الدولة تكرّم "الخليفة المأمون" رائد النهضة العلمية في مشروع حكاية شارع
كتب - د . عبد الرحيم ريحان
أدرج الجهاز القومى للتنسيق الحضاري برئاسة محمد أبو سعدة، اسم "الخليفة المأمون" فى مشروع حكاية شارع
حيث تم وضع لافتة أمام الشارع الذي كتب على اسمه لتعريف المارة به، وليتعرف عليه الأجيال المقبلة، وذلك بمنطقة مصر الجديدة.
تولى الخليفة المأمون إبن هارون الرشيد الخلافة فى 25 محرم 198هـ الموافق 25 سبتمبر 813م، وهو سابع الخلفاء العباسيين، وتميز عهده بالنهضة العلمية والفكرية، حيث كان محبًا للعلم والأدب وكان شاعرًا وعالمًا وأديبًا، وقد أرسل البعوث للحصول على مؤلفات علماء اليونان، وترجمها إلى اللغة العربية، وأنشأ مجمعًا علميًا فى بغداد، ومرصدين أحدهما فى بغداد والآخر فى "تدمر"، وأمر الفلكيين برصد حركات الكواكب، كما أمر برسم خريطة جغرافية كبيرة للعالم.
ونبغ فى عهده علماء ساهموا فى نقل العلوم والفنون والآداب والفلسفة إلى العربية، والإفادة منها وتطويرها، ومنهم "حنين بن إسحاق" الطبيب البارع الذى ألف العديد من المؤلفات الطبية، كما ترجم عددًا من كتب أرسطو وأفلاطون إلى العربية.
وفى ضوء هذا يشير الدكتور تامر العراقى الآثارى المعروف إلى كتابات الرحالة والمؤرخين والجغرافيين المسلمين حول علاقة المأمون بهرم خوفو.
ووفقًا للتتابع الزمني، يذكر أبو جعفر الإدريسي أن عددًا من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزلوا الي الأهرامات والجيزة أثناء فتح مصر من بينهم الصحابي الجليل الزبير بن العوام وأمه السيده صفية و المقداد بن الأسود
و سعد بن أبي وقاص و أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد تحقق الإدريسي بنفسه من الأمر تاريخيًا بقوله "والذين تحققنا معرفة نزولهم بها" ليتعرفوا على الحضارات السابقة عليهم فى البلاد المفتوحة فهم أهل حضارة حافظوا على كل المفردات الحضارية فى البلاد التى عمها نور الإسلام ونور العلم والحضارة.
ويشير الدكتور تامر العراقى إلى أن الخليفة العباسي المأمون قام بأعمال تنقيبات بالهرم الأكبر عام ٢١٦ هـ لمعرفة ما فيها من أسرار كما يحدث الآن.
وقد جاء في أخبار الزمان للمسعودي ص ١٣٨ بأن المأمون أراد أن ينقب أحد الأهرامات لمعرفة ما فيها من أسرار فقيل له "إنك لن تقدر على ذلك" فقال لابد من فتح شىء منه ففتحت له الثلمة المفتوحة ويؤيد ذلك أبو جعفر الإدريسي أيضا .
ويشير الدكتور تامر العراقى إلى أن الشغف المعرفي ومعرفة ما بداخل الأهرامات من أسرار هو سبب نقب الهرم وليس الهدم ذاته وهذا يتفق مع سياسة وعصر المأمون في التطلع الي العلوم والثقافات المختلفة.
فقد كشفت المصادر أن تلك المحاولة واختيار مكان النقب كان اختيارًا عشوائيًا غير مخطط له وغير مدروس ولكن بعد جهد وعناء كببر و لحسن حظه أوفي بالغرض، فقد تم النقب في موضع زلاقة ضيقة من حجر الصوان المانع الذي لا يعمل به الحديد بين حاجزين ملتصقين بالحائط ، وقد نقر في الزلاقه حفر ليمسك به السالك ويستعين به للمشي في الزلاقه وتنتهي الزلاقة إلي موضع مربع في وسطه حوض من الحجر أو (تابوت ) وأسفل الزلاقة بئر عظيمة ويقال بأن أسفل البئر أبواب يدخل منها دهاليز مخادع وعجائب، وذكر بعض المؤرخين بأن المأمون لم يجد سوي تابوت فارغ!!!
وبهذا تؤكد حملة الدفاع عن الحضارة المصرية بأن كل ما قيل عن أعمال التنقيب للخليفة المأمون بالهرم هى تدمير وبحثًا عن الكنوز غير علمى وغير صحيح تمامًا ومن هذه الآراء ما يأتي:
ذكر الدكتور زاهي حواس في كتابه "معجزة هرم الملك خوفو" أن هناك فتحة فى الهرم الأكبر تعرف بفتحة "المأمون"
ابن الخليفة هارون الرشيد، الذى سمع عن الكنوز الموجودة داخل الهرم، لذلك جاء ومعه جنوده وظلوا يبحثون عن المدخل الأصلى الذى يقع فى الناحية الشمالية، لأن المصريين القدماء ربطوا بين مدخل الهرم والنجوم التى تقع فى الشمال، واستطاع المأمون وجنوده أن يحفروا هذا المدخل الذى نستعمله الآن ويقع أسفل المدخل الأصلى مباشرة، والذى كان مغلقًا، ولم يستطيعوا الوصول إليه، ودخل الجنود ولم يعثورا على الكنوز التى داخل الهرم.
وذكر الدكتور قاسم زكى فى كتابه " مأساة نفرتيتي وأخواتها: قصة نهب وتهريب الآثار المصرية للخارج منذ الأزل" أنه فى عام 820 ميلادية، وصل إلى علم الخليفة المأمون نبأ وجود كنوز عظيمة ومحتويات لا تقدر بثمن مدفونة داخل الهرم، فنظم المأمون حملة تضم المهندسين والمعماريين والبنائين ونحاتى الأحجاز، وقام بحملة بحث على مدخل الهرم ( حيث كان فى هذا الوقت الهرم مغطى بطبقة خارجية من الحجر الجيرى التى تشكل جسم الهرم) وعندما فشلت الحملة لمدة 8 أشهر فى العثور على المدخل أصابهم اليأس لكن المأمون شجعهم على الاستمرار، فقررت الحملة أن تحفر مباشرة فى الأحجار الصخرية، لكن المطارق لم تنجح فى خدش البناء المنيع، فنصحهم حداد مصرى، بأن يقوموا بتسخين الحجر التى توهج احمرارًا ثم صبوا عليها الخل البارد حتى نجحوا فى شق الأحجار.
ونؤكد أن كل هذه الآراء غير صحيحة فلماذا نجيز لأنفسنا أننا نبحث عن أسرار الأهرامات فى تنقيباتنا المستمرة، وننكرها على خليفة صاحب أكبر حركة ترجمة للثقافة الغربية مما ينم عن حرصه على التعرف على ثقافات الآخرين وليس تدميرها، كما تم اتهام بهاء الدين قراقوش وزير صلاح الدين بعد ذلك بنزع كسوة الهرم وتم نفى ذلك علميًا.