توت عنخ آمون، حكايات وأسرار الملك الشاب
كتب د.عبد الرحيم ريحان
ذلك الصبي الصغير توت عنخ آمون لم يكن يدري علي الإطلاق أنه سيصبح ملكًا ولو كان يعيش في زمننا هذا لم يأتى في مخيلته أنه سيصبح رمزًا للحضارة المصرية.
هكذا بدأ الباحث الشاب الآثارى محمد حمادة مؤسس ورئيس فريق أحفاد الحضارة المصرية، رئيس اللجنة الفرعية لحملة الدفاع عن الحضارة المصرية بالغردقة والمنصورة حديثه.
وأشار إلى أن مقبرة توت عنخ آمون تُعد من أصغر المقابر المصرية القديمة وأفقرها في العناصر الفنية والرخارف لكنها الأغنى في كنوزها وهي السبب فى تخليد اسم توت عنخ آمون في صفحات التاريخ حيث أنها من المقابر النادرة التي لم تمسها أيدي بشرية ولم تتم سرقتها من لصوص المقابر
الملك توت عنخ آمون
يشير الآثارى محمد حمادة إلى أن توت عنخ آمون كان إما إبن امنتحتب الرابع المعروف ب (اخناتون) ويرجع نسبه كما يلي:أمنحوتپ الثالث (1390 - 1353 ق.م.) و كبرى زوجاته الملكة تيي (1390-1340 ق.م.) انجبوا الفرعون أخناتون الذي كان يسمى ايضا باسم أمنحوتب الرابع.
أخناتون (1353 - 1336 ق.م.) بالاضافة إلى زوجته الرئيسية نفرتيتي
(1352 - 1340 ق.م.)
كان عنده زوجة ثانوية اسمها كييا ويرجح أنها والدة توت عنخ أمون
(1332 - 1322 ق.م.).
توت عنخ أمون (1332 - 1322 ق.م.) أصبح ملك مصر وهو طفل و توفي في ظروف غامضة و مجهولة وكانت زوجته اسمها عنخ إسن آمون
هل مات مقتولًا؟
وعن وفاة الملك الشاب تشير الباحثة الآثارية ملك ياسر سيد منسقة حملة الدفاع عن الحضارة المصرية للعلاقات العامة، عضو فريق أحفاد الحضارة المصرية إلى بعض الآراء عن وفاة توت عنخ آمون بأنه توفي أثر عملية اغتيال من الوزير ( آي)، وبعض الآراء تقول بسبب حادث، وبعض الآراء تقول أن عملية اغتيال الملك توت عنخ آمون كانت مدبرة من قبل وزيره ( آي) الذي تزوج زوجة الملك توت عنخ آمون فور موته.
ومن خلال التصوير الثلاثي الأبعاد لمومياء الملك توت عنخ آمون توضح أن الفتحة الموجودة في الجمجمة ليست نتيجة عملية إغتيال وإنما نتيجة لعملية التحنيط
(أثناء استخراج المخ في عمليه التحنيط).
وكشفت أيضًا عمليه التصوير (X_Ray) وجود كسر في عظمة الفخذ اليسري وهذه أيضًا ليست نتيجة عملية إغتيال وإنما من الممكن أنه كان التهاب طبيعي وكان العظم الذي في فمه ليس مكتمل، وكان طول الملك توت عنخ آمون ١٧٠ سم ، وجمجمته كانت عريضة جدًا.
إكتشاف المقبرة
يشير الآثارى محمد حمادة إلى اكتشاف المقبرة في الرابع من نوفمبر عام 1922 من قبل الطفل المصري حسين عبد الرسول أحد عمال بعثة هوارد كارتر عالم الآثار والمتخصص في تاريخ مصر القديمة عندما كان يقوم بحفريات عند مدخل النفق المؤدي إلى قبر الملك رمسيس الرابع في وادي الملوك، فلاحظ وجود قبو كبير واستمر بالتنقيب الدقيق إلى أن عثر ذلك الطفل علي أول سلالم المجد، وبالتالى فهو المكتشف الحقيقى للمقبرة.
وقد أحدث هذا الإكتشاف ضجة إعلامية واسعة في العالم، نظرًا للتوصل إلى مقبرة الفرعون كاملة المحتويات، وبكامل زينتها من قلائد وخواتم والتاج والعصي وكلها من الذهب الخالص والأبنوس.
