اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

المقاطعة الاقتصادية خير وسيلة للرد على حرق المصحف

 المقاطعة الاقتصادية خير وسيلة للرد على حرق المصحف





كتب د. عبد الرحيم ريحان


إهانة جديدة وازدراء للإسلام والمسلمين وإحراق وتدنيس المصحف الشريف فى يوم عيد الأضحى الذى يجتمع فيه مسلموا العالم ملبين نداء المولى عز وجل بعد أن وقفوا فى رداء واحد أبيض اللون رمزًا للسلام والوئام والمحبة والنقاء والصفاء بين البشر متجهين لرجم رمز الشر والفرقة

 إبليس اللعين المتجدد فى كل عصر لبث الشر والكره وإشعال الحروب بين الشعوب

حدث فى فرنسا منذ سنوات، وفى السويد يوم 30 أغسطس 2020 حين حرق المصحف الشريف بمدينة مالمو السويدية على يد متطرف والآن يحدث فى السويد أيضًا باسم حرية التعبير أو بمعنى أدق حرية العنصرية والتعصب ضد الإسلام فى وقت تتدفق فيه الاستثمارات العربية والإسلامية على هذه البلاد ولا يوجد وسيلة ضغط أفضل من المقاطعة الاقتصادية ووقف كل الاستثمارات العربية والإسلامية وكافة أوجه التعاون الاقتصادى مع السويد، ليشعر المواطن العادى بكارثة ما يحدث من إهانة المقدسات الإسلامية فيجبر حكومته على تغيير القوانين التى تجيز إهانة الأديان والمقدسات باسم حرية التعبير، والحرية براء من هذه العنصرية ضد الآخرين فى وقت يطالبون بحقوق الإنسان ويلومون الشعوب النامية على إهدارها وهم أبعد ما يكون عن احترام هذه الحقوق وأولها حرية المعتقد واحترام معتقد الآخرين، سواءً وافقت أو خالفت معتقداتك.



أمّا الاعتداء على السفارات فهو مرفوض باعتبارهم ضيوف على أرضنا وأول حق للضيف فى الإسلام هو تأمينه، وأمّا الشجب والرفض والمصطلحات الإنشائية الفضفاضة فقد عفى عليه الزمن وأصبحت ردود نمطية استهلاكية، لا تتوافق مع  إهانة أقدس كتاب على وجه الأرض، ويجب أن تكون الردود ملموسة وموجعة اقتصاديًا وثقافيًا، فمن لا يحترم ديننا وثقافتنا لا يشرفنا التعاون معه اقتصاديًا وثقافيًا وكافة أوجه التعاون.






وتحت هذه الحجة البالية التى ترتكب على إثرها جرائم إهانة الأديان أصدرت السلطات السويدية تصريحًا لشخص يدعى سلوان موميكا من أصل عراقى ليمزق نسخة من المصحف الشريف ويضرم النار فيها عند مسجد ستوكهولم المركزي، بعد أن منحته الشرطة السويدية تصريحًا بتنظيم الاحتجاج إثر قرار رسمي بما يتوافق مع حماية حرية التعبير الذى يتشدّقون بها لتكون حجة لإهانة مقدسات الآخرين والتعدى على حرياتهم وأبسط حقوقهم فى حرية المعتقد واحترام هذه الحرية.



بداية الدعاية ضد الإسلام

بدأت الدعاية ضد الإسلام مع الحروب الصليبية واستخدمت كل ألوان الكذب لإشعال شعور الشعوب المسيحية لبذل النفس والمال فى هذه الحروب، ورغم مرور خمسمائة عام على هذه الحروب لكن هذا العهد الطويل لم يمح الخذى والأكاذيب الذى خلقها الصليبيون فى بلاد المشرق، واستمر تيار الدعاية يتدفق ضد المسلمين بالأكاذيب إلى جميع أنحاء أوروبا التى أمدت الحروب الصليبية بالمال والعتاد قرونًا طويلة، ولم تكن الأنباء التى يحملها العائدون من المعركة قريبة إلى الصدق.



من أجل ذلك امتلأت عقلية السواد الأعظم من أبناء أوروبا بكثير من المعلومات المكذوبة عن الإسلام والمسلمين، ولم تتمكن حركة تثقيف الشعوب من إزالة هذه الأفكار وما زالت حتى اليوم تتردد فى الصحف اليومية والشهرية، وهذا هو ميراث الحروب الصليبية من الدعاية الزائفة، وفى عصر النهضة ظهر عدد من المتعصبين ضد الإسلام منهم مارتن لوثر التى كانت كتاباته أقرب للدعاية الصليبية



اضطهاد المسيحيين

عانى المسيحيون فى مصر من اضطهاد الرومان، ومن الفرس الذين غزوا مصر عام 616م قبل الفتح الإسلامى واستمروا حتى 629م، فلقد خرّب الفرس ما كان فى ريف مصر من كنائس وأديرة، وكنائس مدينة بيلوزيوم (الفرما)، ولقد ساعد اليهود الفرس مساعدة كبيرة فى تخريب الكنائس والأديرة المصرية وسلب ونهب ما فيها من ممتلكات وقتل رهبانها كما فعلوا ذلك فى الشام أيضا.



