اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

الخلفية التاريخية للوعد الإلهي تأويلات وتأثيرات

 الخلفية التاريخية للوعد الإلهي تأويلات وتأثيرات




 الخلفية التاريخية للوعد الإلهي تأويلات وتأثيرات

  كتبت -  دكتورة ميرنا القاضي

باحثه في علم المصريات والشرق الأدنى


تاريخنا المعاصر مليء بالأحداث والصراعات التي ترتبط بالديانة والأراضي المقدسة. ومن بين هذه الأحداث، يبرز الوعد الإلهي كأحد المفاهيم الأكثر تأثيرًا وجدلاً في العصور الحديثة. تجذب الاقتباسات الدينية التي تعود إلى كتاب التوراة، وتتحدث عن "الأرض الموعودة"، اهتمام الباحثين والمؤرخين والسياسيين على حد سواء.



في هذه المقالة، سنستكشف خلفية الوعد الإلهي ونسلط الضوء على تأويلاته وتأثيراته على التاريخ الحديث. سنستعرض الاقتباسات الرئيسية من كتاب التوراة التي تشير إلى وعود إبراهيم ونسله بالأرض وكيف استُخدمت تلك الاقتباسات في سياقات مختلفة لخدمة مصالح سياسية واستعمارية.



سنستكشف أيضًا تأثيرات هذه التأويلات على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وكيف استُخدمت لتبرير السيطرة والتوسع الإسرائيلي في فلسطين. سنلقي الضوء على الجدل المحيط بهذه القضية، ونستعرض الأدلة التاريخية التي تشير إلى وجود شعوب أخرى قبل وجود اليهود في تلك المنطقة.





من خلال هذا الاستكشاف، نأمل أن نساهم في فهم أعمق للتأثيرات التاريخية للوعد الإلهي وتأويلاته، وكيف تشكلت الصراعات والثقافات الحديثة بناءً على هذه القضية المعقدة. ستكون هذه المقالة مرجعًا مفيدًا لأولئك الذين يسعون لفهم الخلفية التاريخية والجدل المحيط بالوعد الإلهي وأثره على العالم اليوم.


 

“واجتاز أبرام في الأرض إلى مكان شكيم إلى بلوطة مورة، وكان الكنعانيون حينئذ في الأرض. وظهر الرب لإبرام وقال: لنسلك أعطي هذه الأرض” 

(سفر التكوين، الإصحاح 12: 6-7).


“في ذلك اليوم قطع الرب مع أبرام ميثاقا قائلاً: ” لنسلك أُعطي هذه الأرض، من نهر مصر الى النهر الكبير، نهر الفرات” (سفر التكوين، الإصحاح 15، 18)


“واقيم عهدي بيني وبينك، وبين نسلك من بعدك في اجيالهم، عهدا ابديا، لاكون الها لك ولنسلك من بعدك.  واعطي لك ولنسلك من بعدك ارض غربتك، كل ارض كنعان ملكا ابديا واكون إلههم” 

(سفر التكوين، الإصحاح 17: 8-9).



هذه العبارات في كتاب التوراة أصبحت خلال 5-6 قرون الماضية ربما الأكثر تأثيراً على تاريخنا المعاصر لاستعمالها من قبل المستعمرين والغزاة وغيرهم بحرفيتها وتأويلاتها، لخدمة مصالحهم وأهدافهم المختلفة. هذه الأسطر القليلة يستعملها الكيان الصهيوني  لتبرير إحكام سطوتها على الشعوب المستضعفة وتشريع خوض الحروب ضدها وغزوها واقتلاعها من أرضها واستبدال شعبها بشعب آخر. كذلك يعمل لها ، تحقيقاً للإرادة الإلهية وشرطاً لرجوع المسيح المخلص وإقامة مملكته الألفية على "الأرض الموعودة" التي وعدتهم الربب بها، ومن ثم أصبح هذا المصطلح الشرقي من أهم الأسس والتعاليم الدينية التي وروجت لها كنيسة في فترة العصر الحديث، وقد اكتشفت كنيسة لمخاطبة وجدان جموع اليهود وأثارت عطف بعض الدول الغربية، من خلال العزف على أوتار الدين والحنين للماضي وذلك من أجل إعادة إقامة الوطن القومي اليهودي المعتمدين في ذلك فلسطين أو أرض كنعان كانت الوطن القومي لهم

و ينشرون فى وسائل إعلامهم الغربي  أنهم أول من سكن أرض فلسطين:وأنهم أول من عاش فى أرض فلسطين ويربطون عند كثير من الناس أحقيتهم فى الأرض بأنهم أقدم الناس سُكنى فى هذه الأرض . 



