في "يوم النصرة" فلسطين عربية، سيناء مصرية، رغم أنف مزوري التاريخ
بقلم : د . عبد الرحيم ريحان
في يوم خروج ملايين المصريين عبر كل محافظاتها يملأون الميادين ويغلقون الكبارى لنصرة فلسطين ورفضهم للتصفية الجسدية وتدمير أهلنا فى غزة بالمخالفة لكل مبادىء الإنسانية والقوانين الدولية والتعبير عن استعدادهم لحماية أمن سيناء مقبرة الغزاة عبر كل العصور ووقوفهم صفًا واحدًا وراء قائدهم العظيم الرئيس عبد الفتاح السيسى ودعمهم لقراراته تؤكد حملة الدفاع عن الحضارة المصرية برئاسة خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان أن فلسطين عربية وسيناء مصرية رغم أنف كل مزوري التاريخ.
القدس هى المدينة العربية التي بناها "اليبوسيون"، وأطلقوا عليها "يبوس" وهم أحد الأقوام الكنعانية السبعة، والكنعانيين هم قبائل سامية نزحت من صحراء شبه الجزيرة العربية أو الصحراء السورية منذ زمن بعيد قدّر فى النصف الأول من الألف الثالث قبل الميلاد، وكلمة "كنعاني" هى صيغة النسب لكنعان، وتعنى "الصبغ القرمزى اللون"، وهو الصبغ الذى كان الكنعانيون يصنعونه ويتاجرون فيه وهم أول من اكتشف النحاس وجمعوا بينه وبين القصدير لإنتاج البرونز، وقد برعوا فى البناء وإنشاء القلاع والتحصينات وأخذ عنهم العبرانيون فيما بعد حضارتهم وأبجديتهم وديانتهم.
بدأ التسلل العبرانى لأرض كنعان منذ
( 1250 – 1200 ق.م.) واختلطوا بسكانها الأصليين "الكنعانيين"، وخضعت (يبوس القديمة) لحكم قدماء المصريين من عهد الملك تحتمس الثالث (1479 ق.م.) الذي أقام عليها حاكمًا من أبناء مصر، ولم يحاول المصريون تمصيرها بل اكتفوا بتحصيل الجزية من سكانها وأطلقوا عليها إسمها اليبوسى (يابيشى) وتارة اسمها الكنعانى (أورو- سالم) أى مدينة السلام ودخل نبى الله داود عليه السلام المدينة عام 1049 ق.م. زاحفًا من حبرون واتخذها عاصمة لملكه وأسماها مدينة داود.
تعرضت القدس للغزو البابلى بقيادة نبوخذ نصّر عام 586 ق.م وأطلقوا عليها إسم "أورو سالم"، وانتشرت اللغة البابلية وأصبحت اللغة الرسمية، أما اللغة الدارجة فكانت الكنعانية حتى احتلها ملك الفرس كورش عام 538 ق.م. ،ثم الإسكندر عام 332 ق.م.
أطلق عليها اليونانيون "يرو سالم" ثم احتلها بومبى 63 ق.م. ،وأصبح إسمها "هيرو ساليما" ومنها أخذت أوروبا الاسم Jerusalem، واستولى الإمبراطور الرومانى تيتوس عام 70م على القدس وفى عام 139م أطلق عليها الإمبراطور الرومانى أوريانوس "إيلياكابيتولينا" وتعنى بيت الله، فى عام 614م احتلها الفرس ثم استعادها الرومان عام 628م، وفتحها المسلمون فى عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه على يد الصحابى الجليل أبو عبيدة بن الجرّاح 15هـ 636م ولمكانتها العظيمة تسلم المدينة الخليفة عمر بن الخطاب بنفسه وليس قائد الجيش الفاتح وأطلقوا عليها القدس.
احتل الصليبيون القدس عام 1099م واستردها صلاح الدين الأيوبى عام 583هـ 1187م، ثم احتلتها بريطانيا من عام 1917 حتى 1947م، وفى حرب 1948م سيطرت إسرائيل على الجزء الغربى من القدس بينما خضع الجزء الشرقى للأردن بما فيها المدينة القديمة التى تضم المواقع الدينية.
إستولت إسرائيل عام 1967م على القدس بأكملها وكان قرار ضم المدينة المقدسة فى 27/6/1967 بعد ثلاثة أسابيع من احتلالها رغم احتجاجات الرأى العام العالمي والمؤسسات الدولية وقرارات الأمم المتحدة التى نددت بهذا الإجراء، ثم بدأت بتوطين أعداد هائلة من اليهود فى المنطقة العربية وحولها بينما لم يكن هناك يهودى واحد فى القدس العربية قبل عام 1967.