وفي يوم 5 نوفمبر كشف فريق كارتر عن 12درجة سلم لمدخل مقبرة توت عنخ آمون، وفي يوم 24 نوفمبر كشف كارتر وفريقه المدخل بالكامل ووجدوا عليها ألقاب توت عنخ آمون، ووجدوا مدخلًا أخر علي بعد ٢٠ قدم تحت الأرض
وتم الكشف عن مقبرة توت عنخ آمون التي تحمل في غرفها الصغيرة ومساحتها الضئيلة 5400 قطعة أثرية معظمها من الذهب
وتنوه الباحثة ملك ياسر سيد إلى أن المقبرة تحمل رقم (٦٢) في وادي الملوك وقد تمت محاولات سرقتها مرتين من قبل اللصوص ولكن فشلت هذه المحاولات ويتضح ذلك من خلال طبقة الطلاء بالمقبرة
تتكون المقبرة من مدخل منحوت في الصخر أسفل مقبره الملك
( رمسيس السادس)
ومن ثم نجد سلم من 16 درجة، طوله 4م وعرضه ١,٦ سم وكان هذا السلم يؤدي إلى مدخل مسدود ومطلي و مختوم بختم الملك توت عنخ آمون أخذ شكل الإله أنوبيس 𓃣 إله الجبانة وأيضًا اسم توت عنخ آمون وصور تسعة من الأسري وصور للآلهات الحمايات
( إيزيس ، نفتيس ، نيت ، سرقت)
تابوت الملك
وأردفت الباحثة ملك ياسر سيد أن تابوت الملك توت عنخ آمون يحتوي بداخلة علي ثلاثة توابيت آخري والمومياء، وكان أول تابوت مصنوع من حجر الجرانيت المطلي باللون الأصفر والتابوت الثاني والثالث مصنوعان من الخشب المطلي برقائق الذهب والتابوت الأخير مصنوع من الذهب الخالص، وكان باب غرفه الدفن مغلقًا بالحبال ومنقوش عليه أختام الكهنة، وكان باب المدخل العام كان مسدودًا برديم خاص بمقبره الملك رمسيس السادس
وكان غطاء التابوت منقوش عليه بقايا أجنحة الآلهات الحاميات، والتابوت الحجري منقوش علي الأركان الآلهات الحاميات ناشرين أجنحتهن كنوع من الحماية للملك.
وجميع هذه التوابيت والمومياء بحجره الدفن، مساحتها ٦,٤ م طول، ٤,٠٣ م عرض
وكانت تتميز بوجود حجره جانبيه مساحتها 4م طول، 3.5م عرض
وكانت جميع الحجرات مملوءة بالأثاث الجنائزي المحفوظ في حالة جيدة ، وتم نقلها إلى المتحف المصري الكبير.
هوارد كارتر لص آثار
ويؤكد الباحث الآثارى محمد حمادة أن هوارد كارتر لص آثار حاول سرقتها حيث أهدي 19 قطعة إلى متحف الميتروبوليتان وإستعادهم الدكتور زاهي حواس عام 2009، كما أهدي كارتر لجاردنر مترجم الهيروغليفية تمائم من مقتنيات المقبرة.
وعرض جاردنر التميمة على ريكس إنجلباخ المدير البريطاني للمتحف المصري في القاهرة آنذاك، وشعر بالفزع عندما قال له أنجلباخ إنها جاءت بالفعل من مقبرة توت عنخ آمون لأنها تطابق نماذج أخرى كلها مصنوعة من نفس القالب.
وأرسل جاردنر رسالة إلى كارتر وأرفق فيها رأي إنجلباخ قائلًا " التميمة التي أريتني إياها قد سُرقت بلا شك من قبر توت عنخ آمون "وقال جاردنر لكارتر
"إنني آسف بشدة لأنني وُضعت في موقف محرج للغاية"
كما صرح أحد العاملين لدى كارتر، بأن كارتر فتح بمفرده حجرة دفن المقبرة فى السر، ثم أعاد غلق المقبرة، ووجدوا في منزله تمثال لتوت عنخ آمون وأخبرهم انه كان يحافظ عليه.
مناظر مقبرة توت عنخ آمون
ترصد الباحثة ملك ياسر سيد مناظر مقبرة توت عنخ آمون، ففي (حجره الدفن) الجدار الشرقي نجد منظر للملك توت عنخ آمون وصورة مركب يقوم بسحبه مجموعة يرتدون الملابس البيضاء الكتانية، ومشهد آخر لمومياء توت عنخ آمون داخل المركب داخل ناووس ومنقوش نص فوق الملك يشير للمعبود ( نب خبرو رع) توت عنخ آمون، هذه المناظر مرسومة وملونة وليست منقوشة نقوش غائرة أو بارز.
وعلي الجدار الشمالي نشاهد منظر شهير للملك ( آي) وهو يرتدي التاج الأزرق ويظهر بصفته الكاهن الأكبر للملك توت عنخ آمون ويقوم بطقسة فتح الفم ومنظر آخر يمثل المعبودة (نوت) ربة السماء تحيي الملك الواقف أمامها ممسكة بيدها علامة العنخ
ويظهر علي الجدار الشمالي منظر للملك وهو يحتضن المعبود أوزير
(إله الغرب أو العالم الآخر)
وخلفه يظهر الكا وفوق رأسه الاسم الحوري للملك، ومن أهم المناظر منظر يمثل الساعة الأولي من كتاب الموتي ويظهر ١٢ فرد ممثلين في ٣صفوف يمثلون ساعات الليل ال١٢ ساعة و خمسة من المعبودات، ومركب الشمس الذي يقف فيه المعبود خبر، ويظهر في شكل الخنفساء ويتوسطه المعبود أوزير في شكلين في حالة تعبد.
ومنظر الجدار الجنوبي يمثل الملك توت عنخ آمون وسط المعبودة حتحور والمعبود أنوبيس .