كيف تم خداع العالم بشخصيات مصنوعة من بقايا حيوانات ونباتات؟
كيف تم خداع العالم بشخصيات مصنوعة من بقايا حيوانات ونباتات؟
كتبت - دكتورة ميرنا القاضي
باحثه في علم المصريات والشرق الأدنى
هل تعلم أن هناك كائنات فضائيه شبيهة بالبشر تم تقديمها في مؤتمر FANI للظواهر الجوية الشاذة غير المحددة في المكسيك يوم13/9/2023
وادعى المروجون لهذه الحالة أنها بقايا لكائنات فضائية ؟
هل تعلم أن هذه الشخصيات هي في الحقيقة إبداعات مصنوعة من بقايا حيوانات ونباتات ومواد اصطناعية
وأنه لم يتم تقديم أي دليل جيني أو طبي يدعم فرضية أنها كائنات حية؟ هل تعلم أن هذه الحالة قد أثارت غضبًا وانتقادًا من قبل الجهات الرسمية في البيرو والمكسيك والتي اتهمت المروجين بهذه الحالة بالتلاعب بالرأي العام والإساءة إلى التراث الثقافي للشعوب المحلية؟
في هذه المقالة، سأحاول أن أفسر لك كيف تم صنع هذه الشخصيات، وما هي الأدلة التي تثبت أنها عملية احتيال، وما هي الدوافع والآثار التي ترتبت على هذه الظاهرة. سأستخدم مصادر موثوقة وخبراء معترف بهم لدعم حججي.
سأظهر لك أن هذه الشخصيات لا تمثل سوى مثال آخر على كيفية استغلال بعض الأشخاص للغزوانية والإثارة لأغراض شخصية أو مادية.
اولا :لازم تعرف ايه هو مؤتمر FANI للظواهر الجوية غير المحددة هو مؤتمر دولي ينظمه مركز FANI للبحوث والتواصل في المكسيك، ويهدف إلى تقديم ومناقشة أحدث الأبحاث والشهادات والأدلة حول الظواهر الجوية غير المحددة، والتي تشمل الأجسام الطائرة المجهولة والمشاهدات الغامضة والتجارب الخارقة. يضم المؤتمر متحدثين من مختلف التخصصات والخلفيات مثل العلماء والصحفيين والشهود والباحثين والمحللين ويستقطب جمهورًا من جميع أنحاء العالم.
وقد عُقِدَ مؤتمر FANI للظواهر الجوية غير المحددة في المكسيك لأول مرة في عام 2016، بمناسبة الذكرى السبعين لحادث روزويل، والذي يُعتبر أشهر حادث مزعوم لسقوط جسم طائر مجهول في نيو مكسيكو عام 1947 .
وقد تناول المؤتمر موضوعات مختلفة مثل التاريخ والجغرافيا والفيزياء والفلسفة والدين والأخلاق والسياسة المتعلقة بالظواهر الجوية غير المحددة
كما قدم المؤتمر شهادات حية من شهود عيان وخبراء عن تجاربهم مع هذه الظواهر.
إذًا، يُعَدُّ مؤتمر FANI للظواهر الجوية غير المحددة في المكسيك منصة للحوار والتبادل بين المهتمين بالظواهر الجوية غير المحددة، لكنه أيضًا مصدر للجدل والانتقاد بسبب بعض الادعاءات الغير موثوقة أو المزورة التي تم تقديمها فيه.
ثانيا، لنتفق على تعريف مومياوات نازكا هذه هي مجموعة من الرفات البشرية والحيوانية التي تم العثور عليها في صحراء نازكا في البيرو، والتي تشتهر برسوماتها الضخمة على الأرض. هذه الرفات تنقسم إلى نوعين: مومياوات كبيرة، تصل إلى 170 سنتمتر، وأشكال بشرية صغيرة، تصل إلى 30 سنتمتر.
الفرق بينهما هو أن المومياوات الكبيرة هي جثث بشرية حقيقية من عصور ما قبل كولومبوس، ولكنها تم تعديلها بطرق مختلفة، مثل بتر الأصابع أو إدخال المعادن أو التغطية بالطين أو الأسلاك.
أما الأشكال البشرية الصغيرة، فهي عبارة عن هياكل مجمعة من عظام حيوانية وبشرية وغيرها من المواد، وتغطى بطبقة من الغراء والأسلاك والنباتات.