ونحن نستشهد بالحفريات وسجلات القدماء المصريين والبابليين والآشوريين وفى بعض السجلات التى وجدت فى بعض الكهوف والمعابد التى وجدت فى أرض فلسطين لنرى من كان يسكن هذه الأرض فى العصر البرونزى القديم من 3200 إلى 2000 سنه قبل الميلاد.


  

أول شعب معروف سكن فلسطين هو الشعب الكنعاني:


الشعوب الكنعانية هى شعوب عربية هاجرت من جزيرة العرب إلى داخل أرض جزيرة فلسطين وأناس كثيرون لا يعلمون هذه الحقيقة وهؤلاء العرب الكنعانيين  بأنهم أول من سكن هذه الأرض. ليعلم اليهود أن أول مايذكرونه من حقائق ليست إلا أباطيل. اليهود نفسهم فى توراتهم  يعترفون أن الكنعانيين عاشوا فى أرض فلسطين قبل اليهود. هناك تناقض كبير جدا فى كلامهم .



الكنعانيون أسسوا 200 مدينه فى أرض فلسطين:

منها على سبيل المثال نابلس وبيسان وعسقلان وعكا وحيفا وبئر سبع وبيت لحم . يعنى أكثر من مدينة أسسها الكنعانيون قبل قدوم اليهود. كانت بداية دخول الكنعانيين إلى أرض فلسطين عام 3200 

سنه ق.م. تقريبا قبل دخول اليهود لأرض فلسطين ب2200 عام.

 

الفينيقيون جزء من الكنعانيين:


وأيضا هناك شعوب أخرى مشهورة سكنت أرض فلسطين وهى الشعوب الفينيقية. والفينيقيين هم فرع من القبائل العربية الكنعانية وعاشوا فى شمال فلسطين بالقرب من سوريا. أسسوا حضارة كبيرة معروفة فى التاريخ حضارة الفينيقيين.



العاموريون (الآموريون) والهكسوس أصبحوا جزء من الكنعانيين: 


من الشعوب التى سكنت أرض فلسطين أيضا شعب العاموريين ويطلق عليهم فى بعض الروايات الآموريين وأيضا هذه الشعوب كان لها جذور عربية ومنهم بعد ذلك خرج الهكسوس  والذين احتلوا بعد ذلك مصر وفلسطين وأجزاء أخرى من الشام .



يأتى شعب آخر هو شعب اليبوسيين دخل فى أرض فلسطين وله أيضاً جذور عربية وهاجر من جزيرة العرب إلى أرض فلسطين وأشهر أعمالهم تأسيس مدينة القدس. بمعنى أن الذى أسس القدس هم اليبوسيون وأطلقوا عليها إسم أورسالم الذي تحول بعد ذلك لاسم أورشليم الذى أطلقه اليهود على أرض فلسطين.





الحجارة اليبوسية في المسجد الأقصى أقدم معالم البلدة القديمة في القدس


شعب البلست هم من أعطى فلسطين اسمها وقد ذابوا مع الكنعانيين:


أما أول إشارة إلى فلسطين فكانت في النقوش التي أرّخت لانتصار رعمسيس الثالث على الشعوب التي هاجرت من العالم الإيجي (نسبة إلى بحر إيجة)، والاسم ورد منفصلا على أربعة حروف صامتة، لأن اللغة الهيروغليفيه القديمة لم تكن تظهر في الغالب حروف العلة في كتابتها.



هذا الشعب المسمى” بلست” هو الذي وهب اسمه للمنطقة فصارت تحمل اسم فلسطين. وتحتوي هذه الكلمة المصرية الهيروغليفية “بلست” على العنصر الرئيسي لكلمة فلسطين بدون النون، والتي قد تكون إما للنسبة أو للجمع. كما أن كلمة فلسطين قد وردت في وثيقة مصرية قديمة سنة 750 ق.م. وأكثر من ذلك فقد ورد اسم هذا الشعب “بلست”، أي فلسطين في اللغة العبرية، تحت اسم “ب.ل.ش.ت”، باستبدال السين بالشين.



