زيارة إلى "كنيسة السيدة العذراء بحارة زويلة" وأسرار بئر العائلة المقدسة
كتب د.عبد الرحيم ريحان
رحلتنا اليوم على بعد أمتار من شارع بور سعيد بباب الشعرية فى زيارة إلى الكنيسة التى بناها رجل الأعمال القبطى الحكيم زيلون 352م على البئر التى شربت منه العائلة المقدسة، يصحبنا الرّحالة خبير الترميم الدولى المهندس فاروق شرف، والذى شارك فى أعمال الترميم بها مع الدكتور شوقى نخلة رئيس الإدارة المركزية للصيانة والترميم آنذاك، وتم ترميم عدد ٣٢ أيقونة أثرية.
يشير المهندس فاروق شرف إلى مجىء العائلة المقدسة قادمة من المطرية وقبل أن تتجه إلى مصر القديمة إلى البئر بموقع كنيسة حارة زويلة فبنيت الكنيسة على هذه البئر تبركًا بالموقع، وبعدها أصبحت بطريركية فى تاريخ الكنيسة اتخذها 22 بطريركًا كمقر بابوى.
وبحسب رواية المقريزى المؤرخ المصري
"أنه فى عام 358هـ ، 969 م، أسس القائد جوهر الصقلى مدينة القاهرة وقسم المدينة إلى حارات أسماها المقريزى (خطط) أى مجموعة من الأحياء الآهلة بالسكان وكانت هناك قبيلة مغربية من قبائل البربر قد نزحت إلى مصر مع القائد جوهر الصقلى وتدعى قبيلة "زويلة"، أقامت هذه القبيلة بالمساحة المزروعة بهذه المنطقة (حارة زويلة) إلا أنها تركت الدير على ما هو عليه، وتم بناء كنيسة السيدة العذراء الأثرية بحارة زويلة و يرجع تاريخ تأسيسها إلى ما قبل الفتح الإسلامى لمصر بحوالى مائتى عام.
وفى العصر الأيوبى كان القائد صلاح الدين الأيوبى قد قضى على الدولة الفاطمية ومزق فلولها وشتت أنصارها فلم يبق منهم أحد فتشتتت معهم قبيلة زويلة، وتلقائيًا بدأ المسيحيون فى الاستيطان بهذا الحى غيرة على كنائسهم ومحبة لها فهى التى تحمل لهم ذكرياتهم وصلواتهم الجميلة.
يصف المهندس فاروق شرف الكنيسة الرئيسية، طولها 22 م وعرضها 18 م، إضافة إلى كنيسة أبى سيفين التى بناها المعلم إبراهيم الجوهرى القرن ال 18م وكنيسة مار جرجس، وديرين للراهبات الأول راهبات العذراء مريم، ودير راهبات القديس مار جرجس والمنطقة أثرية وبها آثار وصهاريج لتخزين المياه وسراديب للتنقل أو الهروب، إلا أنه بفعل ضغط المياه انسدت تلك السراديب، وتضمن الكنيسة هيكل الملاك غبريال والبئر التى شربت منه العائلة المقدسة والاستراحة التى أقاموا فيها، كما يوجد 150 أيقونة أثرية بالكنيسة والأديرة المحيطة بها أبرزها "الأيقونة العجائبية" وبها تحمل السيدة العذراء السيدة المسيح على شجرة الحياة والمغروسة على جثمان شخص ويقال إنه يرمز إلى يسى بن داود النبى، ويوجد بها 16 نبيًا من أنبياء العهد القديم الذين تنبأوا بمجىء السيد المسيح.
كما تضم العديد من المقتنيات الأثرية منها مخطوطات للكتب الكنسية، وصلبان وأدوات المذبح، وأربعة أنابيب تحوى رفات بعض البطاركة غير معروف معالمهم، ورفات للقديس صليب، ورفات للقديس أبى سيفين، وأيقونات وصور من القرن الـ18 والـ19م وأقدم أيقونة تمثل السبع الأعياد السيدية الكبرى بالكنيسة من الـ.12م
ويشير المهندس فاروق شرف إلى مشكة المياة الجوفية بالكنيسة الأمر الذى جعل الإهتمام الكبير من المركز الأمريكي بعلاج هذه المشكلة من المياه التى كانت تغمر أرضية الكنيسة لأكثر من ٢٥ سنة بسبب وقوعها على مستوى ٢٥و٤ متر تقريبآ أسفل مستوى سطح الأرض بهذه المنطقة لدرجة أن المياه كانت تخرج من الحوائط بشدة على شكل صنابير وبشكل مستمر والذى جعل القائمين على الكنيسة يحفرون مجاري أرضية مكشوفة لتصريف هذه المياه بعيدًا عن الكنيسة.
ويتابع لقد استخدمنا أجهزة تفتييت عنصرى لتكوين المياه (الأكسجين – الأيدروجين ) ولكن كانت ضعيفة ودون جدوي ومع تحليل هذه المياه اتضح أنها نقية جدًا، وكان العلاج بتجميعها ورفعها بواسطة طلمبات رفع الى أماكن الصرف وحتى يتم الإحتفاظ بالمستوى تحت أرضية الكنيسة .