ثالثا، لنتحدث عن كيف تم خداع العالم بهذه الشخصيات. هذه الشخصيات تم تقديمها في مؤتمر FANI للظواهر الجوية غير المحددة في المكسيك في 13 سبتمبر 2023، من قبل الصحافي المكسيكي خايمي موسان، والذي ادعى أنها بقايا لكائنات فضائية. وقد استخدم موسان نتائج اختبار تأريخ بالكربون-14
قال إنه أجرى من قبل جامعة UNAM
في المكسيك، لإثبات أن هذه الشخصيات عمرها نحو 1000 عام.
كما استخدم شهادات من باحثين آخرين قال إنهم درسوا التشريح والجينات والإشعاع لهذه الشخصيات، لإظهار أنها غير بشرية.
ولكن هذه كلها ادعاءات زائفة وغير مدعومة بأدلة. فقد نفت جامعة UNAM أن تكون قامت بأي اختبار لهذه الشخصيات، وقالت إن موسان استخدم شعارها دون إذن. كما نفى باحثون آخرون أن يكون لديهم أي علاقة بهذه الحالة
أو أن يكون قد استشارهم موسان.
بالإضافة إلى ذلك، قام خبراء في الأنثروبولوجيا والطب والأحياء والتحنيط بفحص هذه الشخصيات، وأكدوا أنها عبارة عن تركيبات مزيفة من بقايا حيوانات ونباتات. وقد استخدموا أساليب مختلفة للتحقق من ذلك، مثل الأشعة السينية والمجهر الإلكتروني والتحليل الجزيئي. وقد نشروا نتائجهم في مجلات علمية محكمة، مثل
Journal of Archaeological Science: Reports1 وInternational Journal of Paleopathology2.
ولقد نشرت صحيفة La Razón
الإسبانية ما يلي:
تشير كل من الجامعات والمنظمات المعترف بها إلى أن «بقايا الكائنات الفضائية المزعومة هي عبارة عن إبداعات مصنوعة من عظام حيوانية وبشرية مرتبطة بالغراء الاصطناعي.
بدأ كل شيء في عام 2016 عندما تم اكتشاف 6 شخصيات يُفترض أنها محنطة في منطقة نازكا في البيرو. لكن اتضح أنهم لم يكونوا مومياوات ولا كائنات فضائية. لم يكونوا حتى من عصر ما قبل الإسبان.
وقال فلافيو إسترادا، عالم آثار الطب الشرعي الذي قام بتحليل المومياوات لصالح معهد الطب الشرعي وعلوم الطب الشرعي التابع للوزارة العامة في بيرو:
"إن بقايا الكائنات المزعومين هي إبداعات مصنوعة من عظام حيوانية وبشرية مرتبطة بالغراء الاصطناعي".
وفي الوقت نفسه، تم تغطيتها بخليط
من الألياف النباتية والمواد اللاصقة الاصطناعية لمحاكاة نوع من الجلد.
لقد تم إثبات تلفيق البيانات الحديثة.
وعن الاكتشاف، قالت الدكتورة بلانكا ألفا
مدير الإدارة العامة للدفاع عن التراث بوزارة الثقافة
إنه "بعد مراجعة المومياوات المتعلقة بهذه الحالة، من المحتمل جدًا أنها ليست من عصر ما قبل الإسبان، بل هي من نتاج الهدوء الحالي، وبالتالي فمن المحتمل جدًا أنها ليست تراثًا أثريًا.
أخيرًا، بعد مرور عام، في عام 2017 اعترفت وزارة الثقافة بأنها لم تكن من عصر ما قبل الإسبان، وبالتالي، نظرًا لأنها لم تكن مواد أثرية أو تراثًا ثقافيًا، فقد فقدت حمايتها. وعلى الرغم من كل شيء كان هناك من قدمها على أنها
"الاكتشاف الأثري العظيم في القرن الحادي والعشرين"
ومن بينهم خايمي موسان، وهو صحفي مكسيكي، من محبي المؤامرات والذي أشار بالفعل في عام 2015 إلى أن مومياء عمرها عامين - طفل عجوز، معروض في متحف في سان فرانسيسكو، مثل أحد أفراد طاقم جسم غامض تحطم في روزويل. والذي تبين أنه كاذب أيضًا.
وهذا الشخص بالذات هو الذي قدم الأرقام في الكونغرس المكسيكي طالباً التحقيق فيها.. فيما استبعدها جميع الخبراء مشيرين إلى أنها بناء مصطنع. وكأن ذلك لم يكن كافيا، فقد رفضت اللجنة العالمية لدراسات المومياء، وهي إحدى أهم المنظمات في دراسة المومياوات، صحتها ووصفت الأرقام بأنها مزورة:
“حملة تضليل منظمة غير مسؤولة”
أمر يستغله البعض ليصنعوا اسمًا لأنفسهم، متجاهلين أحد مبادئ العلم:
الادعاءات غير العادية تتطلب أدلة غير عادية. ولم يتم تقديم أي دليل حتى الآن.