ولا تعرف صيغة أخرى لهذا الاسم في أيام الأشوريين والكلدانيين والفرس؛ إذ إن النقوش التي تعود إلى تلك الأزمنة تشدد على أسماء المدن. وهذا ما حدث رسميا في الوثائق اليونانية التي تعود إلى الإسكندر المقدوني وخلفائه. لكن الاسم سيعاود الظهور عند الجغرافيين اليونانيين بـ PALAISTINA، باللاتينية  وقد استقرت هذه التسمية في عهود الإدارة الرومانية والبيزنطية.كما نجد اسم فلسطين في تاريخ هيرودوت، ويقول إنها تبتدئ من جبل قاسيون كما جاء ذلك في كتاب التاريخ الطبيعي للكاتب PLINE L’ANCIEN سنة 77م.



فالشعب “الفلستي” الذي أعطى للأرض اسمه كان دوما هناك، في تلك البقعة من الأرض التي تسمى تاريخيا وجغرافيا باسمه “فلسطين”.



الأساطير الإسرائيلية تعترف هي الأخرى بوجود شعب “الفلستيون” على أرض فلسطين. ففي أسطورة شمشون أن الله بعث بشمشون من أجل تخليص الإسرائيليين من يد الفلستيين. 


مملكهة اليهود :

مملكة اليهود القديمة تشير إلى الدولة التي تأسست في الأراضي الكنعانيه التي تشملها اليوم إسرائيل وفلسطين،  تأسست المملكة الأولى لليهود في العصور القديمة بعدخروجهم من مصر تحت حكم الملوك الإسرائيليين، مثل الملك سول والملك داود والملك سليمان.



تعتبر الفترة الذهبية لمملكة اليهود هي فترة حكم النبي الملك داود وابنه سليمان في القرن العاشر قبل الميلاد. تم بناء الهيكل المقدس في القدس تحت حكم  نبي الله سليمان، وكانت المملكة في ذلك الوقت قوة إقليمية قوية ومزدهرة.



اما عن مملكتي إسرائيل ويهوذا هما مملكتان منسوبتان إلى ممالك بلاد الشام القديمة في العصر الحديدي. ظهرت مملكة بني إسرائيل بوصفها قوة محلية فاعلة بحلول القرن التاسع ، وكان ذلك قبل سقوط الإمبراطورية الآشورية الحديثة سنة 722 ق.م وظهر إلى الجنوب من إسرائيل مملكة يهوذا في القرن الثامن  .



بعدها قضى القائد البابلي نبوخذ نصر في 587 ق.م. على مملكة يهوذا نهائياً وسبى حوالي 10 آلاف من أهلها إلى بابل ، احتل الفرس بقيادة قورش بابل بعد 48 عاماً، أي في 539 ق.م.



قورش اتبع سياسة إعادة الاستيطان للشعوب ‘المسبية‘، التي ابتدأها آخر ملك بابلي، نابونيد، وذلك لكسب ثقة رجال الدين والنخب المحلية والمساعدة في دمجهم في النخبة الحاكمة الجديدة ليضمن استقرار حكمه ويحول دون نشوب ثورات. إعادة الاستيطان الفارسية نفذت في ثلاث حملات وشملت اثنيات مختلفة لرفض معظم أهل يهوذا الرجوع وكان آخرها في 457 ق.م. بقيادة الكاهن عزرا الكاتب الذي يعتبره الباحث فراس السواح “أبو اليهودية” في كتابه “آرام دمشق واسرائيل”. حسب السواح، عزرا أعاد صياغة الإله “يهوه” الجديد في شريعته اليهودية معتمداً على الايديولوجية الدينية الفارسية الزرادشتية المتمثلة بإله السماء الأوحد، اهراموزدا.



ثم ضمت مقاطعة اليهود إلى الممالك الهيلينية اللاحقة التي أعقبت فتوحات الإسكندر الأكبر ، ولكن ثار اليهوديون في نهاية القرن الثاني على السلوقيين اليونانيين وأنشأوا المملكة الحشمونية . وسقطت هذه المملكة اليهودية ، التي كانت آخر مملكة مستقلة اسميًا، سنة 63 ق.م بعد غزو روما لها.



