قلعة الحصن ... أثار نفتخر بها
قلعة الحصن
بقلم : ا . سلاف حمزة
قلعة الحصن هي قلعة كاثوليكية تعود لفترة الحروب الصليبية، تقع ضمن سلاسل جبال الساحل في محافظة حمص في سوريا، وتبعد عن مدينة حمص 60 كم، ونظرًا للأهمية التاريخية والعمرانية للحصن فقد اعتبرتها منظمة اليونسكو قلعة تاريخية هامة لاحتوائها على تراثٍ إنساني عظيم، وفي عام 2006 م سُجلت القلعة على لائحة التراث العالمي إلى جانب قلعة صلاح الدين الأيوبي .
إن إنشاء القلعة في حضن هضبة عالية تواجه سهل البقيعة كان ذا فائدتين: فمن جهة أولى يفيد باستحالة دخول الموقع بفضل الانحدار الشديد الذي يعوق الفرق المهاجمة بالسلاح، ويتعبها، ويبطئ تقدمها، ومن جهة ثانية يعطي القلعة مجال رؤية لمسافة عدة كيلومترات؛ مضاعفاً بذلك قدرة مراقبة السهل والطريق بين الدويلات الصليبية آنذاك والأراضي الإسلامية، فقد كانت القلعة قاعدة لعمليات فرسان الاسبتارية للقيام بغارات وحملات عسكرية ضد المواقع الإسلامية، كما كانت بالنسبة إلى الصليبيّين جزءاً من شبكة دفاعية وأبراج ثانوية بنيت في المنطقة الساحلية في النصف الثاني للقرن 6هـ/12م بهدف تحتل قلعة الحصن موقعاً استراتيجياً مهماً حيث تشرف على قرية الحصن وسهل البقيعة، وتتربع على ذروة هضبة ارتفاعها 750م عن سطح البحر متشعبة من جبال اللاذقية وفي أواسط سورية، وعلى بعد 60كم غربي مدينة حمص في منتصف الطريق بين حمص وطرابلس. وهو موقع مهم وممر عبور معروف تحت اسم «فتحة حمص»، وأهميتها الاستراتيجية كانت سبباً لصراعات طويلة بين البيزنطيين والمسلمين بدايةً ثم بين الصليبيّين والمسلمين في فترة الحروب الصليبية 489 - 690هـ/1096 - 1291م مراقبة الطرق الأساسية وحماية موانئ طرطوس وطرابلس.
ومنذ الاستقلال عُهد بصيانة الموقع وترميمه إلى المديرية العامة للآثار والمتاحف، التي قامت بتنفيذ مشاريع متتالية للمحافظة على المفردات المعمارية والفنية للقلعة؛ ولا سيما بعد تسجيلها مع قلعة صلاح الدين [ر] على قائمة التراث العالمي سنة 1428هـ/2007م.
تتألف قلعة الحصن في شكلها العام من حصنين لهما سوران، أحدهما داخل الآخر وأعلى منه، ويشرف على جميع منشآته، وبينهما خندق، ويحيط بهما خندق ثانٍ خارجي تكمله أرض شديدة الانحدار.تُعدّ قلعة الحصن بميزاتها المعمارية الفريدة من أعظم قلاع العصور الوسطى وأشهرها، حيث تقدم من وجهة نظر تاريخ العمارة العسكرية والتحصينية مثالاً فريداً لتطور هندسة التحصين وطرزها التي تداخلت في هذه القلعة لتكون مدرسة استثنائية رائعة السمات تشكل تحولاتها والإضافات الظاهرة فيها شواهد أثرية كثيرة تؤرخ لمرحلة استثنائية في تاريخ المنطقة.