حدث فى الكرنك استخدام أسمنت واستحداث سقف خشبى، فما رأى المتخصصين؟
كتب د. عبد الرحيم ريحان
طرحت حملة الدفاع عن الحضارة المصرية برئاسة الدكتور عبد الرحيم ريحان سؤالًا على إخصائى الترميم هل يجوز استحداث سقف خشبى ليس له أصول اثرية واستخدام الأسمنت فى الترميم مهما كانت المبررات؟ كما حدث فى ترميم معبد الكرنك.
وأوضح خبير الترميم الأستاذ حمدى يوسف أن هذا الأمر مرفوض بالطبع اذ لم يكن له أصل أو توثيق سابق بوجود سقف خشبي ولذا يجب مراعاة أهمية عملية التوثيق منذ الشروع بالبدء في مشروع الترميم وذلك استنادًا علي المواثيق الدولية وهى لا يتم اللجوء إلي ترميم أثر إلا إذا كان يخشي عليه من الانهيار أو الاندثار، وفى حالة الاستكمال لا يتم إلا في حالة الضرورة القصوي فقط والتي بدونها يتعرض المبني للانهيار، وإذا حدث وكان قرار الاستكمال أمر واقع يجب أن يتم من نفس مادة البناء بعد إجراء الاختبارات المعملية واختيار البديل المناسب ميكانيكيًا وفيزيائيًا.
وما دامت حالة الكتلة مستقرة يقتصر واجب المرمم علي القيام بمتابعة وتدوين الملاحظات لما قد يطرأ علي حالة المبني وسلامته الإنشائية مع القيام بأعمال الصيانه الدورية
وبخصوص الكرنك يتساءل حمدى عيد هل هناك دليل علي وجود مجاديل حجرية في الاصل الانشائي لمعبد الكرنك؟
اذا كان لها بقايا فليتم الابقاء عليها كما هي وعدم اجراء استكمالها لانها تهدد السلامة الإنشائية للكتلة المعمارية؟ فإذ لم يكن لها أصل أو دليل موجود بالفعل فإن تنفيذ السقف الخشبي تزوير في شكل كتلة الأثر.
وربما نتفق في عملية إنشاء سقف لمنشأة تاريخية قد تتم لإعادة تأهيل و توظيف المبني للاستفادة منه للمصلحة العامة علي ألا يتسبب ذلك في تعريض الكتلة المعمارية للخطر.
وفي حالة معبد الكرنك نحن نعرض الكتلة المعمارية للخطر المباشر بسبب ارتفاع الأعمدة بالممرات مع مراعاة أن المعبد ليس حديث الإنشاء كي يتحمل اجهادات لأي أحمال إضافية حتي لو كانت حفنة من القش وخصوصًا وأن التربة أسفل المعبد قد وصلت إلي مرحلة من الثبات والاستقرار علي مر السنين لإجهادات الأحمال الناتجة عن معبد الكرنك نفسه وأن أى إضافة علي الكتلة المعمارية من أي نوع تتسبب في خلل لتوزيع الأحمال أو إعادة توزيع الأحمال لن ندرك عواقبه الآن ولكن سوف تظهر من خلال إضافة أوزان السقف الخشبي علي الأعمدة في مراحل لاحقة وسوف تظهر لها مؤشرات في عناصر الكتلة المعمارية إما في صورة شروخ أو ميل نتيجة لهبوط التربة أسفل الأعمدة أو كسر مباشر.
يافندم اضافة اي احمال لاي مبني معماري لابد ان يتم وفق دراسة متكاملة تشمل دراسة ميكانيكا التربة اسفل المنشأة طوال مدة التشغيل.
ويتساءل حمدى عيد هل تم إجراء عملية رصد مساحي أثناء التنفيذ لرصد أي ميول أو مؤثرات نتيجة تنفيذ السقف الخشبي الجديد، وكذلك الاستمرار في متابعة أعمال الرصد المساحي للمنشأة بصفة دورية لمتابعة تأثير الاجهادات الناتجة عن الأحمال المستحدثة للسقف الخشبي بعد التركيب ولمدة طويلة إلي أن نتأكد من وصول التربة إلي حالة من الاستقرار لن تؤثر علي الكتلة المعمارية.
