زيارة إلى كنيسة القديسة تريزا
كتب - د. عبد الرحيم ريحان
فى عددها رقم 31 بتاريخ 31 أغسطس سنة 1933م جاء عنوان جريدة ( الدنيا المصورة) يقول: قديسة مسيحية يلتمس منها الكرامات المسلمون واليهود والمسيحيون، فمن هى؟ وما حكايتها؟
نتعرف على حكايتها وكنيستها فى زيارتنا اليوم مع المهندس فاروق شرف استشارى وخبير الترميم والمنشآت التاريخية.
القديسة تريزة
هى القديسة تريزة التى كانت فى حياتها راهبة لاتمتاز عن سائر الراهبات إلّا بكثرة صلاتها وتعبدها, وكانت تقول أن المسيح يظهر لها ويخبرها أنه مستعد لمساعدتها فى كل ما ينقذ الإنسانية من شقائها.
ويذكر كل الذين اتصلوا بهذة القديسة انها كانت تقول قبل وفاتها "سوف أترك مكانى فى السماء, وأعمل الخير على الأرض, ومن أقوالها
"أننى لا أرتاح قبل نهاية هذه الدنيا "
ويشير المهندس فاروق شرف إلى وجود أربع شقيقات للقديسة تريزة مازلن عائشات فى فرنسا, ويذكر الذين يعرفون كرامات هذة القديسة أن أول كرامة أظهرتها عقب وفاتها هى شفاء إحدى شقيقاتها من مرض الصداع, وقد كانت هذة الشقيقة لا تصدق أن اختها قديسة, ولكن لما توفيت "تريزة" أقبلت هذه الشقيقة لتودعها الوداع الأخير فانحنت عليها وقبلتها
وعلى إثر هذة القبلة شعرت بصحتها تعود إليها وأحست بشفائها من مرض الصداع- ذلك المرض الذى لازمها مدة من الزمان ولم ينفع فيه طب الأطباء ولا تجارب المجربين.
كرامات القديسة
توفيت القديسة تريزة بفرنسا فى 30 سبتمبر 1897 وكان عمرها وقتئذ 24 عامًا وقد ماتت بمرض السل، ومن هذا الوقت أخذت كرامات هذة القديسة تظهر وأخذت شهرتها تذيع فى كثير من الأنحناء، وفى سنة 1926 جاء بعض الرهبان الفرنسيين التابعين لكنيسة هذة القديسة فى فرنسا واستأجروا بيتًا صغيرًا، أصبح كنيسة للقديسة تريزا فى مصر, ولم يمضى غير وقت قصير حتى جمعوا عشرة آلاف جنية وشرعوا فى بناء دار كبيرة, لتكون كنيسة واسعة تكفى العدد الكبير من الزائرين الذين يفدون عليها كل يوم.
ويروى المهندس فاروق شرف عن كرامات القديسة تريزة ما يذكر من بعضهم من أن فلاحًا جاء يومًا إلى كنيستها, وقال لها "ياست ياقديسة قالوا لى عنك أنكى مبروكة وأنكى صاحبة كرامات، لذلك جيت أصلى أمامك علشان ابنى الصغير يطيب من مرضه، ويقول الذى أخبر بهذة الحادثة أنه فى اليوم الثانى لهذه الزيارة شفى الله الابن من مرضه، وهكذا يذيع بعضهم عن هذه القديسة كثيرًا من الكرامات التى جعلت عددًا كبيرًا من العوام يتزاحمون لزيارتها ويتبركون بها.
هى فى شبرا بالقرب من جامع الخازندار، بشارع ضيق مستطيل يمر منه السائل مسافة ثلثية حتى يبصر أمامه بيتًا تتقدمه حديقة طويلة المساحة ويجد بعد أن يجتاز ممر هذه الحديقة بابًا واسعًا ينفذ منه إلى هذه الدار.
ومن يدخله يرى نفسه فى وسط مكان تدل معالمه على رموز دينية بكنيسة يزورها المسيحيون من رجال ونساء للصلاة والدعاء.
ولكن هناك أمر يلفت النظر ويبعث إلى الدهشة فى نفوس من لا يعرفون علته والسبب الذى أدى إليه، وهذا الأمر هو توافد بعض المسلمين واليهود مع غيرهم من الوافدين المسيحيين لزيارة الكنيسة والدعاء فيها والتماس البركة والكرامة من هذه القديسة .
