستثمر على الاستثمار إن لم يكن آمنا على مشروعه وإن لم يحقق ما يود انجازه في وقت قصير وإذا لجأ إلى القضاء فيعلم أنه سينصفه بسرعة.
وذكّر بأن العالم كلّه دخل مرحلة جديدة في التاريخ، مشيرا إلى أن الجذب إلى الوراء أو إسناد قرض لا يتجاوز مبلغ تحصل عليه أحد اللاعبين المحترفين إلا بقليل لن يبني مستقبلا يقوم على العدل والحرية وهو مستقبل تتطلع إليه الإنسانية جمعاء.