ويجزم بأن أى من هذا الاجراءات لم تتم مع مراعاة أن السقف الخشبي قد يكون قد احتاج لتنفيذه مالايقل عن ثلاثة أمتار مكعبة من الخشب مما يعني حمولة ثلاثة أطنان من الخشب تقريبًا، فهل الاجهادات الناتجة عن توزيع أحمال تقدر بهذا الوزن توزيع غير منتظم علي سقف المعبد لن تؤثر علي السلامة الإنشائية للمعبد؟
وأشار خبير الترميم حمدى عيد بخصوص استخدام الأسمنت فهو غير مصرح به، ولا يتم استخدام جميع المواد الرابطة للعناصر الإنشائية في ترميم الآثار الغير قابلة للاسترجاع مثل الأسمنت بألوانه وأنواعه إلا في معالجة أساسات المنشأ الأثري لتنفيذ قواعد أسفل منسوب جدران المنشأ الأثري لعلاج مشكلة هبوط التربة أسفل المنشأة ، أى في العناصر الغير ظاهرة من المنشأة أسفل منسوب نقطة الصفر المعماري.
ونوه خبير الترميم الأستاذ فاروق شرف والذى عمل بترميم الآثار المصرية لمدة تزيد على 30 عام إلى أن موضوع الاستكمال بل والاستبدال فى الآثار يخضع إلى الحالة الفنية للأثر وظروفه ويحتاج إلى فريق من المتخصصين على رأسهم المهندس الإنشائى والمرمم والأثرى والكيميائى والفنى ويكون فى أضيق الحدود ولا يتم إلا لضرورة إنشائية هامة خشية انهيار الأثر ولكن مباح الاستكمال فى الآثار الإسلامية والقبطية گأستكمال آية قرآنية أو إنبل (منبر) أو حتى عمل سقف خشبى تخفيف لحماية الزخارف أسفله.
وتابع فاروق شرق بأن الفصل الخامس من كتابه المنشور عام ٢٠١٦ بعنوان ( ترميم المنشآت الحجرية) به تعريف الاستكمالات.
وأما عن استخدام الأسمنت والمحرم دوليًا فى الآثار، فإن الأسمنت الأسود البورتلاندي يحتوى فى تركيبة على مجموعة من أملاح الكلوريدات والكبريتات مثل الكالسيوم والبوتاسيوم وايضآ ملح كلوريد الصوديوم ( ملح الطعام ) وهو ملح متميع شديد الجذب لبخار المياه التى تتحول بالمياه إلى الحالة السائلة المذاب به الملح والذى فى حالته السائلة ينتشر خلال المسافات البينية للحجر الى أن يصل للسطح مقابلآ لأشعة الشمس أو للرياح فيتبخر الماء المذاب به الملح ويتبقى الملح، إمّا على السطح أو تحت السطح وبالتكرار تتبلور هذه الأملاح وتكون خطورتها كبيرة.
وأوضح الدكتور غريب سنبل رئيس الإدارة المركزية لترميم وصيانة الآثار الأسبق بالمجلس الأعلى للآثار غريب سنبل بأنه لايجوز استخدام الأسمنت الأسود في أعمال الترميم الدقيق لاحتوائه على نسبه عالية من أملاح الكبريتات القابله للذوبان لكن الأسمنت الأبيض أجازته كافة الأبحاث بنسبه ٢٥٪ بالوزن كإضافة محسنة لخواص مونة الاستكمال لصفاته الغير منفذة للمياه وإن وجدت بدائل كثيرة تقوم بهذه الوظيفة.
أمّا بخصوص السقف الخشبي فالجميع يعلم أن سقف صالة الأعمده من المجاديل الحجرية ( حجر رملي) ولكن صعوبة تنفيذ ذلك في الوقت الحالي لاستحالة دخول روافع عملاقة لإعاده تركيب تلك المجاديل الحديثة تم استحداث سقف خشبي مؤقت لحماية الكتابات الأثرية والألوان المزينة لقاعة الأعمدة الخاصة بالملك رمسيس الثاني وهو ليس استكمال إنما إجراء مؤقت لدرء المخاطر عن عنصر أثري.
وأردف غريب سنبل بأن علم ترميم الآثار لايتوقف عند مواثيق ستينات القرن الماضي وإلا تتوقف الأبحاث العلمية الحديثة سواءً المحلية أو الدولية.
وأشار الأستاذ أحمد الأمير إخصائى ترميم بمعبد دندرة إلى أنه من المفروض أن يتم استخدام نفس مواد البناء المستخدمة فى المبنى الأثرى ويستغرب وجود أخشاب حتى الآن فى أثر من الآثار المصرية القديمة لأنه مع مر العصور إمّا تعرضت للسرقة أو التلف من الاستخدام والحشرات أو نقلت إلى متحف للحفاظ عليها ويرفض ما تم بالكرنك من استحداث سقف خشبى.