اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

سمير الدسوقي يكتب - هوس الترند مابين قشعرة البدن وخلخلة قيم المجتمع

 هوس الترند  مابين قشعرة البدن وخلخلة قيم المجتمع 







هوس الترند مابين قشعرة البدن وخلخلة قيم المجتمع


   كتب - سميرالدسوقي


هوس محموم يضرب عقول الشباب والأطفال بل وبعض الأسر المصرية، اسمه "الترند" على مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل المزيد من الإعجابات والتعليقات ونسب المشاهدة لجني المال أو الشهرة، يجعل السؤال المؤرق لنا، لماذا النجاح أصبح يُقاس بحجم «ضوضاء وصخب الشهرة » الذي يخلقه، وليس بحجم «الأثر» الذي يصنعه  ؟.


لقد أصبح هَوَسُ "الترند" هو الشغلُ الشاغلِ ، يشارك  الكثير من شبابنا في أي موجة ترند، المهم أن يظهر ويحقق شهرة زائفة حتى يُقال هذا هو صاحب العمل الفلاني أو الفعلة الفلانية، ولا يهم إن كانت مُشرفة أو مخجلة ، المهم أن يدخل باب الشهرة ، ولا يعلم أن " أبا جهل" أيضاً دخل من أوسع أبواب شهرة التاريخ، ولكن من أي باب دخل؟!. 


ومع  إمكانية كسب المال والشهرة على مواقع التواصل الاجتماعي ، أصبح الكثيرون يتهافتون لعرض مقاطع مصورة ومنشورات تجذب الاهتمام، وفي بعض الأحيان يستخدمون الأطفال لجذب المشاهدات دون الاهتمام بتوابع هذا الأمر أو مدى قانونيته ، فوجدنا المجتمع المصري اهتزت أركانه منذ أيام على واقعة ظهور أمّ في مقطع مرئي تدعي فيه إقامة أحد أبنائها علاقة جنسية مع شقيقته، مما استدعى تدخل المجلس القومي للطفولة والأمومة والذي أبلغ النيابة العامة بالواقع، وَقد وُجهِت لهذه الأم صاحبة القناة تهمُ ارتكابِها جرائمَ الِاتجارِ بالبشر باستغلالِ أطفالها بإظهارهِم في مقاطعَ مرئيةٍ ونشرِها على حساباتِها بقصدِ الحصولِ على ربحٍ ماديٍّ، وتعريضِهِم للخطر، والتشهيرِ بالأطفالِ، والِاعتداءِ على المبادئِ والقيمِ الأسريةِ.


وكذلك رأينا تغير طرق حفلات التخرج من الجامعة في مصر،

 حيث اختفت حفلات التخرج البسيطة التي كان فيها الطلاب يلقون بالقبعات للأعلى وتحول الأمر إلى احتفالات ورقصات تسبب جدالا واسعا، وانتشرت بين أوساط الشباب الجامعي المصري ظاهرة فجة غريبة على مجتمعنا، حيث تبحث كل مجموعة من الشباب عن طريقة احتفال لتصوير فيديو يحقق لهم انتشارا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، فوجدنا في الأيام الماضية، انتشار فيديو ، ظهرت فيه طالبة أثناء احتفالها بتخرجها، فيما أهداها والدها روب التخرج مصنوعا من النقود؛ تكريما لها، ما أثار جدلا وانتقادات كثيرة  لهذا التصرف، مما جعل الطالبة تتأذى نفسيا.


وعلى الرغم من الهجوم الواسع الذي تعرضت له الطالبة، إلا أن بعض حفلات التخرج شهدت حالات إنسانية ومواقف تقشعر لها الأبدان، حيث تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لأب يحضر حفل تخرج ابنته التي توفيت وسط تأثر كبير من الحضور، وفي السياق ذاته، تم تداول فيديو آخر لفتاة تحتفل مع والدها حيث أهداها هاتفا صغيرا، وحصد هذا الفيديو ملايين المشاهدات.


وتكملة لمشاهد إثارة الجدل، نشرت وسائل الإعلام المصرية فيديو آخر لحفل طلاب على البحر وتقوم فيه طالبة بالرقص بطريقة مستفزة أمام الكاميرات، مما أثار جدلا واسعا، كما تم تداول فيديو لشاب يحمل فتاة على كتفه بطريقة اعتبرها البعض لا تليق بطريقة حمل فتاة.


واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي له أخطار إضافية، فهو إحدى الطرائق التي قد تؤدي إلى إلحاق الضرر بقدرة الأجيال الحالية على استعمال قواعد اللغة والهجاء بشكل صحيح، ما يؤدي إلى تعطيل اللغة السليمة لديهم بسبب الظهور المتزايد والشائع للاختصارات التي تتم عبر الرسائل، فضلاً عن سوء الفهم إذ قد يتم فهم كلمات المستخدم التي تتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل غير صحيح وغير دقيق، وذلك لعدم توافر إيماءات الجسد ولغته أو حتى نبرة الصوت كتلك التي يمكن استخدامها في المحادثة الفعلية بين الأشخاص، وقد يحدث سوء الفهم هذا حتى مع توافر بعض الرموز التي يتم استخدامها للتعبير عن مضمون مشاعر الشخص المرسل للرسالة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.


