الإمام محمد عبده وبحثه عن عصر محمد علي
تقديم - محمد أنور
أراد الخديوي عباس أن يحتفل بذكرى مرور مائة عام على تأسيس جده محمد علي الدولة المصرية ورأى أن يكون الاحتفال بهذه الذكرى في المساجد ليعطيها الصبغة الدينية والجلال.
فكتب الإمام محمد عبده بحثه الطويل بمناسبة هذه القصة عام 1902قبل وفاته بثلاثة أعوام، فيقول في هذا المقال الطويل، ما الذي صنعه محمد علي ؟
لم يستطِع أن يُحيي ولكنه استطاع أن يُميت، لم يبقى في البلاد رأسا يعرف نفسه حتى خلعها عن بدنه، او نفاه إلى السودان
لم يبق في البلاد إلا آلات يستعملها في جباية الأموال، وجمع العساكر بأي طريقة
مُحَقّقا بذلك جميع عناصر الحياة الطيبة مِن رأيٍ وعزيمة، واستقلال نفس.
يقول الامام محمد عبده : صغرت نفوس الأهالي بين أيدي الأجانب بقوة الحاكم وتمتع الأجنبي بحقوق الوطن التي حرم منها، وانقلب الوطني غريبا في داره
غير مطمئن إلى قراره، فاجتمع القهر
و الذّل على سكان القرية ، ذل ضريبة الحكومة الاستبدادية المطلقة، وذل سامهم الأجنبي إياه.
أرسل جماعة من طلاب العلم ليتعلموا في أوروبا، فهل أطلق لهم الحرية في أن يلبثوا في البلاد ما استفادوا ؟
كلا ولكنه استعملهم آلات تصنع له ما يريد وليس لها إرادة فيما تصنع.
وجد الكثير من الكتب المترجمة في فنون شتّى، من التاريخ والفلسفة والأدب ولكن هذه الكتب أودعت في المخازن، من يوم أن طبعت وأغلقت عليها الابواب إلى أواخر حكم اسماعيل.
فأرادت الحكومة تفريغ المخازن منها فنثرتها بين الناس فتناول منها من تناول
وهذا يدلنا على أنها ترجمت برغبة الرؤساء الاوربيين الذين أرادوا نشر أدابهم في البلاد ولكنهم لم ينجحوا لأن حكومة
محمد علي لم توُجد في البلاد قراء
ولا منتفعين بتلك الكتب والفنون.
أخذ ما كان للمساجد من الرزق وابدله بشيء من النقد يسمى فائض لا يساوي جزءا من الألف ايرادها وأخذ من أوقاف الجامع الأزهر مالم يبقى إلى اليوم لأصبحت غلته لاتقل عن نصف مليون
جنيه فى السنة.