 الجدير بالذكرفي القرن الماضي جرى مسح أركيولوجي مكثف وكامل لفلسطين ولدهشة المؤمنين بالتوراة كمصدر تاريخي موثوق، لم يجد المنقبون أي دليل أثري يُثبت حكاية التوراة عن الهيكل  أو أي أثر لمملكة متحدة (يهودا والسامرة) في القرن العاشر ق.م.



المكتشفات الأثرية والوثائق التاريخية تعطينا صورة عن ثقافة كنعانية واحدة مستمرة من دون انقطاع من العصر البرونزي الأخير (1500-1200 ق.م.)

 إلى عصر الحديد (1200-600 ق.م.)  وتخبرنا أن مملكتي يهودا والسامرة هي ممالك كنعانية وديانتها كانت استمراراً طبيعيّاً لديانة عبادة الخصب الكنعانية، والآلهة التي عُبِدَتْ كانت آلهة كنعانية تقليدية (أيشيم، بت ايل، إلخ) ويهوه (القديم) هو واحد من الآلهة وكان متزوجاً من الآلهة عشيرة الكنعانية.



طبيعة المعثورات الأثرية أدت بعض المؤرخين والأثريين، أبرزهم البروفيسور إسرائيل فينكلستاين من جامعة تل أبيب والمؤرخ نيل آشر سيلبرمان من بوسطون، إلى فكرة أن توحيد مملكتي إسرائيل ويهوذا لا يعدو كونه اختراع لكتبة التناخ، يهودي الأصل، بدوافع أيديلوجية، وأن وصف المملكة الموحدة في الكتاب المقدس مبالغ فيه لصالح الدعاية الدينية والسياسية. حسب هذه النظرية

أراد أدباء مملكة يهوذا، التي بقيت بعد خراب مملكة إسرائيل الشمالية، الافتخار بالملوك من الأصل الجنوبي (اليهودي) فاوصفوهم كقادة ضموا لنفوذهم مملكة إسرائيل وكمن دلوا بني إسرائيل إلى طريقة العبادة الصحيحة.



ويقول الأثري والثيولوجي توماس طوبسون من جامعة كوبنهاغن عن تاريخ منطقة فلسطين في القرن ال10 ق.م: «إن كتاب العهد القديم يقدم لنا تاريخاً لا يمكن الوثوق به، وما صرنا الآن نعرفه عن تاريخ سوريا الجنوبية، وما نستطيع إعادة بنائه اعتماداً على الشواهد الأثرية، يعطينا صورة مختلفة تماماً عن الصورة التي تقدمها الروايات التوراتية». و بالمثل يشير إريك كلين «إن كثيراً مما ورد في التوراة حول القدس يثير انقساماً في الوقت المعاصر».



بعد زوال الدولة اليهودية التاريخية الوحيدة في فلسطين (لا دليل أثري على دولة يهودية. بعد هذا التاريخ) خلال الفترة الخشمونية الميكابية 

(165-63 ق.م.)  وخروج اليهود من فلسطين

 (شلومو ساند مؤلف كتاب “اختراع الشعب اليهودي” يقول إن الطرد الروماني لليهود لم يحدث من الأصل) في القرن الأول بعد الميلاد، كان هناك بعض المحاولات اليهودية الضعيفة أو الخجولة في القرون الخمسة الماضية للرجوع إلى (أرض الميعاد) بدون جدوى. نذكر منها:



1.الحاخام شبطاي تسفي الذي ولد في أزمير العثمانية في 1626م وادّعى أنه المسيح المخلص في 1648 وأنه سيقود اليهود إلى أرض الميعاد فحاربه اليهود المحافظون والحاخامات الرسميون وألقت الدولة العثمانية القبض عليه وسجنته سنة 1666 بتهمة بث الفتنة وإفساد الديانة اليهودية وادّعاء النبوة وبعدها خيرته بين الإعدام أو اعتناق الإسلام، فاختار الإسلام وتبعه حوالي 300 من اتباعه الذين عرفوا فيما بعد بـ”الدونمة” 



2.الحاخام يهودا القالي (1798-1878). ولد في سراييفو، دعا إلى عودة اليهود إلى الأرض المقدسة وبشكل تدريجي متأن حتى يتم إعداد الأرض وتحضيرها.



