اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

منال خليل تكتب " مات الولد "

 لم يرفع القلم بعد 

منال خليل تكتب " مات الولد " 






              مات الولد 

    بقلم الكاتبة : منال خليل 


- كيف لي أن أكتب؟

وكيف للألم وعصرة القلب أن يعبر عنه بحبر القلم وكل الحكايا مصبوغة بلون الدم وقد خطت بيد آثمة على قلوبنا جميعا .



بأيام ثوانيها كلها تمر مكتملة بدم الأبرياء من الأطفال والرضع .. أيام تخلف وراءها الثكلى والأرملة والكثير من الأيتام ومبتوري الأطراف وغزيري دمع الطرف . 



- كيف لي أن أكتب وأنا أرى كل هذه الدماء والخراب وأطفال عطشى تمسح العفن من على كسرات الخبز لتسد جوع بطن وقد شقتها الدانات وحرقت جلدها النيران !!



- كيف لي أن أكتب فيما أعتدت أن أكتب في الحب والخير وجمال الأنسانيات، ونحن مكتوفي الأنسانية ولا نملك سوى التعاطف والدعاء والكثير جدا من الغضب والألم المحفور بسن من لهب داخل الصدور .



- كيف لي أن أكتب واصابعي ونبض أطراف أناملي تصرخ  بأن أهجو وأرثي في آن واحد .



- كيف لي أن أخط بالقلم وهو غاضب يلعن قلة الحيلة وهو يعلم أين يتربص الجاني بأطفالنا ليغتال البراءة والأرض والعرض ... محتال الشرف، القابض على الرذيلة لخمسة وسبعين عاماً متتالية  سبعة وعشرون الف وثلاثمائة خمسة وسبعون يوم وكأنه مالك الصولجان.





- كيف لي أن  أكتب وأنا قلبي مشدوه يبحث مع الطفلة سوسو ومحمد عن أبويهما 

 أبحث هنا وأبكي هناك مع أم يوسف الحلو  ذو الشعر الكيرلي .. وينقطع البحث مع كل كارثة أخرى ومشاهد الأكفان الجماعية .



- كيف لي أن أكتب وقد تضاءلت كل المصائب والقضايا أمام الفجيعة الكبرى ... أنها لأيام تعدو ثوانيها حبلى في أطفال وكأنهم ولدوا ليشهدوا أيام قليلة ولكنها ثقال موجعة ... مرعبة .



- أعلم تماماً كيف يكون شعور الأم بفقد الغوالي فقد إختبرته بأبني الأكبر .. أعلم كيف يكون  هذا الشعور الدامي بمواراة حبات القلوب التراب .



- و كيف لنا ان ننسى أيقونة إنتفاضة الأقصى 

كنا نعتقد أنه المشهد الأسوء على الإطلاق وبأننا أبدًا لن ننسى ذلك المشهد الذي كان يبدو وكأنه لقطة من فيلم جائر الظلم فى اليوم الثانى من الإنتفاضة  على مرأى العالم ومسمعه، ولكنهم  كفيفي البصر والبصيرة عن عمد ومنظور معايير مزدوجة وكأن أطفالهم هم بشر وأطفالنا نحن من حجارة.



-  مرت ثلاثة وعشرون عاما على ذلك المشهد المأساوي الرهيب في ٣٠ سبتمبر لقتل الطفل الأعزل "محمد الدرة" وصراخ جمال الدرة  "مات الولد" 

فقد كنا نعتقد انه حالة استثنائية بالقتل للاطفال ولكن اكتشفنا اليوم انه الاف الدرة يسقطون بطرق ابشع و اكثر بشاعة و مجازر بالصواريخ التي مجموعها تساوت بقنبلة ذرية 12000 طن من القنابل .. واكثر مما تم اسقاطه على افغانستان في أعوام ... تم قصف بيوت الاطفال فيه باقل من عشرين يوم

مازال صوت ابو محمد الدرة وهو يصرخ مات الولد مات الولد عالق بأذهاننا وكأننا قتلنا جميعا بهذا اليوم..

فهذا الصراخ والبكاء والإنحناء على النفس إنهزاماً خلفهم قوة ممزوجة بصبر وجلد وإيمان مع جرح غائر أعظم كثيراً من ذلك المشهد الذي يبدو للعالم أجمع 

والذي أجتمع أغلبهم على التراخي عنه والتواطؤ مع جحود وجحافل الظلم الذي تحول لإبادة جماعية للمسالمين والأطفال .. بل ربما يكون المقصود أيضا هو التطهير العرقي !! 

فالتطهير العرقي غايته التهجير و استبدال جماعة عرقية  او دينية بجماعة اخرى في بقعة جغرافية ما ،لجماعة ما وهم السكان الأصليين لفلسطين .



عن طريق إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء الجماعة أو إخضاعهم  عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا،مع فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة، نقل أطفال أو أفراد من الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى وهو المقصود هنا بمحاولات الضغط لتهجير سكان غزة إلى سيناء.. ولكن الكيان الصهيوني تمادى لمرحلة أشد وأخطر وصولا للابادة الجماعية .



ومصطلح الإبادة الجماعية تم صياغته في الاربعينيات من القرن العشرين بواسطة المحامي البولندي المولد

 " رافئيل ليمكن " وهو التدمير المتعمد والممنهج لمجموعة من الناس بسبب عرقهم أو جنسيتهم

 أو دينهم أو أصلهم.



- فحتى لحظة هذا المقال التي اكتب لكم هناك اكثر من 2000 طفل سقطو وكانها مجازر في الخيال وليس في الواقع و خمسة آلاف شهيد

 70% من ضحايا الهجمات الإسرائيلية في قطاع غزة نساء وأطفال، وتم تدمير أكثر من %40 من المنازل في القطاع .



- هذا هو ما انفعل وانفلت من أجله القلم، ليعبر قليلا عن الألم الظاهري والدموع المدارية بالجفون  لاستشهاد أو قتل مايقرب من ألفين من الأطفال حتى الآن !!! 



 - كيف لي أن أكتب في خضم ذلك الصراع الدائر على مدار الساعة للحرب على البقاء فقط .



وذلك الدم السائل بين الركام وتحته والذي قد يتسرب عفواً من شعب يدين بدين المقاومة، الإستبسال والكبرياء وشرف العرض والأرض ، إنه فقط بعض فيض من حميم بركان لن يهدء سوى بتحرير الأرض والوطن .



- كنت أتمنى توحد الفصائل الفلسطينية جميعها بما يملكون من أسلحة وتخطيط للدفاع عن المدنيين والأطفال بشكل مدروس العواقب.



- كما نتمنى وننشد جميعاً أن تتكاتف كل الشعوب والبلدان التي تدين بدين الإنسانية أن تناصر شعبا أعزل يستبسل ليستشهد على وطنه المحتل 

وطن  الأمهات فيه تكتب أسماء أولادها على الذراع والصدر ليتم التعرف على هويتهم البريئة ... تحسباً وترقباً للشهادة .



- فكيف تكون هي الكلمات أمام كل هذا الذعر والهلع وشهامة تلقي خبر قتل عائلات بالكامل وبكل صبر وقوة وكبرياء يحتسبوهم شهداء وما يزيدهم كل ذلك إلا قوة وإستبسال.. فكم أنت رائع أيها الفلسطيني !! 



- ومع كل هذه الكوارث، كلي إيمان بأنه لم يرفع القلم بعد ومن وسط الدمار سيأتي الإنتصار .

google-playkhamsatmostaqltradent