وكان الاضطهاد من البيزنطيين المسيحيين للمسيحيين للاختلاف فى المذهب أشد فحين رحل الفرس عن مصر بعث الإمبراطور هرقل واليًا على مصر اسمه قيرس (631-641م )، الذى بدأ حكمه فى مصر باضطهاد شديد للأقباط وكنيستهم وكان ملكانى المذهب فعرض عليهم إمّا الدخول فى مذهب الحاكم الملكانى أو يتعرضوا للتنكيل بهم وحين رفضوا تعرضوا لمزيد من المعاناة بصورة لم يعرفوها من قبل وهرب البطريرك بنيامين بطريرك الأقباط اليعاقبة فى ذلك الوقت واختفى فى الصحراء.





الإسلام والحرية الدينية

جاء الإسلام بالحرية الحقيقية وأهمها حرية المعتقد من منطلق آيات القرآن الكريم وتعاليمه التى تفرض على المسلم حاكمًا أو محكومًا

ما يأتى:

1 – الاعتراف بكل الأديان والرسالات السماوية السابقة

(وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) سورة البقرة آية 4

(آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) سورة البقرة آية 285

2 – عدم إكراه أى شخص على ترك دينه

(وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) سورة يونس 99

3 – مجادلة أهل الكتاب بالحسنى

(ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) سورة النحل 125

(وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) سورة العنكبوت 46

4 – مجاهدة المشركين حتى لا يعتدوا على أهل الملل المختلفة فيهدموا أماكن عبادتهم

(الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) سورة الحج 40

والصوامع جمع صومعة وهى قلاّية الراهب،والبيع جمع بيعة وهى كنيسة النصارى والصلوات جمع صالوتا وهى كنائس اليهود.



فتح مصر

بعد فتح مصر أعطى عمرو بن العاص رضى الله عنه أهل مصر أمانًا جاء فيه:

(هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم وملتهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم وبرهم وبحرهم لا يدخل عليه شىء ولا ينتقص )

وكان دائمًا يوصى فى خطبه المسلمين بمراعاة الأقباط والمحافظة على حسن جوارهم قائلًا لهم (استوصوا بمن جاورتموه من القبط خيرًا ) .



وذكر المؤرخ الكنسى ساويرس أن عمرو بن العاص لم يرتكب أعمال السرقة والنهب التى كانت تحدث زمن الرومان على الكنائس والأديرة المسيحية فى مصر  وكان موقف عمرو بن العاص من بطريرك الأقباط اليعاقبة بنيامين (609- 648م) الذى كان هاربًا من الحاكم البيزنطى قيرس أن بعث رسالة إلى سائر البلاد المصرية يقول (فليظهر الشيخ البطريرك مطمئنًا على نفسه وعلى طائفة القبط جميعهم التى بالديار المصرية وغيرها آمنين على أنفسهم من كل مكروه) وعاد البطريرك وأكرمه عمرو بن العاص وأمر له أن يتسلم الكنائس وأملاكها ولقد ساعد عمرو بن العاص المصريين فى بناء الكنائس وترميمها التى تهدمت إبان حكم البيزنطيين.



وذكر ساويرس بن المقفع "لم تتدخل الحكومات الإسلامية المتتابعة فى الشعائر الدينية عند أهل الذمة بل كان بعض الأمراء والخلفاء يحضر مواكبهم وأعيادهم  وكان أبناء مصر من المسلمين يشتركوا مع الأقباط فى هذه الاحتفالات، ولم يعرف عن حكام مصر أنهم عارضوا فى تعيين أحد البطاركة بعد أن يتم انتخابه بواسطة الأساقفة إلّا إذا اختلف الأساقفة فيما بينهم.



ولقد بنيت الكنائس والأديرة فى العهد الإسلامى وكان أولها كنيسة الفسطاط التى بنيت فى عهد مسلمة بن مخلد 47-68 هـ ، وبنى ديرى حلوان بعد الفتح الإسلامى لمصر بنحو أربع وخمسون عامًا،  وحتى نهاية القرن الثانى عشر الميلادى كان عدد كنائس مصر وأديرتها قد وصل إلى 2084كنيسة ، 834 دير.



وأن حرية المعتقد الذى قام فى العصر الإسلامى لم تكن تعرفه أوروبا فى العصور الوسطى، ولقد كتب لدير سانت كاترين البقاء والاستمرار من خلال عهد الأمان الأول من الرسول الكريم محمد عليه أفضل الصلاة والسلام والعهود الذى كتبت على نمطه بعد ذلك، واستمرت العلاقات القوية بين الدير والقسطنطينية فى العهد الإسلامى كما استمر الدعم الروحى والمادى للدير وكان له مكانته واحترامه .

google-playkhamsatmostaqltradent