ذكرى يوم ميلادي
كتب - دكتور محمد إسماعيل
تمر السنوات وتموت الأحلام وتظهر علينا علامات الشيب التي يحدثها الزمن في ارواحنا وكلما سقط عام من العمر سقطت معه ورقة أمل بحياة أفضل وسلام أعم وسعادة لا تزول .
السنوات التي مرت من حياتنا تشبه المدرسة التي
لا يحبها التلميذ و التي سرعان ما يتخلص منها مع جرس اليوم الدراسي الأخير، لكنه سيحتاج اليها لاحقا
كذلك السنوات تعطي المرء مزيداً من الخبرة وهي تسحقه بثقل خطواتها، خبرة ستشد عوده وتقوي ظهره.
ويفكر كل إنسان كثيراً في نهاية عام وبداية عام آخر من عمره وهذه الحظات من حياته تحمل رقما جديدا يضاف الى عمره الذي يمر سريعا والكل يفكر هل كان العام ٢٠٢٣ منفراً حقاً.
فليقرأه كل واحد منا في ميدانه، ماذا تحقق فيه من أمنيات أو ماذا حمل معه من مآسٍ، وكم سجل هذا العام من كوارث وقلاقل ودم فار في ساحات غزه حتى فاضت الارواح .
كان عاماً ولا زال صعبا بامتياز ذهبت فيه الأمنيات نحو العدم، والأحلام نحو الندم، ولم يبق سوى تلك الحسرة التي يخلفها احساس الفقدان في وجدان كل مسلم يغار على دماء وأعراض المسلمين
كم هي ايام صعبة علينا جميعا.
كمْ تمنيت مرور هذه الأيام ونسيت أنها ايام من عمري التي تمر سريعا ، إن مرور الأيام هو أمر لا يمكن تجاهله، ويجب علينا أن نتوقف لحظة ونتساءل هل نعيش فقط لأجل الواجبات والمسؤوليات، أم أننا نستفيد حقًا من كل يوم يمر بنا.
يجب علينا أن نستمتع برائحة الهواء النقي إنها اللحظات الصغيرة التي يمكن أن تجعل الحياة ممتعة ومليئة بالسعادة، إذا أعطيناها الاهتمام الذي تستحقه يجب أن نعود الى فطرتنا السليمة النقية.
لا تنتظر حتى يحدث شيء معين في المستقبل لتبدأ ولا تؤجل فالأيام تمر باقصى درجات السرعة فلا تستطيع تحقيق أهدافك أو تنجز مهامك اليومية، ابدأ الآن وضع امامك ماذا تريد أن تحقق من اهداف.
لاننا فعلا نعيش في ضجيج الحياة ومتطلباتها، قد نجد أنفسنا فقدنا السيطرة على مرور الوقت وننسى أنها لحظات ثمينة تمثل جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، ولعل السبب في ذلك هو الاعتياد ، فمن السهل أن نتعلق بروتيننا اليومي ومهامنا الحياتية، ونترك الأيام تمضي بسرعة دون أن نلاحظ ذلك.
فنحن نعيش في عصر يعج بالمشاغل والمسؤوليات ومن الصعب التوقف للحظات والتفكير في الوقت الذي يمر بنا فالأيام تمر وتمر معها سنوات حياتنا ولذلك
يتعين علينا أن نتذكر أن الأيام لا تعود.
فعندما ننسى أن الأيام تمثل عمرنا، نفقد فرصة قيّمة للنمو والتطور الشخصي، وكثيرًا ما تكون الأيام هي منحنيات في طريقنا وتقدم لنا فرصًا جديدة لتحقيق أحلامنا وتحقيق أهدافنا، وقد تمر بجوارنا فرص كبيرة دون أن نلاحظها.
ببساطة لأننا غارقون في الروتين والتفاصيل اليومية
فإذا كنا نتذكر أنها ايام من عمرنا وأن الوقت قد لا يعود، فسنكون أكثر استعدادًا لاستغلال تلك الفرص والاستفادة منها.
ولذلك، فالاستمتاع بالحاضر هو جزء آخر مهم من فهمنا لأهمية مرور الأيام، وقد نعيش في مستقبل مستمر، حيث نفكر في ما سيحدث ونخطط للغد، وندرك أن الأيام هي جزء لا يتجزأ من عمرنا يمكن أن يحفزنا على اتخاذ قرارات أفضل وأكثر توازنًا في حياتنا، فيمكن أن يساعدنا على تحديد أولوياتنا وتوجيه جهودنا نحو الأمور التي تعطي حياتنا قيمة ومعنى.
وقد نجد أنفسنا نختار الاستثمار في العلاقات القوية والصحة الجيدة وتحقيق الأهداف الشخصية بدلاً من الانشغال الدائم بالأمور السطحية التي تسحب عمرنا دون أن نحقق نجاحات لأنفسنا.
إن النظر في الايام التي تمر سريعا معلنة انتهاء من عام وبداية عام اخر يجعلنا نعلم بأن الحياة قصيرة وقيمة، قد يكون هناك أيام صعبة وتحديات كثيرة في طريقنا، ولكن يجب علينا أن نتذكر أن كل يوم يمثل فرصة جديدة للتعلم والنمو وتحقيق السعادة. بالسعي والعمل الجاد والرجوع الى الله وأداء الواجب المحتم علينا .
لذا، دعونا نعيش حياتنا بكل وعي وتوازن، ونستمتع بكل لحظة تمر علينا، ونقدر قيمة كل يوم في مسيرتنا القصيرة هنا على هذه الأرض.
ولتجنب نسيان أهمية مرور الأيام والاستمتاع بالحياة بشكل عام، حاول أن تكون حاضرًا في اللحظة الحالية ويكون تركيز اهتمامك على ما يحدث في الوقت الحاضر.
ومن المهم جدا أن تمنح نفسك وقتًا للاستجمام والاسترخاء بعيدًا عن التزاماتك اليومية، وبعد ذلك قم بتحديد الأولويات في حياتك وتحديد الأهداف الشخصية والمهنية التي ترغب في تحقيقها، بترتيب الأولويات، يمكنك توجيه جهودك ووقتك نحو الأمور التي تعتبرها الأكثر أهمية وتعطي حياتك قيمة.
إذا كانت الحياة لوحة فنية، فالأيام هي الألوان التي تضفي على تلك اللوحة جمالها ورونقها، لكل يوم لونه وقصته الفريدة، فتمتع بكل لون وكل قصة
ولا تنتظر لحظة مثالية، بل قم بالعمل والاجتهاد والدعاء واغمر الحياة بإشراقة وتفاؤل .