3.الحاخام زيفي هيش كاليشر (1795-1874). عاش في بروسيا ونشر كتابه” البحث عن صهيون“ في عام 1862 ويتحدث فيه عن الاستيطان الزراعي في فلسطين.



4.موزس هس (1812-1875). ألماني كان مقرباً من كارل ماركس نشر كتابه” روما والقدس“. يعتبر واضع الأساس الفلسفي للصهيونية.


5.ليو بنسكر (1821-1891). روسي بولندي، مؤسس وزعيم حركة أحباء صهيون.


واخر محاولتهم كان وعدبلفور

لكن ما هو "وعد بلفور"؟

قبل أن تضع الحرب العالمية الأولى أوزارها ويتقاسم المنتصرون فيها تركة الإمبراطورية العثمانية، سارع وزير الخارجية البريطاني أرثر بلفور في 2 نوفمبر من عام 1917 إلى كتابة رسالة إلى المصرفي البريطاني وأحد زعماء اليهود في بريطانيا البارون روتشيلد،  الذي أدت إلى قيام دولة إسرائيل وما تبع ذلك من حروب وأزمات في الشرق الاوسط.



كانت الرسالة التي تعرف حاليا بوعد بلفور أوضح تعبير عن تعاطف بريطانيا مع مساعي الحركة الصهيونية لإقامة وطن لليهود في فلسطين حيث طلب فيها بلفور من روتشليد إبلاغ زعماء الحركة الصهيونية في المملكة المتحدة وايرلندا بموقف الحكومة البريطانية من مساعي الحركة. لإقامة دولة لليهود في فلسطين،  بعد 31 عاما من تاريخ الرسالة

أي عام 1948.



أما بالنسبة للأسباب التي دفعت بريطانيا إلى إصدار هذا الوعد، فهناك أكثر من تفسير لذلك، أهمها أن بريطانيا أرادت الحصول على دعم الجالية اليهودية في الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الاولى لما تتمتع به من نفوذ واسع هناك لدفع الولايات المتحدة للاشتراك في الحرب الى جانب بريطانيا.


وهناك تفسير آخر وهو الاعتقاد بأن العهد القديم يضمن حق اسرائيل في فلسطين.


ولا تتضمن الرسالة كلمة "دولة" بل تتحدث عن وطن وتؤكد على عدم القيام بأي شي يمكن أن يمس الحقوق المدنية والدينية للجماعات الاخرى التي تعيش في فلسطين.



وجاءت رسالة بلفور تتويجا لسنوات عديدة من الاتصالات والمفاوضات بين الساسة البريطانيين وزعماء الحركة الصهيونية في بريطانيا. فقد كان موضوع مصير الاراضي الفلسطينية قيد البحث في دوائر الحكم في بريطانيا بعد دخولها الحرب العالمية الاولى مباشرة. وجرى اول لقاء بين حاييم وايزمان زعيم الحركة الصهيونية لاحقا، وبلفور عام 1904 وتناولت موضوع إقامة وطن لليهود في فلسطين .


نص الرسالة:

وزارة الخارجية

عزيزي اللورد روتشيلد


يسرني أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته بالتصريح التالي الذي يعبر عن التعاطف مع طموحات اليهود الصهاينة التي تم تقديمها للحكومة ووافقت عليها.



"إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وستبذل قصارى جهدها لتحقيق هذه الغاية، على ألا يجري أي شيء قد يؤدي إلى الإنتقاص من الحقوق المدنية والدينية للجماعات الاخرى المقيمة في فلسطين أو من الحقوق التي يتمتع بها اليهود في البلدان الاخرى أو يؤثر على وضعهم السياسي".


سأكون ممتنا لك إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علما بهذا البيان.


المخلص

آرثر بلفور


هكذا اقام الكيان الصهيوني على ارض فلسطين

“ان الوعد الإلهي الذي اعطي لابراهيم لا يعني بأي شكل من الاشكال ملكية إبراهيم لأرض الميعاد، وهذا يتجلى بوضوح عندما أصر إبراهيم على دفع سعر قطعة الأرض ليدفن زوجته ساره

 (سفر التكوين 23: 6-13). أرض الميعاد بالحقيقة تعني أن ملكيتها لا تعود لمن اعطُي الوعد له، بل لمن أعطَى الوعد”.



