دور التعليم وتأثيره في الأمن القومي
كتب - محمود فوزي
يعد الأمن القومي من أهم القضايا التي شغلت تفكير الأمم و الحكومات على مر العصور فتوفير الأمن للدول و شعوبها على نسبيته يشير إلى نجاح السياسة الخارجية للدولة و قدرة جميع أجهزتها المختصة على حماية أراضيها ومواردها و ثرواتها
و مصالحها العليا و تحقيق أهدافها وغاياتها المرسومة وحمايتها من الأخطار
و التهديدات الداخلية و الخارجية التي توجها الدولة و تعرقل تنفيذ هذه الأهداف.
فالأمن القومي لأي دولة يعد ضرورة أساسية لتحقيق التنمية و عنصرا لا غنى عنه لتحقيق تقدمها ورفاهيتها وحماية مكتسباتها و إنجازاتها الحضارية و إذا كان الأمن قد نشأ كضرورة اجتماعية لاستقرار المجتمع وحمايته فإنه يعد وسيلة أيضا لحفظ كيان الدولة و سيادتها و مصالحها العليا وعليه فإن الدولة التي يغيب عنها الأمن و الاستقرار تفقد مقومات وجودها
و سيادتها و تعمها الفوضي و ينهار نظامها الاجتماعي.
لذا يأتي الأمن القومي في أولويات الأهداف القومية التي تسعى الدول
لتحقيقها أيا كان حجمها أو تكلفها أو درجة تقدمها فتعرض الأمن القومي للخطر ينقص من سيادة الدولة و حقوقها و سلامة أراضيها و مواطنيها مما يهدد كيانها ووجودها لذا تحرص الدول على امتلاك القوة القادرة على تحقيق هذه الأهداف والحفظ علي سلامة ارضيها.
وقد أدت التطورات على الساحة العالمية بعد الحرب العالمية الثانية إلى حدوث تغيير كبير في مفهوم الأمن القومي فلم يعد ينظر إلى القوة العسكرية كمصدر وحيد للحفاظ على أمن الدولة و سيادتها كما كان في الماضي بل أصبح ينظر إلى الأمن القومي كقضية مجتمعية ذات أبعاد متعددة ترتبط بكافة جوانب المجتمع السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية
و المادية و التنموية ومن ثم فإن تحقيق الأمن القومي بهذا المفهوم الجديد
يتطلب ضرورة بناء القوة الاقتصادية
و العلمية و التكنولوجية والإعلامية اللازمة ولا سبيل لتحقيق ذلك إلا من خلال التربية فهي السبيل الوحيد لتحقيق الأمن القومي.
وفي سياق تعزيز الأمن القومي المصري تهتم الدولة بالتعليم وتقوم الجامعات برسالتها ودورها التثقيفي و الأمني من خلال كلياتها و معاهدها و المراكز البحثية فيها لرفع مستوى طلابها الفكري والثقافي من خلال تدريس مختلف المقررات
والمواد العلمية والثقافية والوطنية بها الأمر الذي ينعكس بصورة إيجابية على أمن و استقرار المجتمع فالمجتمع المتعلم الواعي الذي يتمتع بمستوى مرتفع من الأخلاق ولظ المثل العليا و العلم النافع قادر على مواجهة الجريمة و مقاومة الانحراف و الحفاظ على أمنه القومي.
وفي ضوء ما سبق فإن الأمن القومي بكل أبعاده الخارجية و الداخلية و المادية
والمعنوية المتعلقة بالحاضر و المستقبل
لا يتحقق إلا إذا توافر العنصر البشري المؤهل و القادر على العمل من أجل تحقيقه و من هنا تبرز أهمية التعليم الجامعي بوصفه الطريق الأمثل و الممثل لقمة الهرم التعليمي و القادر على إعداد نوعية مؤهلة و متميزة من القوى البشرية يمكنها الوفاء بمتطلبات التنمية و العمل على تحقيق الأمن القومي
و المحافظة عليه و العيش في ظله
ومع التغيرات التي شهدتها مصر في مختلف المجالات السياسية و الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية حيث الاهتمام بالتعليم ورفع مستواه يعمل علي تعظيم دور الأمن القومي و يحتل مدخلا أساسيا يعول عليه كثيرا في تحقيق التنمية القومية الشاملة للدولة مما يجعل من تطوير أساليبه خيارا استراتيجيا لا بديل عنه للحفاظ على مقومات الأمن القومي المصري.