سيناء بوابة مصر الشرقية كانت مقبرة الغزاة عبر كل العصور عبر سلسلة طرق حربية شهيرة وحصون دافعت عن حدود مصر الشرقية، منها طريق حورس بشمال سيناء وهو الطريق الذى استخدمته الجيوش المصرية فى حملاتها المظفرة الهادفة إلى بناء وتوسيع الإمبراطورية المصرية فى مناطق سوريا وكنعان
( فلسطين) منذ بداية عهد الأسرة الثامنة عشر وقد سجلت مناظر الملك سيتى الأول على جدران معبد الكرنك للمرة الأولى مجموعة الحصون والقلاع المصرية الموجودة على طريق حورس الحربى والتى امتدت من قلعة ثارو وحتى غزة بكنعان ( فلسطين ) وقد بلغت نحو عشرة حصون ومواقع دفاعية أو أكثر، كما كان لبيلوزيوم (الفرما) مكانة كبيرة فى العصر الرومانى حيث رابطت بها حامية عسكرية وجرى تشييد قلاع على امتداد الطريق الساحلى المؤدى إلى سوريا.
وفى الفترة البيزنطية دافعت أديرة سيناء وقد أنشاها الإمبرطور جستنيان حصونًا عسكرية لحماية سيناء من غزو الفرس ومنها دير الوادي بطور سيناء ودير طور سيناء الذى أنشأه فى القرن السادس الميلادى وتحول اسمه إلى دير سانت كاترين فى القرن التاسع الميلادى للعثور على رفات القديسة كاترين على أحد الجبال الذى حمل اسمها، هذا علاوة على الحصن البيزنطي بجزيرة فرعون بطابا.
وفى العصر الإسلامى صدت قلاع سيناء والطريق الحربى لصلاح الدين طريق صدر وأيلة غارات الصليبيين مثل قلعة صلاح الدين بطابا وقلعته برأس سدر وكان لحصون شمال سيناء مثل حصن الفرما وحصن الطينة دورًا فى الدفاع عنها.
وكان لقلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون بطابا التى تبعد 10 كم عن مدينة العقبة أنشأها السلطان صلاح الدين عام 567هـ 1171م لصد غارات الصليبيين وحماية طريق الحج المصرى عبر سيناء دورًا عظيمًا فى حماية سيناء من الغزو الصليبي فلقد قاومت حملة الأمير الصليبي أرناط صاحب حصن الكرك 1182م بقصد إغلاق البحر الأحمر فى وجه المسلمين واحتكار تجارة الشرق الأقصى والمحيط الهندي بالاستيلاء على أيلة شمالًا (العقبة حاليًا) وعدن جنوبًا وتتبعته حتى حصن الكرك وسقط هذا الأمير فى إيدى صلاح الدين فى موقعة حطين واسترداد القدس.
وشهدت سيناء فصولًا من الصراع العربى -الإسرائيلى، وفى عام 1956 كان العدوان الثلاثى على مصر مستخدمين عدة محاور حيث تمتلك سيناء ثلاثة خطوط استراتيجية للدفاع عنها، الخط الأول بمحاذاة الحدود السياسية الشرقية لمصر التى تشمل أربع دول هى مصر وفلسطين والأردن والسعودية، الخط الثانى وهو خط المضايق (قلب سيناء) وأهم أقطابه ممر متلا جنوبًا ومضيق الجفجافة شمالًا وهو غير صالح للاختراق إلّا من خلال فتحاته المحدودة والتى تحدد الحركة بين شرق سيناء وغربها، والخط الثالث قناة السويس ذاتها وهى عنق الزجاجة الإستراتيجي إلى سيناء، وأخضعت إسرائيل سيناء للحكم العسكرى حين احتلالها عام 1967 وقسمتها إلى منطقتين هما شمال سيناء، وجنوب سيناء ووضعتها تحت إدارة مستقلة وعينت حاكم عسكرى على كل منطقة.
وأقامت فى سيناء المستوطنات أهمها أوقيرا بجوار شرم الشيخ، ذى هاف قرب دهب ، زاحارون 10كم شرق العريش ياميت 7كم قرب رفح، وبعد انتصار أكتوبر 1973 العظيم تم توقيع اتفاقية كامب دافيد فى 26 مارس 1979وبدأت مراحل استعادة أرض سيناء حتى عودة آخر شبر بسيناء فى طابا ورفع العلم المصرى عليها فى 19 مارس 1989