اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

كنوز مصر الخفية : اكتشافات مذهلة تروي قصص الإنسان الأول من الماضي البعيد

 كنوز مصر الخفية : اكتشافات مذهلة تروي قصص الإنسان الأول من الماضي البعيد





  كنوز مصر الخفية

كتبت - دكتوره ميرنا القاضي

باحثه في علم المصريات والشرق الأدنى 


مصر أرض الأسرار والعجائب منذ زمن بعيد، كانت مصر مركزًا للحضارات والثقافات المتنوعة، التي تركت خلفها آثارًا ومعالمًا تحكي عن مجدها وعظمتها. ولكن هل تعلم أن مصر لديها أيضًا بعض الكنوز الخفية، التي تخفي في أعماق الصحراء والأرض؟ إنها بقايا الإنسان الأول، الذي عاش في مصر قبل آلاف السنين، والذي يمثل جذور التاريخ والحياة في هذه البلاد. في هذا المقال، سنأخذك في رحلة مثيرة لاكتشاف ثلاثة من هؤلاء الأشخاص، الذين عثر عليهم العلماء في مواقع مختلفة من مصر، وسنتعرف على قصصهم وحياتهم وبيئتهم، وسنرى كيف يمكنهم أن يعطونا لمحة عن تاريخ مصر القديم.


 

الاول : هو انسان "الترامسه "

في منطقة تل الترامسة بمحافظة قنا، يوجد قبر صغير، لكنه يحوي سرًّا كبيرًا.






 إنه قبر طفل صغير، عمره 10 سنوات، توفي قبل 55 ألف سنة. هذا الطفل ليس طفلاً عاديًّا،بل هو أقدم إنسان حديث (Homo sapiens) عُثِرَ عليه في مصر،  وأحد أقدم قبرين لهذا النوع من الإنسان في قارة أفريقيا. هذا الطفل يُدعى "طفل الترامسة"، نسبة إلى المكان الذي وُجِدَ فيه



 منطقة تل الترامسة التي لا تعتبر بعيدة عن معبد (دندرة) الذي بناه المصريون القدماء بعد العصر الذي عاش فيه طفل الترامسة باكثر من55 ألف سنة وكان عثر علي القبر بعثة جامعة لوفان الكاثوليكية البلجيكية وبعد عقود من الدراسات والتأريخ الدقيق للهيكل  وعدة دراسات عن المصنوعات الحجرية العتيقة التي عثر عليها داخل القبر تم تاريخه مؤخرا إلي حوالي 55 الف عام، والطفل كان قد دفن في قبر بعمق متر واحد، وتم دفنه بحيث وضع على ظهره واسندت رأسه على وسادة من الرمل فرشت بالحصي، وكانت إحدى يديه ممدودة خلف ظهره والأخري وضعت بعناية حول منطقة الحوض، واتجهت رأسه باتجاه الشرق حيث تشرق الشمس وكأنه من 55 الف عام. أسلاف المصريين القدماء يفكرون في بعث هذا الطفل من جديد تماما كما تولد الشمس من الشرق، وهي ذات الافكار التي ترسخت وكونت اساس الفكر المصري والعقيدة المصرية في العصور التاريخية بعد عصر هذا الطفل بعشرات الآلاف من السنين

طفل الترامسة يقدم نظرةً فريدةً على الماضي البعيد لمصر. كما يظهر كيف تم تأثيره على الثقافة المصرية القديمة والعقيدة.





الثاني : "إنسان نزلة خاطر "

وهو اسم أطلقه العلماء على الهيكل العظمي لإنسان عاش في مصر قبل نحو 35 ألف سنة. تم اكتشافه في عام 1980 من قبل بعثة بلجيكية كانت تقوم بالتنقيب في سوهاج في مدينة طهطا ، وتحديداً في منطقة تسمى نزلة خاطر ، والتي تقع على بعد 12 كيلومتراً من مدينة طهطا بمحافظة سوهاج جنوب مصر.






 الهيكل كان لشخص يبلغ عمره 25 عامًا وقت وفاته وكان يعمل في محجر لاستخراج الحصى والزلط الذي استخدم وقتها لصناعة الأدوات القاطعة الحجرية مثل السكاكين والفؤوس والمكاشط. وعُثر على بقاياه مدفونة في تل ملاصق للمحجر ومعه فأسه، وهي أداة قاطعة من قرون الحيوانات؛ خصوصاً الظباء والغزلان.



