لم يرفع القلم بعد " النفس والحقيقة "
بقلم الكاتبة : منال خليل
- كلنا بشكل ما أسرىَ دهاليز نفوسنا البشرية وما قد يهلكنا من رغبات وشهوات مختلفة .. وتحايلنا على حقيقة سوء ما نفعل فنجملها بأنها مجرد هفوات ... لأننا بالطريق يقيناً قد نظلم آخرين معنا بشكل أو بآخر .
- ولكن حقائق الأمور والمواقف وتلك الأشياء تظل حقائق .
ولو أشحنا عنها مفاوضات الجدل وسوفنا أو ساومنا حضور ما يستلزم حضوره لإكتمال دورة فواتير حساب ما أقترفنا من أفعال.
- الحقائق لا تتبدل مع الوقت ولا تغير من معالمها حجم المعاناة ... بل تظل شاخصة بمنتصف إزدحام محاولات إخفاءها أو مواربة باب المؤجلات الواجب فضها .
- تظل حية وحقيقية كما هي
وإن كانت موجِعة مخيفة، فهي أحياناً كالخطيئة التي لا تغتفر، الجرح الذي لا يلتئم ، كالمخاض وطلق الولادة برحِم مغلق وبلا دلالات إنجاب قريبة .
وأسوء تلك الحقائق على الإطلاق هي :
دهاليز النفس البشرية وخفاياها عندما تكن وعِرة معطوبة .. غير سليمة الطوية أو الموروثات .
ولا مفر من مواجهتها يوماً ما ولو أطلت الهروب ... حطمت كل المرايا بالطريق وفررت من صورة إنعكاسك على صفحة النهر .
أو تَمَرّست على ارتداء الهادئ أو اللامُباليِ من الأقنعة وحجبت الأنين خلف صدى الضحكات .
فهي مؤرقة كالكابوس الذي يعيد نفسه من أوله مع كل إنفراد بالشهيق .. كامنة بالجينات .
- وباللحظة التي تعتقد فيها إنك قد نجوت من نفسك فيها وتخلصت من وحشتك وَحشيتك ووحدتك وسط الجموع ، تكون قد نجحت في إيلام وذبح نفس كل من يكون قد أحبك وإقترب من ذات نفسك وقد خانه قناع ما.
مما أرتديته مما تملك من أقنعة هروبك وإنفلات نفسك... وإعتقده هو بأنه كل الحقيقة.
ولكنه حقيقةً هو من أراد أن يصدق فيك
يرى فيك أجمل مافيك ... الأبيض فيك
يستخلص النادر فيك وينظر له بميكروسكوب القلب.
ليس هذا فقط ... بل أبتغىَ أن ترتدي دائماً هذا القناع الذي أحبه عليك ، وذلك القناع الودود منك ، وقد يكون ناولك بنفسه في لحظة ضعف وقسوة إحتياج إجتاحه لذاك القناع الحنون ليكون بديل عن فُجر أفعال قسوة الآخر عليه ليداويه به فيسكن ألمه للحظات ثم يعود لينكسر ثانية.
و إن كان في داخل نفسه يعلم بأنه هالك لا محالة في متاهات حقيقة ضعفه أمام ذلك الآخر حقيقةً .
وانه غير حقيقي ويقبع داخله مَسخ دون ما ارتدى من كل تلك الأقنعة .
- ولكنها غريزة الصراع على الحفاظ على أن لا نرى ما لانريد أن نراه من حقائق موجعة ...وإن وقفت أمام نواظرنا كشواهد القبور وقد وارينا فيها ما نهاب مواجهته... فأستسغنا الخداع لنستطيع العيش مع حقيقتنا ... فالمشاعر النفسية والميول أحيانا لا تترجم الحقيقه بذاتها وهنا أتفق مع " ديكارت " في فلسفته بأن الحقيقة : هي ما ينتهي إليه العقل وليس ما تمدنا به الحواس، فكل القضايا البديهية والواضحة التي لا تقبل الشك هي قضايا صادقة ويقينية .
- وكما قال "أفلاطون" : أن معرفتنا عن الحقيقة هي كمعرفة الجالسين في الكهف أمام النار ويرون ظلال أشخاص يمرون من خلفهم على جدار الكهف، لذلك العالم المادي هو غير كامل، بل هو عالم الاخطاء، عالم النقص .
- أخيرًا الحقيقة تظل أبدًا حقيقة
لا تحتاج إلى معايير خارجها لاثباتها
ولا نقاشات وجدل فالحقيقة هي الضوء وعليه فهي معيار ذاتها .