تحوت : سحر الحكمة وقوة الكتابة في عالم الآلهة المصرية
تحوت : سحر الحكمة وقوة الكتابة في عالم الآلهة المصرية
كتب - دكتوره ميرنا القاضي
باحثه في علم المصريات والشرق الأدنى
في عمق الأساطير والأديان القديمة
تبرز شخصية أسطورية تحمل في طياتها حكمة وسحرًا لا مثيل لهما.
إنه تحوت الإله المصري الذي يعتبر من أوائل الذين علموا البشرية فن الكتابة.
يتميز تحوت بقدراته الفائقة وعبقريته الاستثنائية، فهو حامي الحكمة ومصدر الإلهام للكتاب والعلماء.
تحوت، الإله الذي يجمع بين العقل والقوة الروحية، يعتبر ملهمًا للعديد من الحكماء والأدباء في العصور القديمة.
يقال إنه هو من أعطى البشرية هدية الكتابة والقدرة على توثيق المعرفة والحكمة. إن تحوت يمثل رمزًا للقوة الفكرية والتحول الروحي، حيث يعتبر الطريق إلى الاكتشافات العميقة والإبداع اللا محدود.
من خلال قوته المذهلة ومعرفته العميقة يمكن أن يوجه تحوت البشر لاكتشاف قدراتهم الخفية والتواصل مع العوالم الروحية. إنه الراعي للكتابة والسحر، حيث يمتلك القدرة على ترجمة الأفكار إلى كلمات سحرية تعبق بالقوة والتأثير.
في هذا المقال، سنغوص في عالم تحوت ونستكشف أسراره وقدراته الخارقة.
سنتعرف على الأساطير والقصص التي تحكي عنه، وكيف أثرت شخصيته على الثقافة المصرية القديمة.
سنتعمق في فهم دوره كحامي للحكمة والكتابة، وكيف أن الأدباء والعلماء يعتبرونه مصدر إلهامهم وقوة إبداعهم.
انضم إلينا في هذه الرحلة إلى عالم تحوت، حيث الحكمة تلتقي بالسحر والكتابة تتحول إلى قوة خارقة. سنكشف الستار عن أسراره المدهشة ونستكشف عبقريته الخالدة، فترافقنا في هذه الرحلة المثيرة إلى عالم الإلهة المصرية القديمة.
جمهوري المستهدف في هذا المقال هم الأشخاص المهتمون بالديانة والفلسفة المصرية القديمة ، والذين لديهم خلفية عامة عن التاريخ والأساطير المصرية.
سأستخدم بعض المصطلحات التي قد تكون غير مألوفة لبعض القراء ، مثل نتر (إله) أننو (هيرموبوليس) ابتيتي (أشمون) كتاب الموتى.
سأشرح هذه المصطلحات عند استخدامها لأول مرة في المقال.
هو الواحد الصمد لا يشوبه نقص
هو الباقي دوما ، هو الخالد أبدًا
هو الواقع الحق كما أنه المطلق الأكمل الأسمى.
هو جماع الأفكار التي لا تدركها الحواس
ولا تدركه المعرفة مهما عظمت الإله
هو الفكر الأول و هو أعظم من يطلق عليه إسم "أتوم "هو الخفي المتجلي في كل شيء
تعرف كينونته بالفكر وحده و تدركه عيوننا في الآفاق
لا جسد له و لكنه في كل شيء
وليس هناك ما ليس هو
لا إسم له لأن جميع الأسماء إسمه
هو الجوهر الكامن في كل شيء
هو أصل و منبع كل شيء
هو الواحد الذي ليس كمثله شيء"
يعتبر هذا النص أحد أهم النصوص الدينية الإيطورية المصرية القديمة
المقطع الذي يتحدث فيه تحوت عن طبيعة الإله الخالق لكل شيء!
