اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

الحجية القانونية للبصمة الوراثية في إثبات النسب

الحجية القانونية للبصمة الوراثية في إثبات النسب





بقلم : الدكتور أحمد شعبان


  یقصد بمصطلح البصمة الوراثیة ، بصمة الحمض النووي ، أی الخصائص الوراثیة ویرمز لها (D.N.A) وهو اختصار لعبارة (Deoxy ribo nucleic acid) 


إذ یحتوی الحمض النووي على الصفات الوراثیة للإنسان التيةاکتسبها من أسلافه والتي سیورّثها لأولاده وأحفاده من بعده 

 إذ ثبت علمیاً أن کل خلیة من خلایا الجسم تحتوي على نواة فیها (46) کروموسوماً 

إلا الحیوان المنوي للذکر وبویضة الأنثى فإنهما یحتویان على (23) کروموسوماً فقط ، منها (22) کروموسوما یحدد الصفات الوراثیة وکروموسوماً واحداً یحدد الجنس وهو کروموسوم (xy) للذکر وکروموسوم (x) للأُنثى ، وعلى هذا فان المولود الذی یأتی من عملیة الإخصاب یحمل صفات وراثیة مشترکة نصفها من الأب والنصف الآخر من الأم ، وعلیه أصبح ممکناً من خلال فحص الحمض النووی معرفة ان کان المولود من نسل شخص معین أم لم یکن .



لقد تم الاستعانة بهذا الاکتشاف العلمي الحدیث فی العدید من مجالات الحیاة ومنها الإثبات فی القضایا الجنائیة وقضایا النسب .



  لابد لمعرفة التکییف القانونی للإثبات بالبصمة الوراثیة من الرجوع الى قانون الاثبات لمعرفة أدلة الاثبات المعتمدة من قِبل المشرع ، ومن ثم معرفة التکییف القانونی للاثبات بالبصمة الوراثیة . وقد حصر قانون الاثبات أدلة الاثبات فی ثمانیة أدلة هی الدلیل الکتابی، والاقرار  والاستجواب ، والشهادة ، والقرائن  والیمین ، والمعاینة ، وأخیرا الخبرة . 



فتحت أی من هذه الأدلة یقع موضوع الإثبات بالبصمة الوراثیة ؟ ان معرفة هذا الامر یُمکننا من الوصول الى الاحکام القانونیة الواجبة التطبیق من قبل القضاء عند الاستعانة بها فی الاثبات .



 لا یختلف التکییف الفقهی للإثبات بالبصمة الوراثیة عن التکییف القانونی ، فالاحتکام الى البصمة الوراثیة او ما یعرف بالبنیة الجینیة إنما هو فی حقیقته احتکام الى قرینة الشبه ، وقد أولتْ الشریعة الاسلامیة الأخذ بقرینة الشبه وبالخزین الوراثي -وهو ما یعرف بنزع العرق- اهتماماً کبیراً .



 فالرسول الکریم محمد  قد إعتبر قرینة الشبه فی نسب أُسامة وزید، فقد روى عن أُم المؤمنین السیدة عائشة

 (رضی الله عنها) قالت : 

دخل علیَّ رسول الله  ذات یوم وهو مسرور فقال : ((یا عائشة الم تری ان مجززاً المدلجی دخل علیَّ فرأى أُسامة وزیدا وعلیهما قطیفة قد غطیا رؤوسهما وبدت اقدامهما فقال ان هذه الاقدام بعضها من بعض)) 

کما ان الرسول المصطفى  اعتبر قرینة الشبه فی ولد الملاعنة ، ففي واقعة هلال بن أُمیة، وبعد ان تلاعنا هلال وزوجته رُوى عن الرسول الکریم  قوله: 

((اُبصروها فإن جاءت به أکحل العینین  سابغ الالیتین ، خدلج الساقین ، فهو لشریک بن سحماء)) 

فجاءت به کذلک فقال النبی  : (لولا ما مضى من کتاب الله ، لکان لی ولها شأن)



فان على المشرع اعادة النظر فی النظام القانونی لاحکام جریمتی الزنا والقذف وبما یتطابق مع احکام الشریعة الاسلامیة عندها یصبح بإمکان القضاء الاستعانة بنتائج البصمة الوراثیة فی اثبات النسب ونفیه وبشکل یتفق واحکام الشریعة الاسلامیة المتعلقة باثبات النسب حیث تتطابق الحقیقة القضائیة مع الحقائق العلمیة وبما یحقق مقاصد الشریعة الاسلامیة فی حفظ الضروریات من دین  وعقل ، ونفس ، وعرض ، ونسب ، ومال

 اذ لا یمکن القول بالاخذ بحدیث

 ((الولد للفراش)) وعدم الاعتداد بالاحکام الشرعیة المتعلقة بجریمتی الزنا والقذف المنصوص علیها فی القرآن الکریم والسنة النبویة المطهرة  ومنها اقامة حد الزنا وحد القذف بإعتبارهما من ثوابت الشریعة الاسلامیة التی لا یمکن تجاوزها ، علما ان المشرع لا یقبل من القاذف إقامة الدلیل الا اذا کان القذف موجهاً الى موظف او مکلف بخدمة عامة او الى شخص ذی صفة نیابیة عامة او کان یتولى عملا یتعلق بمصالح الجمهور وکان ما اسنده القاذف متصلا بوظیفة المقذوف او عمله .

google-playkhamsatmostaqltradent