ولقد قامت البعثة بنقل عظامه إلى بلجيكا لدراستها وترميمها وتجميعها لتصبح هيكلاً كاملاً. والدراسات التي أُجريت على البقايا كشفت كثيراً من الحقائق حول صاحبها والبيئة التي عاش فيها. فإنسان نزلة خاطر ينتمي إلى العصر الحجري القديم الأعلى حيث كانت مصر تتعرض لتغيرات مناخية كبيرة،  كما كان يعيش في مجتمع صغير من الصيادين والجامعين، الذين كانوا يعتمدون على الصيد والجمع للحصول على غذائهم. وكانوا يعيشون في مجموعات من 20 إلى 30 فرداً، وكان لديهم قواعد اجتماعية ودينية بسيطة.



انسان نزلة خاطر تم استعادته من بلجيكا و هو حاليا معروض في (متحف الحضارة) أولئك الذين يحبون أن يشاهدوا ويروا أن جذور المصريين تمتد في هذه الأرض الطيبة لآلاف السنين.



الثالث: "الرجل المحنط" او رجل جبلين

هي مومياءحُنّطت تحنيطًا طبيعيًا   ومعروض في المتحف البريطاني وهي مومياء من عصر ما قبل الأسرات  

تم اكتشاف الرجل المحنط في عام 1895في مقابر رملية صغيرة قرب مدينة  (مكانها الحالي مدينة نجع الغريرة قرب قنا) في الصحراء الغربية

 وتمت دراسته وتحليله بعناية كبيرة.



 يعتقد أن الرجل المحنط عاش في حوالي العام 3300 قبل الميلاد، أي قبل حوالي 5300 سنة طوله 163 سم بفضل مناخ مصر الجاف، تم تحنيطها تحت الأرض بشكل طبيعي وقد تمت المحافظة على جسده بشكل مذهل على مر العصور، مما يسمح لنا بالحصول على نظرة فريدة إلى الحياة في مصر القديمة.



الرجل المحنط كان يعمل كفلاح، وتشير آثار الحبوب الموجودة بجوار جسده إلى أنه كان يمارس زراعة الحبوب.



 وتشير أيضًا العناصر الأخرى الموجودة بالقرب منه إلى أنه كان يمارس الصيد والثقافة الزراعية. 



وكانت الجثامين تُدفن عادةً في عصر ما قبل الأسرات عارية وأحيانًا ملفوفة بغير إحكام، وبالدفن على هذا النحو يكون الجثمان مُغطى بالرمال الساخنة، فتتبخر معظم مياه الجثمان بسرعة أو تنفذ في مثل هذه الظروف البيئية ويعني هذا جفاف الجثمان وحفظه طبيعيًا واستُخدمت هذه الطريقة على نطاق واسع في عصر ما قبل الأسرات قبل تطور التحنيط الاصطناعي، وربما تكون قد أدت عملية التحنط الطبيعي بالدفن في الرمال الجافة على هذا النحو إلى بدء الاعتقاد في البعث بعد الموت وسن عادة ترك الطعام والأدوات للحياة الأخرى.



كان الجثمان في وضع  هوكر (جنين)

 وهو الأكثر انتشارا في المقابر المصرية في ذلك الوقت نائم على جانبه الأيسر وركبه مرفوعة لأعلى جهة ذقنه.



يعتبر الرجل المحنط من أهم الاكتشافات الأثرية في مصر، حيث يوفر نافذة فريدة لفهم الحضارة المصرية القديمة وممارساتها الدينية والثقافية. كما يساعد في توثيق تاريخ مصر وتطورها على مر العصور.



من خلال دراسة حياة هؤلاء الأشخاص القدماء، الذين شهدوا تاريخ مصر القديم يمكننا أن نتخيل كيف كانت حياتهم اليومية وماذا كانوا يفعلون. يمكننا أن نتعلم عن نمط حياتهم، وكيفية تعايشهم مع البيئة والمناخ، وما هي المهارات والمعرفة التي كانوا يمتلكونها في ذلك الوقت. كما يمكننا أن نفهم كيف تأثرت حضارة مصر القديمة بتلك العوامل الخارجية وكيف تطورت على مر الزمن.



إن استكشاف هذه الاكتشافات والكنوز الخفية يساعدنا أيضًا في توثيق تاريخ مصر القديم وحفظه للأجيال القادمة.



 بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يسهم هذا الفهم العام لتاريخ مصر القديم في رؤية المجتمعات والحضارات الأخرى التي نشأت وتطورت في المنطقة على مر العصور.



ان هؤلاء هم جزء من تراث مصر الثقافي والإنساني،هؤلاء اجدادنا  وهم يروي لنا قصة عن أصولنا.

google-playkhamsatmostaqltradent