معالم الكنيسة
ينوه المهندس فاروق شرف إلى وجود لوحات رخامية معلقة على جدران كنيسة القديسة تريزا من الداخل حفرت عليها عبارات شكر للقديسة وفى الأسفل موكب فى حديقة الكنيسة عبارة عنصبية ارتدت ملابس راهبات القديسة تريزا بعد أن شفيت من مرض عضال بفضل بركة القديسة.
ويرى الداخل فى الكنيسة عدة صور وتماثيل رمز للقديسة تريزا, ويتوسط هيكلها تمثال كبير يمثلها بملابس القديسين وأمامه عددًا كبيرًا من المقاعد التى يجلس عليها الداعون والمصلون.
العندليب الأسمر
ويتابع المهندس فاروق شرف بقصة العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ وسر قطعة الفضة التى خففت آلامه، فقد عانى العندليب الأسمر طوال حياته من آلام المرض ورغم ذلك كان يقاوم آلامه ليبدع ويغنى ويطرب الملايين.
وكان للعندليب بعض الطقوس التى يعتقد أنها تخفف آلامه وتساعده على استكمال مسيرته، وفى أحد حوارات العندليب الصحفية التى أجراها عام 1958 كشف عن سرأيقونة خففت آلامه حين كان فى رحلة علاجه بلندن.
وقال العندليب أنه كان يستعد لإجراء جراحة بينما كانت أمعائه تؤلمه، وظلت هذه الآلام الحادة تلازمه حتى دخل غرفة العمليات، وحتى بعد خروجه منها وخاصة مع زوال تأثير البنج حيث تضاعفت هذه الآلام
وأشار العنليب إلى أنه أرسل إلى أسرته فى القاهرة برقية، يطلب فيها من شقيقه إسماعيل أن يزور كنيسة القديسة تريزا ويرسل له منها أيقونة صغيرة، وبالفعل نفذ إسماعيل شبانة طلب أخيه العندليب، وزار الكنيسة وأرسل لشقيقه الأيقونة الفضية، وأكد العندليب أنه ما إن وضع الأيقونة الصغيرة فى فراشه حتى هدأت حدة الآلام، ومن يومها ما كانت سيارة العندليب تمر فى شوارع شبرا حتى كان ينزل منها ليزور كنيسة القديسة تريزا ويضىء لها شمعة.
وفاة القديسة تريزة
نشرت سيرتها (قصة نفس) بعد سنتين من وفاتها وفي وقت إعلان قداستها عام 1925 كان قد تم بيع أكثر من مليون نسخة باللغة الفرنسية و توجد في وقتنا الحاضر ترجمات بكل اللغات العالمية الكبرى.
تمّ إخراج جسد تريزة في المقبرة في السادس من أيلول/ سبتمبر 1910 بحضور الأسقف وحوالي مئة شخص آخرين، ووضعت رفاتها في كفن خاص و نقلت إلى قبر آخر، ثم فتح القبر مرة أخرى في التاسع أو العاشر من شهر آب / أغسطس سنة 1917، وفي السادس والعشرين من آذار/ مارس 1923 تمّ نقل الكفن بصورة احتفالية من المقبرة إلى كنيسة دير الكرمل، تمّ تطويب تريزة من قبل البابا بيوس الحادي عشر في 29 نيسان / أبريل 1923 ، ثمّ أعلنها هو أيضا قديسة في 17 أيار/ مايو 1925 في روما بحضور 500,000 حاج، قام البابا ذاته بإعلانها شفيعة للإرساليات في العالم إلى جانب القديس فرنسيس كسافير في 14 كانون الأول/ ديسمبر عام 1927.وفي 17 تشرين الأول/أكتوبرعام 1997 ، أعلنها البابا يوحنا بولس الثاني معلّمة في الكنيسة.
معظم التماثيل واللوحات والصور التى تمثل القديسة تريزة تصورها مع باقة من الزهور فى يدها وهذه دلالة على اهتمامها وحبها لجماعتها ولكل البشر فى العالم أجمع لكونها شعرت بأنها ستستمر فى الحب والوصول إلى جماعتها بعد وفاتها وهى التي قالت :
"سأرسل من السماء زهورًا"
وقالت
" أنوي أن أقضي كلّ حياتي في السماء مستمرة في عمل الخير على الأرض"