عالم آثار : اللون الأسود ذو دلالات دينية ولم يكن قدماء المصريين أصحاب بشرة سوداء
كتب د. عبد الرحيم ريحان
فى إطار خطة حملة الدفاع عن الحضارة المصرية وفريق أحفاد الحضارة المصرية فى نشر الوعى الأثرى بقيمة الحضارة المصرية ألقى عالم الآثار الشهير والروائى الدكتور الحسين عبد البصير مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية محاضرة أون لاين عنوانها " ملكات الفراعنة دراما الحب والسلطة" أدارها الدكتور عبد الرحيم ريحان رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية والآثارى محمد حمادة مؤسس ورئيس فريق أحفاد الحضارة المصرية.
وأشار الدكتور عبد الرحيم ريحان إلى أن المحاضرة رصدت نقاط هامة موضع تساؤلات دائمة خاصة بعد قضية فيلم كليوباترا وإظهارها بالبشرة السوداء ونشاط حركة الأفروسنتريك وتعمدهم الإساءة والطعن فى أصول الحضارة المصرية حيث أوضح مدلول اللون الأسود فى الحضارة المصرية المرتبط بفكر الحضارة نفسها وفلسفتها ودلالاتها الدينية ولم يكن قدماء المصريين أصحاب بشرة سوداء والذى يتخذها الأفروسنتريك حجة للطعن فى أصل الحضارة المصرية، حيث أن الفنان فى مصر القديمة بلغ من المهارة أنه أصبح قادرًا على تنفيذ أعمال فنية بارعة وراقية، بما في ذلك التماثيل والمناظر سواءً في النقوش البارزة أو الغائرة أو التصوير، ومنها ظهور بعض التماثيل باللون الأسود.
وأضاف الدكتور ريحان بأن محاضرة الدكتور الحسين عبد البصير كشفت فلسفة المصرى القديم الذى كان يصنع التماثيل من الأحجار الفاتحة مثل الجرانيت الوردي الأحمر أو الحجر الجيري وكان يتم صنع العديد من التماثيل القديمة أيضًا من الخشب أو مواد أخرى يمكن طلاؤها أو تزيينها بالألوان.
وكانت بعض التماثيل المصرية القديمة تصنع من الجرانيت الأسود والبازلت، وهما من الأحجار ذات اللون الداكن، بالإضافة إلى ذلك كان يتم طلاء البعض من تلك التماثيل أو الأعمال الفنية بنوع من الصبغة تسمى "الأزرق المصري"، والذي كان يعطيها مظهرًا يميل إلى اللون الأسود مع مرور الوقت بعد تلاشي تلك الصبغة.
وكان اللون الأسود ذا رمزية كبيرة في الديانة المصرية القديمة، حيث اعتقد المصرى القديم اعتقادًا راسخًا أن اللون الأسود كان يرمز إلى التربة السوداء الخصبة لبلدهم، وكانوا يطلقون على بلدهم "مصر" اسم "كيمت"، السوداء أو السمراء؛ بسبب خصوبة أرض مصر التي كان يخصّبها نهر النيل الخالد بغرينه الفائق الخصوبة.
أي أن كيمت تعني الأرض السوداء الخصبة، واعتقدوا أيضًا أن اللون الأسود يمثل نهر النيل نفسه. وكان النيل ضروريًا للحياة المصرية القديمة؛ إذ كان هو شريان الحياة، وكان يوفر لهم المياه للري والنقل فهو سيد الآلهة، الإله الأشهر، الرب أوزوريس أيضًا هو رب الاخضرار والنماء والزارعة والبعث والقادر على تخصيب وإنبات الأرض؛ لذا صُور باللون الأسود الذي يدل على ذلك.
ونوه الدكتور ريحان إلى إشارات الدكتور الحسين عبد البصير برمزية اللون الأسود أيضًا إلى الظلام البدائي الذي كان موجودًا قبل خلق العالم، أو في العالم الآخر، عالم الظلام، أو العالم السفلي أو العالم الآخر الخاص برب الظلام والعالم الآخر، أوزوريس
أو كيمي"، أي الأسود، الذي كان سيد عالم الظلام وعالم الآخر، ورب الموتى، وسيد محاكمة الموتى في العالم الآخر؛ لذا فقد اعتقد المصريون القدماء أن اللون الأسود هو لون الموت والآخرة، لون ربهم أوزوريس سيد عالم الموتى، والذي عاد من عالم الظلام؛ كي ينجب ابنه وخليفته وولي عهده على عرش مصر، الإله حورس، ابن الربة إيزيس، ثم عاد أوزوريس سيدًا على العالم الآخر مرة أخرى. وصُور بعض المصريين القدماء في تماثيلهم وآثارهم باللون الأسود تشبهًا بربهم الأكبر الإله أوزوريس.
واعتقد المصريون القدماء أنه من خلال صنع تماثيلهم بلون أسود سيكونون قادرين على حماية المتوفى من الأرواح الشريرة في العالم الآخر، ومهما كان السبب من وراء ذلك التصوير الفني الديني باللون الأسود فقد أبدع المصريون القدماء بعضًا من أجمل التماثيل وأكثرها إثارة للاهتمام في العالم كله منذ وقت العثور عليها إلى الآن.