اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

الإعلام والأمن القومي

الإعلام والأمن القومي 





كتب : محمود فوزي 

المستشار الإعلامي للاتحاد المحلي لعمال القليوبية 


يعتبر الإعلام جزء وأداة من أدوات تحقيق الأمن القومي لاي بلد و لكن التجارب خلال السنوات العشر الماضية حتى ما سبقتها أثبتت أن هناك إعلام شكل تهديدا حقيقيا للأمن القومي في بلد بعينه أو لمجموعة بلاد بعينها والأمثلة والأدلة كثيرة.



خلال العقود الماضية طور الغرب أساليب في استخدام كافة وسائل الإعلام لإثارة القلاقل وإشعال الثورات في الدول التي تحتاج لترتيبات جديدة تخدم مصالحه‏ وكانت أبرز الأدوات هي خلق حالة من عدم الرضا تزيد تدريجيا وصولا لمرحلة الانفجار‏.‏



ووفقا للرؤية الغربية فإن حالة عدم الرضا هذه لابد وأن تنشأ بواسطة عناصر محلية تنشر معلومات وأفكارا محبطة مما يدفع بقطاعات عريضة لفقدان الثقة في الأنظمة القائمة وتقوم بثورة, رغبة في حياة أفضل, لأن أي افكار تأتي من الخارج لن تلقي تأييدا شعبيا واسعا وسينظر إليها علي أنها مؤامرة خارجية يجب التصدي لها.



هذا المخطط نجح في  دول الربيع العربي واعتمد علي وسائل إعلام ومنظمات مجتمع مدني وعناصر تلقت تدريبات وتمويلا, وقامت جميعها بدور فعال

( بوعي أو عن جهل) في إثارة الجماهير لقلب أنظمة الحكم.



وبعد ضرب الدول العربية يحول الغرب الآن أن يفعل نفس الشيء باستخدام نفس الأسلوب  لضرب الدول الإسلامية وضرب الدين الإسلامي من الداخل عبر محورين الأول : إثارة الفتن بين السنة والشيعة والثاني : ظهور أشخاص يرتدون عباءة الإسلام ويصدرون فتاوي تبدو من خلالها رسالة رب العالمين التي أنزلت علي سيد الخلق( صلي الله عليه وسلم) وكأنها مجموعة من الأفكار السطحية .



إن سلاح الإعلام أصبح أكثر تأثيرا من اي سلاح آخر حيث يمكن أن يضرب الشأن الداخلي لأي دولة بدل الدخول في حرب عسكرية حيث تؤدي وسائل الإعلام بشتى انواعها دورًا كبيرًا في تشكيل الوعي المجتمعي لدى قطاع كبير من الأفراد من جهة، والمجتمعات من جهة ثانية، سواء أكانت الرسالة سلبية أم إيجابية، فالإعلام سلاح ذو حدين، إما أن يساهم في تعزيز وترسيخ القيم والعادات السليمة، وإما أن يكون لهدمها ومن هذا المنطلق يقع على عاتق القائمين على هذه الآلة في عالمنا العربي والإسلامي دور كبير في انتقاء ما يعرض في شتى وسائل الإعلام .



إن الأحداث الأخيرة المتسارعة التي شهدها العالم، وخاصة منها المنطقة العربية ساهمت في ضرورة إعادة التفكير في مجال الإعلام والاتصال وإعادة النظر في مهامه ووظائفه التقليدية التي أُنشئ من أجلها في علاقته بالمجتمع ودوره الجديد على مستوى العلاقات الدولية بعد أن اختلطت الأمور بعض الشيء، مع تطور التكنولوجيا الحديثة للمعلومات والاتصالات بصورة رهيبة خلال السنوات القليلة الماضية، مما جعلت الشعوب غير المواكبة لهذه التطورات وغير المنفتحة 

وجبة سهلة أمام ماكينات وسائل الإعلام الدولية التي تعمل بصورة ذكية وبإمكانيات ضخمة، بحيث يصعب على بعض الدول التفريق بسهولة بين الإعلام الموجه من جهة، وحق شعوبنا في الحصول على الأخبار والمعلومات وحق ممارسة حرية الرأي والتعبير من جهة أخرى.



وأكدت تلك التسارعات والتطورات على أنه لا يمكن في الوقت الراهن لأي بلد مهما كان حجمه العسكري أو السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي، أن يغفل الدور المحوري الذي تلعبه وسائل الإعلام والاتصال داخل المجتمع أو في تفاعله مع المجتمعات والدول الأخرى.



إن من حقّ أي دولة حماية نفسها من خطر سلاح تدفق المعلومات المغلوطة والافتراءات الباطلة التي لها انعكاسات خطيرة على مستقبل الدولة كما من حقّ الدولة أن تحمي نفسها من شبكات الإعلام والاتصال الداخلية والخارجية التي لا تحترم القوانين أو تمثّل خطراً على أمنها الوطني.



 إن الأمن القومي لم يعُد قاصراً على البُعد العسكري التقليدي، ولكنه اتسع ليضُم عدة أبعاد أخُرى، مثل التي تتعامل مع تهديدات مختلفة عن الحرب بمفهومها المُتعارف عليه ولكنها لا تقل أهمية عن العدوان العسكري المباشر؛ بل ربما تفوقه أهمية بإعتبارها تهديدات غير مباشرة يُمكنها أن تؤدي إلى الخلل في بنية المجتمع والدولة مثل الاستخدام السيئ أو الغير مسئول لوسائل الإعلام، وأيضاً الاختراق الإعلامي

 والحرب الإلكترونية.



ومن ثم يجب القول بأن مفهوم الأمن القومي، يُعد مفهوماً جماعياً؛ أي أن جميع جهات الدولة المعنية، يُحتَم عليها الحفاظ على الأمن القومي في ظل الانفتاح  للتكنولوجيا  الإعلاميةوعدم سيطرة الدولة على سلطة حركة الفكر والثقافة.



وقد رأينا أن معظم ما تم تنفيذه من مُخططات وصلت أحياناً إلى درجة احتلال دولة ما، كانت قد استندت على قاعدة عريضة من التأييد الدولي، تتمثل في الرأي العام العالمي، والذي تم تشكيله عبر الاستراتيجيات الإعلامية التي اُتقن صُنعها تجاه قضايا وأهداف محددة، لم يكن من الممكن تحقيقها دون ذلك التأييد الدولي مثلما حدث في ليبيا، والعراق وأفغانستان من قبلها، والمُحاولات المُستميتة حتى وقتنا هذا في سوريا.

google-playkhamsatmostaqltradent