رابعا، لنتساءل عن الدوافع والآثار التي ترتبت على هذه الظاهرة. من الواضح أن موسان وشركائه كانوا يسعون إلى الحصول على المال والشهرة من خلال ترويج هذه الشخصيات. فقد قاموا بإنتاج فيلم وثائقي عن هذه الحالة، بعنوان
The Mummies of Nazca3
وبيعوه عبر الإنترنت.
كما قاموا بإقامة معارض ومؤتمرات لعرض هذه الشخصيات، وجمعوا التبرعات من المؤمنين بهذه الظاهرة. وقد استغلوا اهتمام الجمهور بالغزوانية والظواهر الجوية غير المحددة، وخلقوا جدلاً كبيرًا حول هذه الحالة.
ولكن هذه الظاهرة لم تكن بلا ضرر
فقد أثارت غضبًا وانتقادًا من قبل الجهات الرسمية في البيرو والمكسيك، التي اتهمت موسان وشركائه بالتلاعب بالرأي العام والإساءة إلى التراث الثقافي للشعوب المحلية. فقد قالت وزارة الثقافة البيروفية إن هذه الشخصيات تمثل جرائم ضد التراث، لأنها تستخدم رفات بشرية حقيقية من عصور ما قبل كولومبوس، دون احترام أو تصريح. كما قالت إن هذه الشخصيات تضر بسمعة نازكا كموقع أثري مهم، يضم رسومات فريدة من نوعها.
أعتقد أن هذه القضية هي مثال على كيف يمكن للإعلام والإنترنت أن يستخدما لنشر المغالطات والأكاذيب على حساب الحقائق والعلم.
وأظن أن من مسؤوليتنا كمستخدمين لهذه المصادر أن نكون حذرين ونقديين
وأن نتحقق من المعلومات قبل أن نصدقها أو ننشرها. وأظن أن من واجب السلطات والمؤسسات المعنية أن تحارب هذه الظاهرة بإجراء تحقيقات شفافة وموضوعية وإصدار تقارير موثوقة ومستندة إلى الأدلة.
إليك بعض المصادر التي تؤكد ما قلته:
- (Alien mummies in Mexico? NASA's UFO study team says don't bet on it)
مقالة من موقع Space.com
تنقل تصريحات من فريق دراسة
NASA
للظواهر الجوية غير المحددة، والذي ينفي أن تكون هذه الشخصيات دليلًا على وجود كائنات فضائية.
[Alleged Alien Corpses Displayed to Mexican
Congress Did Not Convince Scientists]
مقالة من مجلة Smithsonian
تستعرض آراء مختلفة من الخبراء والعلماء، والذين يشككون في صحة هذه الشخصيات ويؤكدون أنها مزورة.
- [Researcher shows bodies of purported \"non-human\" beings to Mexican Congress]
مقالة من شبكة CBS News
تروي تفاصيل جلسة الاستماع التي عقدت في الكونغرس المكسيكي، والتي تم فيها عرض هذه الشخصيات من قبل خايمي موسان، الصحفي والباحث في مجال الأجسام الطائرة المجهولة.
- [Scientists call fraud on supposed extraterrestrials presented to Mexican Congress مقالة من صحيفة Sun Sentinel
تنقل ردود فعل سلبية من قبل عدد من العلماء والمؤسسات، والتي تتهم هذه الشخصيات بأنها عملية احتيال على الرأي العام.
- [Peru Ministry of Culture claims Alien corpses presented in Mexico are fake]
مقالة من صحيفة Marca
تنقل بيانًا من وزارة الثقافة في بيرو والتي تنفي أن تكون هذه الشخصيات تراثًا أثريًا أو كائنات فضائية.
[UNAM desmiente a Jaime Maussan y sus momias extraterrestres]
تقرير من جامعة المكسيك الوطنية (UNAM)
يفند ادعاءات خايمي موسان، الصحفي العلمي الزائف، حول المومياوات الفضائية.
[Las momias de Nazca: ¿extraterrestres o fraude?]
مقال من صحيفة El País
يستعرض آراء مختلفة حول هذه الظاهرة
بما في ذلك تلك التي تصنفها على أنها عملية احتيال أو اكتشاف.
[Las momias extraterrestres de Nazca son falsas, según la UNAM]
مقال من صحيفة La Razón
يستشهد بآراء من UNAM وغيرها من المؤسسات التي تؤكد أن هذه المومياوات هي مزورة.