الوعد الإلهي في أرض كنعان قد يكون من أهم الوعود في التاريخ التي كان لها تأثيراً سلبياً كبيراً على حياة شعوب المشرق السوراقي والعالم العربي في 5-6 قرون الماضية. مع أننا نعي تماماً العامل السياسي الاستعماري الأساسي في صراعنا على فلسطين، فلا يـمكننا أن نتجاهل خطورة الوعد ودوره وتأثيره على الراي العام العالمي وخاصة المؤمن منه، عبر قدسيته عند اليهود وإيمان معظم المسيحيين الغربيين به ووجود آيات قرآنية تدعم وراثة بني إسرائيل لأرض كنعان.


في القرآن هناك الكثير من الآيات التي تتحدث عن بني إسرائيل وتوريثهم الأرض. في سورة “البقرة” أطول سورة في القرآن، “تتحدث 111 آية 

(من أصل 286) بشكل مباشر عن قصص بني إسرائيل. كذلك الامر في بعض السور الأخرى كالمائدة والأعراف والقصص وغيرها التي تخبرنا عن بني إسرائيل. 



“وأورثنا القوم الذين كانوا يُستضعفون مشارقَ الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحُسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون.



"ونريد أن نَّمُنَّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئِمَّةً وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً.



 يجمع الفقهاء في تفسيرهم على “ضرورة النظر في القرآن الكريم بشكل كلّي، وربط الآيات بعضها ببعض دون التوقف التفصيلي عند آحادها” وبناء على ذلك يستخلص من سورة البقرة “شروط استخلاف الله لأمة من الأمم في الأرض، والقوانين الإلهية التي تحكم ذلك، ومن تلك القوانين يتبين بشكل قطعي أن الله لا يحابي أمة ولا ينحاز إلى شعب”. 



ويفسر الفقهاء معنى وراثة الأرض في القرآن فيقول انها “تخليص لها (الأرض) من رجس كل طاغوت يحول بين الناس وبين معرفة الله وتوحيده، وإخراج الناس من ظلمات الشرك ودنسه إلى نور الله، … ولا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى؛ قال تعالى: “وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ * إِنَّ فِي هَٰذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ * وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ” (سورة الأنبياء: 105-107). أن نظرة المسلمين ونطرة اليهود لوراثة الأرض بانه الفرق “بين رؤية بصيرة للوجود ورؤية ذاتيَّة مظلمة” كما يقول محمد علي آل عمر في كتابه “عقيدة اليهود في الوعد بفلسطين -عرض ونقد”



إن الوعد الإلهي مشروط بالإيمان والعمل الصالح، فقد ورد في التوراة الأمر بذلك وبالمثوبة عليه، والوعيد الشديد لمن كفر بالله وارتدَّ عن دينه ونصه: (فإن انصرف قلبك ولم تسمع بل غويت وسجدت لآلهة أخرى وعبدتها، فإني أنبئكم أنكم لا محالة هالكون).



 إن  قبول الوعد الإلهي  لهذه النصوص التوراة ينتج عنه قبولاً للدولة الصهيونية، وتبريراً لإرهابها الذي يحصل ، على انه تحقيق ’للإرادة الإلهية‘.



لذلك يجب مواجهة هذا النص عبر السعي لابراز حقيقة بان المسيح لم يأت ليكمل ما سبقه عليه “اسلافه” العبرانيين بل ليصححه عبر رسالة خير ومحبة لكل البشرية، ليس فيها شعب مختار ولا أرض موعودة لهم


المصادر:

1-    النبوءة والسياسة (الترجمة العربية)

 – غريس هالسل،

2-   موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية

5 – عبد الوهاب المسيري

3-أرض الميعاد وأيديولوجية الحلم الأمريكي: 

من أحلام المستوطنين الأوائل إلى كتاب باراك أوباما الجديد

4-المسالة اليهودية ونشاة الصهيونية – ابراهام ليون

5-ارض الميعاد والصهيونية الحديثة – ارثوذكس

 أرض الميعاد

6-كتاب “آرام دمشق واسرائيل في التاريخ والتاريخ التوراتي”، ص 286  -فراس السواح.

google-playkhamsatmostaqltradent