 وللحد من سلوكيات مواقع التواصل الاجتماعي السلبية أمر يتطلب تكاتف الجهات، عن طريق تفعيل الرقابة على المحتوى المقدم عبر هذه المواقع، ليتناسب مع جميع الفئات العمرية، ولا تكون فيه تجاوزات مخلة، وخاصة أن أغلبية من يشاهد هذا التطبيق هم من الأطفال والمراهقين، ودعم الشباب لتقديم محتوى إيجابي، يتناسب مع القيم الثقافية للمجتمع ؛ لأن هوس "التريند" والحصول على المال جعل الناس ترتكب أفعالا تتنافى مع العادات والتقاليد.


وهناك 4 نصائح رئيسة لضبط استخدام الأطفال والمراهقين لوسائل التواصل الاجتماعي وهي:

-  تحديد أوقات الاستخدام،

-  وإيقاف تشغيل الإشعارات الواردة من وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة،

-  وإلغاء الحسابات الخاصة بهم،

-  والعثور على اهتمامات جديدة وإيجاد أسلوب حياة أفضل.


كما يحتاج المجتمع للتوعية بكيفية التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي :

•  بأن تتكاتف  جهود المؤسسات الحكومية والإعلامية والدينية والتربوية والتعليمية لاحتواء مثل هذه التصرفات.


• بأن يساهم المجتمع  في منع انتشار هذه المواقف من خلال عدم إعطائها الأهمية، وعدم متابعتها، وعدم نشرها.


• منع الأعمال الدرامية تشجع على هذه التصرفات بمشاهد الخيانة والقتل والغدر.


• كما يجب أيضا تعزيز المراقبة الداخلية للأولاد، بحيث يتصرف الطفل من نفسه ويرفض ما يتنافى مع قيمه وأخلاقه.


ولدينا الميثاق الإعلامي، الذي له سلطة منع استغلال الأطفال

، وله الحق في وقف أي عمل يشارك فيه الأطفال دون ترخيص، والحد من استغلال الآباء لأطفالهم، أو تعرضهم للإهانة أو المتاجرة ببراءتهم ، كما في القانون عقوبات  رادعة، يرى بعض القانونيين أن استغلال الأطفال بهذا الشكل على مواقع التواصل الاجتماعي يعد جريمة قانونية،  أنه في حالات من نوعية الأم التي شهرت بأولادها هناك جرائم عدة:

• الاتجار بالبشر.

• التعدي على حقوق الطفل والذي يخضع لقانون الطفل.

• إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

• استغلال الأطفال في أمور بها إيحاءات جنسية.


 وفيما يتعلق بعقوبات استغلال الأطفال بهذا الشكل في القانون المصري  فإن:


• المادة (291) من قانون الطفل تنص على أنه "يحظر كل مساس بحق الطفل فى الحماية من الاتجار به أو الاستغلال الجنسي أو التجاري أو الاقتصادي، أو استخدامه في الأبحاث والتجارب العلمية ويكون للطفل الحق في توعيته وتمكينه من مجابهة هذه المخاطر، ومع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها فى قانون آخر، يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن 5 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه، ولا تجاوز 200 ألف جنيه.


• يعاقب القانون المصري كل من ارتكب جريمة الاتجار بالبشر بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 200 ألف جنيه، أو بغرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من نفع أيهما أكبر، وبالسجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 500 ألف جنيه، إن كان الجاني من أحد أصول أو فروع المجني عليه، وإذا كان المجني عليه طفلا أو من عديمي الأهلية أو من ذوي الإعاقة.






• الحبس مدة لا تقل عن 24 ساعة ولا تزيد عن 3 سنوات وغرامة لا تقل عن 500 جنيه، ولا تزيد عن 20 ألف جنيه لكل من تعمد إزعاج الغير أو أساء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.


 


في الخاتمة أقول لك «إذا كنت تريد أن تصبح أفضل، ويُشار إليك بالبنان»، فحدثني عن القناعة وأن تحمد الله على ما عنده، الزم قول الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز «إن لي نفسا تواقة وما حققت شيئا إلا تاقت لما هو أعلى منه»..


 طموحك شيء جميل لا أحد يمنعك، ولكن استمتع بنجاحاتك الحالية، لأنك في هوسك المحموم نحو المزيد والمزيد من النجاح وشراسة المنافسة التي تصل لمستويات تتخطى مبادئك من أجل الوصول فقط، ويا ليتك تصل وتكتفي وتشعر بالسعادة، بل تحطم كل شيء معك، أوقاتك مع أسرتك ومع نفسك وصحتك وأحياناً سمعتك، لأنك تريد البريق لا ينطفئ من حولك..


في الماضي كانت معايير السعادة والرضا، ومقاييس النجاح والإنجاز، تُقاس بأدائك الأسري وتواصلك الاجتماعي، عن كونك ابناً باراً، وزوجاً طيباً، أو أُمّاً صالحة..


أريد أنا وأنت والجميع بأن نكون ناجحين ومؤثرين في مجتمعنا ونحقق الوفرة في المال والعيال والصحة، حتى نصل للسعادة، ولكن كيف سنصل للسعادة من دون رضا؟


يجب أن نتذكر أن الرضا النفسي هو الهدف الحقيقي في هذه الحياة، وأنه يمكن الحصول عليه عن طريق العمل على تطوير الذات والاهتمام بالنفس، وعن طريق الحفاظ على الروابط الاجتماعية الصحية.


علينا أن نتذكر أن السعادة الحقيقية لا تأتي من الخارج فحسب، بل تأتي من الداخل، وهو ما يحتاجه الكثير منا في هذا العالم الذي يتسم بالتنافس والتسلط.

google-playkhamsatmostaqltradent