عقد الإباحة في نطاق المشروعية القانونية
بقلم : الدكتور احمد شعبان
من خلال التعریف اللغوي للاباحة نجد أنه بعید كل البعد عن اللغة القانونیة إن صح التعبیر، ولکن طالما ان القضاء العراقي استخدمه لذلك آثرنا الاستمرار فی استخدام المصطلح نفسه لبیان الوضع القانوني المقصود منه، لهذا فقد استخدمناه وجعلناه عنوانا لهذا المقال، فما المقصود بالإباحة ؟
من خلال قراءة نصوص القانون المدني وشروحات هذا القانون لم نجد نصاً قانونيا ولا رأیاً فقهیا یتحدث عن هذا الموضوع، أما الاباحة فی أصول الفقه والتی تعرف بانها التخییر بین فعل الشئ أوترکه، ویعرفون المباح بانه الامر الذی خیر الشارع بین فعله وترکه، فهذا المعنى مستبعد من هذا المقال.
ورد فی احد القرارات انه
( أباحة المنفعة نوع من انواع الهبات وتعتبر تصرفا مضرا ضررا محضا) .
وجاء فی قرار اخر انه
(الاباحة نوع من التبرعات فهی ضرر محض)
وهنالك قرارات کثیرة فی هذا الموضوع لکنها ترکزت على التزامات وحقوق الطرفین وکیفیة انهاء هذا الحق سنعرضها في الصفحات اللاحقة.
فمن قراءة هذین القرارین نجد انهما لم یعرفا حق الاباحة ایضا وانما کان الترکیز فیهما على بیان طبیعة هذا التصرف ، وهل هو من أعمال الإدارة ام التصرف ، وعلیه لابد من الاجتهاد فی محاولة لوضع تعریف لهذا الحق.
یمکن تعریف الاباحة بأنها
(عقد به یخول طرف امکانیة الانتفاع بامواله للطرف الثانی بدون مقابل) ، وهذا الحق یختلف عن حق العاریة والایجار التي قد یتبادر الى الذهن بانها مشابهة للاباحة لا بل انها هي نفسها ، ذلك ان هنالك فروقا مهمة بینها، ولا یشترط فی هذا العقد التسلیم وانما یأتي التسلیم کأثر على هذا العقد والتزام من التزامات المبیح.
ومن هذا التعریف المقترح یمکن لنا ان نورد خصائص عقد الاباحة بالنقاط الاتیة :
انه عقد رضائي مثل اغلب عقود الانتفاع بالشیء ، کعقد الایجار ، لانه یتم بمجرد اتفاق الطرفین ولا یحتاج الى أي اجراء شکلي .
انه عقد ملزم للجانبین ، لانه بمجرد انعقاده ینشئ التزامات فی ذمة المبیح واخرى في ذمة المباح له ، فمن التزامات المبیح مثلا التسلیم وعدم التعرض للمباح له خلال مدة الاباحة ورد تعرضات الغیر ، اما التزامات المباح له فهی الحفاظ على الشیء واستعماله وفقا للغرض المعد له ورده بعد انتهاء الاباحة ، الا ان هذا العقد یمکن فسخه من طرف واحد کما هو الحال فی عقد الودیعة ، اذ ورد فی القانون المدني بانه ( للمودع فی کل وقت ان یطلب رد الودیعة مع زوائدها) .
معنى ذلك ان الاباحة هی تبرع بالنسبة للمبیح وهی من التصرفات الضارة ضررا محضا اما بالنسبة للمباح له فهي من اعمال الانتفاع ذلك انه ینتفع دون ان یقدم أي مقابل ونتفق مع الدکتور السنهوری فی ضرورة التفرقة فی عقود التبرع بین عقود التفضل وهي تلك العقود التی یعطي فیها الشخص منفعة المال لاخر دون ملکیته أي ان المالك یبقى محتفظا بالملکیة
وبین الهبات التي یتخلى المتبرع عن الملکیة والمنفعة معا لذلك نجد ان الاباحة هي عقد من عقود التفضل الداخلة فی التبرعات.
وقد جاء فی احدى قرارات المحکمة
(لیس من اثار البیع المذکور اباحة التصرف بالعقار ..... الا اذا نص على اباحة التصرف ، على ان الانتفاع في هذه الحالة یجب ان لا یرقى الى اقامة المنشأت على الارض المبیعة لان ذلك یتطلب اذنا صریحا من صاحب الارض) .