نصوص تحوت هي مجموعة من النصوص الدينية والفلسفية التي تنسب إلى الإله تحوت ، إله الحكمة والكتابة والسحر في الديانة المصرية القديمة. هذه النصوص تعبر عن تصورات تحوت عن الواقع والكون والإله ، وتحتوي على مفاهيم متقدمة ومعقدة ، مثل التوحيد والأبدية والغيبية والتناغم. هذه النصوص لم تكتب في كتاب واحد ، بل في عدة كتب مختلفة ، وهذه بعض الكتب المعروفة التي يُعتقد أنها تحتوي على نصوص تحوت، ومن بينها:
1. كتاب البوابات (The Book of Gates): يصف هذا الكتاب العالم السفلي والمراحل التي يجب عبور الموتى من خلالها للوصول إلى الحياة الأبدية.
2. كتاب الأرض (The Book of the Earth): يتناول هذا الكتاب رحلة الشمس خلال العالم السفلي ليلاً واستعادتها للحياة في النهار.
3. كتاب الأقسام (The Book of Caverns): يروي هذا الكتاب رحلة الشمس في العوالم السفلية ويصف الكائنات الخرافية والأرواح التي تعيش فيها.
4. كتاب الأسرار (The Book of Secrets): يحتوي هذا الكتاب على مجموعة من النصوص السحرية والتعويذات التي ترتبط بقوى تحوت وتستخدم لأغراض مختلفة.
تلك الكتب هي بعض الأمثلة الشهيرة للكتب التي تحتوي على نصوص تحوت ولكن قائمة الكتب قد تكون أكبر مما ذكرته هنا. من المهم أن نلاحظ أن هذه النصوص تحمل مفاهيم معقدة وغامضة، وقد تحتاج إلى دراسة وتفسير دقيق لفهم معناها بشكل صحيح.
و لكن من هو تحوت: الإله المصري الحامي للعلم والحكمة؟
تحوت هو أحد النترو القوى الكونية يعتبر من أهم الآلهة في الديانة المصرية القديمة وله العديد و العديد من الاسرار في عالم الماورائيات وارتباطة بالتوازن في الكون ودورة الكبير في محكمة الموتي ودورة في فرض العدالة في حرب الإله حورس مع الاله ست فهوجزء مهم من الميثولوجيا المصرية القديمة.
لكن معنى كلمة تحوت فى المصرية القديمة وما يرمز له الاسم؟
اسم تحوت يبدو أنه أخذ من الاسم القديم المفترض لأبى قردان فى مصر أي "تيحو " بعد إضافة “تي” لها على أساس أنه ملك يدعى تيحوتى "تحوت" امتلك خصائص وقدرات أبو قردان وهناك اشتقاق آخر للاسم يبدو أنه كان المفضل لدى المصريين يربطه بكلمة “تخ” بمعنى وزن وجدناه في جملة اقتبسها "لانزون" حيث كان يدعى الإله فيها “تخ" والعلامة المناظرة لتيخ “وزن” هي القلب.
كذلك تعانى الكلمة طائرا وهو معنى قريب جدا من أبي قردان الطائر المقدس الممثل لتحوت والذي في رأي بعض الكتاب القدامى أن يرتبط بالقلب ، فهو " أبوللو" يقول أن المصريين عندما كانوا يرغبون فى كتابة قلب كانوا يرسمون أبو قردان لان الطائر يعبر عن هرمس أي تحوت اله المعلومات والفهم.
وفيما يخص الشكل الأخر لتحوت “القرد” على ما . يبدو أن القراءة لاسم القرد المقدس غير مؤكدة، وان كان اسمه بعد ذلك “هدج -ور” بمعنى “الأبيض العظيم” أو “انصع العظماء بياضا "
تعددت الاسماء والألقاب التى أطلقت على اله تحوت منها ما يرتبط بالمدن ومنها ما يرتبط بصفاته وقدراته الخاصة التى كان يتميز بها عن باقى المعبودات المصريةالقديمة وهي كالتالي:
-تحوت أو “توت”
-من الأسماء التي أطلقت على تحوت اله كل من خنمو و واستين وخينتى ومحي.
-اله العدالة ماعت
قاضي الإلهين المتحاربين حورس وست
- جحوتى
-هرمس
-العظيم مرتين
-العظيم ثلاث
- أطلق علي تحوت “سيد السماء” والغامض و "المجلل بالأسرار" والصامت
و "رمز الحكمة والوقار" كما نعت
“جمال الليل” أحد الألقاب الهامة التي أطلقت على تحوت هي قاضي “الريحيحيو " صانع السلام بين الآلهة الذي يسكن أننو “هيرموبوليس " الإله العظيم في معبد ابتيتي . أطلق عليه أيضا" المهيب العظيم " في العصور الأكثر تأخرا .
ومن ألقاب تحوت العارف والمتمرس في المعرفة تعكس جوهره كمطلع على عالم السحر وقواه الغامضة فهو سيد السحر والعظيم في السحر وأيضا مخترع الكتابة وواضع القوانين والناموس التقليدي الذي تنطوي عليه الكتب المقدسة
السحر وقواه الغامضة فهو سيد السحر
وقد شملت معارف تحوت لغات الشعوب الأخرى وربما لهذا السبب حمل لقب
“سيد البلاد الأجنبية" منذ الدولة القديمة.
صفات المعبود تحوت
صفات تحوت كانت نتاجاً لأفكار راقية وهى ربما تكون أكثر الأفكار سموا عن صفات النتر التي انتهجتها قريحة المصريين والتي كما رأينا كانت شيئا ما قابلا للتطبيق على الجانب المادي وتحوت لذلك بتجسيده الكامل لعقل الإله وكحاكم ودير لقوى السماء والأرض يمثل أحد أكثر ملامح الديانة المصرية رقيا جنبا إلى جنب مع الاعتقاد في بعث الموتى فى أجساد روحانية ونظام خلود.
وأنه كان قلب رع وأنه كان اله القانون
في كل من حالتيه المادية والمعنوية
وأنه كان يعرف “الحديث الرباني "
و "القادر على الحديث " بمعنى أن كلماته ذات تأثير كما نسب إليه تأليف العديد من الكتب الجنائزية وكتاب الموتي بكاملة وفصوله يُفترض أنه من تأليف تحوت يقال أنه كتبها “بأصابعه الشخصية"
حيث نجد المتوفى يقول:
“أنا ذلك الذى نشر الرعب في قوى المطر والرعد .. لقد شرعت سكيني وسكين تحوت التي بيده في قوى المطر والرعد" هذه الجملة القصيرة وجدت في فصل عنوانه "فصل الاقتراب من تحوت .
أشكال المعبود تحوت
كان تحوت يظهر في صورة رجل يحمل رأس طائر أبي قردان وأحيانا على شكل قرد البابون وغالبًا ما كان يحمل في يده قلمًا وسجلًا للكتابة.
تحوت هو المعلم الرسول الذي ينقل العلم من عالم الروح الى العالم المادي كان الانتقال بين العوالم من صفات تحوت لذلك اختار قدماء المصريين طائر الأيبيس ليكون رمزا له.
المصري القديم تأمل طائر الأيبيس فرأى أن هذا الطائر دائما ما يقف على الحد الفاصل بين الماء و اليابسة وكأنه يقف بين عالمين.
أما قرد البابون فكان صديق الكهنة حيث كان هذا النوع من القردة يعرف بأنه يحدث أصوات و ضوضاء يوقظ بها الكهنة قبل شروق الشمس ليؤدوا طقوس التأمل عند شروق الشمس.
وكان وقت الشروق أيضا رمزا للمنطقة الفاصلة
پین عالمين الظلام والنور
اعتبر قدماء المصريين أن الإله تحوت توت هو الذي علمهم الكتابة و الحساب والطب والهندسة و الفلك و علم الخيمياء
و الحكمه الصوفيه المصريه وعلم الخيمياء غير الكيمياء ، الخيمياء هو فرع قديم للفلسفة الطبيعية والحكمة الصوفية
أن نصوص «تحوت» شبيهة إلى حدٍّ ما بالخطاب الصوفي الذي يمدح الخالق ويعدِّد أشكال وجوده في الرزق والإيمان والعبادة والتي وردت في كتاب
(مُتون هِرمس) تدل على التأملات الفكرية في شكل الإله والحِكَم المأخوذة عنه
وليس من الصعب العثور على نصوص له يناجي فيها الإله بلُغةٍ مليئة بالحكمة
(إنه النور الذي يسطع بداخلك، هو نور الخالق الذي أبدع منه الكون، فهو يسكن روحك التي تطوف بعقلك، هو قدس معبدك، ومعبدك هو أنت. أنت من يقدِّس الخالق العظيم بتأمُّل كونه البديع، والكون هو بوابة الشمس للعلوم المقدَّسة، التي تجعل عقلك معبدًا للروح، والروح معبدًا للخالق. فيك يتجلَّى الكون ببهائه)
(الروح لا تعرف ذكرًا وأنثى، بل الأَبْدان هي التي تعرف، فإذا كان بدنُك زائلًا ورُوحُك سرمدية تعود من الظلام لتشرق مرة أخرى مثل رَعْ في السماء، فإن رَعْ يقدِّس الخالق بدورته السرمدية، كذلك روحك تدور في رحلتها وتعود إلى مكانها الطبيعي بجوار خالقها)
أكثر العلوم التي ارتبطت بتحوت بشكل خاص فهم علمان
-علم (الأسترولوجی Astrology) والذي يطلق عليه أحيانا علم فوق كما تحت أي علم تأثير حركة الأفلاك على التطورالروحي للانسان هو العلم الذي يدرس الدورات الكونيةالكبرى ان علم الأسترولوجي هو أبو كل العلوم فهو الأصل الذي خرجت منه كل العلوم الانسانية وأيضا الأديان وهو العلم المقدس الذي أهداه تحوت للانسانية عن طريق القدماء.
- وعلم السحر يرجع السحر بمصر بأصوله إلى العبادات المصرية القديمة
وكان المحور الذي تدور حوله برديات السحر هو الإله هرمس كما أطلق عليه اليونان تحوت اله الحكم، وأطلق على كتاب السحر اسم هيرماتيك ووجدت نسخ منها في أرشيف اكسير نخوس وتتمن البرديات ذكر ايزيس ربة الحكمة وللبحث عن اوزوريس.
وذكر هرمس (تحوت) واضيفت آلهة يونانية كافروديت وآلهة اليهودكيهوا وموسى . اما عن صيغتها فاشتملت على ألفاظ وتعبيرات غريبة، الى جانب اسماء الآلهة
أن تلك المعرفة بالكتابة تضفي عليه قدرات رهيبة، انه ،ساحر، وكان يعتبر فى عهد متأخر أنه وضع صيغا تمنح أولئك الذين يتلونها بصوت مرتفع قدرات خارقة للعادة. وأن قصة "ستون خامواس" بإجمالها تدور حول حيازة كتاب كان تحوت هو الذى كتبه بيده: “الصيغتان المكتوبتان فيه، إذا تلوت الأولي فانك ستسحر السماء والأرض وعالم الجبال، انك ستفهم ما تقول أطيار السماء والزواحف
كلها كائنة ما كانت وإذا قرأت الصيغة الثانية، لو انك كنت في القبر فانك تستعيد الشكل الذي كان لك على الأرض وكذلك سترى الشمس تطلع في السماء مع لفيف ألهتها والقمر فى الشكل الذى كان له عندما ظهر (ترجمة ماسبيرو).
كان تحوت أول من كتب بالقلم
هل هو سيدنا إدريس عليه السلام؟
ولكن قبل الإجابة لنتوقف عند اسم هذا النبي، وسنواصل في الجزء الآخر من المقال .