ولم يرفع القلم بعد
" عقد وحلق وغويشة "
عقد وحلق وغويشة
بقلم : الكاتبة منال خليل
- في السنوات الأخيرة، بدأت تتلاشى الحدود بين مظهر الرجل والمرأة حيث أصبحت الأزياء والإكسسوارات وصولا للون صبغه الشعر متشابهة بشكل غير مسبوق .
بعض الذكور يرتدون ملابس شفافة ومطرزه بكل ماهو ملفت وإكسسوارات خاصة جدا بالنساء، وامتدت هذه الظاهرة إلى عمليات تجميل الوجه ولا يمنع من وضع بعض من مساحيق التجميل أيضا.
- هذا التحول قد يبدو للوهلة الأولى أنه مجرد تطور في الموضة، لكنه يثير الشبهات والتساؤلات حول تأثيره على هوية المجتمع ككل .
- فهل نحن أمام ظاهرة مؤقتة أم تغيير جذري في قيمنا وتقاليدنا؟
وهل يمكن أن يؤثر هذا الخلط تدريجيًا على سلوك الذكر تجاه الأنثى دون أن يلحظ ذلك مع مرور الوقت؟
هذه التساؤلات أثارت فضولي للكتابة والبحث في هذا الموضوع.
- ارتداء الذكور والإناث لنفس نوعية الملابس امر غبر مقبول، وتبنى بعض الرجال لاعتناق فكرة الأزياء النسائية مثل الحلق والمجوهرات والأساور، فضلاً عن القمصان البراقة و المصنوعة من التل الدانتيل والرسومات المفرغة من الأقمشة هذه الاتجاهات ليست مجرد تجربة مؤقتة بل تعكس تحولاً أعمق في كيفية رؤية البعض للموضة والهوية ككل .
- شهدت السنوات الأخيرة تحول غريب في أساليب أرتداء الذكور للملابس والمجوهرات وحقائب اليد المفضله للإناث حتى أصبح هناك تداخل واضح بين أزياء الذكور والإناث .
هذا التغير لا يقتصر على المجتمعات الغربية فقط بل أمتد إلى المجتمعات العربية، مما يثير جدلاً واسعاً حول تأثير هذه الظاهرة على القيم الثقافية والهويات الشخصية.
يهدف هذا المقال إلى تحليل تأثير هذا التحول على الأجيال الشابة والمجتمع ككل، من خلال استعراض تاريخ الموضة وتطورها، واستكشاف أسباب هذا التحول
وتأثيراته النفسية والاجتماعية.
- فالأزياء دائما ما تعكس القيم الثقافية والاجتماعية لكل حقبة زمنية، ففي العصور القديمة، كانت الملابس تعبر عن الوضع الاجتماعي، حيث ارتدى الأثرياء أزياءً فاخرة، بينما ارتدى العامة ملابس بسيطة.
وفي العصور الوسطى، تميزت الأزياء بتعقيدها ورمزيتها، مما يعكس فروق الطبقات الاجتماعية بدقة.
بعصر النهضة، شهدت أوروبا تطوراً سريعاً في الموضة يعكس التغيرات الثقافية والفنية.
- في المجتمعات الشرقيه ، كانت الأزياء دائما تتأثر بالعوامل المناخية والدينية
مع التركيز على الحشمة والجمال وبمصر تحديدا هناك ملابس تقليديه يميزها الذوق الخاص بها .
- بعد الحربين العالميتين، ونزول النساء للعمل في المجالات التي كانت حكراً على الرجال، أدى إلى ارتداء ملابس عملية مشابهة لملابس الرجال .
- في القرن العشرين، بدأت خطوط الفصل بين أزياء الجنسين تتلاشى تدريجياً كنتيجة لحركات تحررية وثقافية.
- في الستينات والسبعينات، ظهرت حركات شبابية وثقافية أكثر تحررا وكسر للقوالب التقليدية لأسلوب ارتداء الملابس والالوان .
- وكان لوسائل الإعلام دوراً محورياً تسعى فيه لترويج قيم وأفكار معينة في تشكيل الأذواق والاتجاهات في تشكيل الموضة وخاصة المجلات والأفلام .
- ببدايات عصر العولمة، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي منصة رئيسية للتأثير على الأجيال الشابة، حيث يمكن للمؤثرين والفنانين والتشكيليين أن يروجوا لأساليب لبس ومظهر مختلف جديد ويتحدوا المعايير التقليدية.
- وبما ان صناعة الأزياء والموضات تساهم بشكل كبير في الاقتصاد العالمي فالشركات والمصممون يسعون دائماً لابتكار أساليب جديده لجذب الانتباه وزيادة المبيعات وهذا يشمل تقديم ملابس تتجاوز الحدود التقليدية بين الجنسين.
- ولكن ماهي ردود فعل الشباب والمجتمع؟
-تشير ردود الفعل إلى أن بعض الذكور يشعرون بالراحة والتمكين حيث يرون فيها تعبيراً عن التحرر والمساواة الجندرية بالمقابل، قد يشعر آخرون بالارتباك أو التهديد نتيجة لتداخل الحدود التقليدية بين الجنسين.
- الخوف من فقدان الهوية الثقافية من السلبيات لهذا التحول والخلط بين الجنسين في الأزياء .
- بالنسبة للإناث، قد ترى البعض أن ارتداء الرجال للإكسسوارات والملابس التقليدية النسائية يمثل نوعاً من الإختلاف والتحدي للتوقعات الثقافية، بينما تشعر أخريات بالراحة من وجود تنوع أكبر في الموضات.
- لم أتوقف هنا ولكن تساءلت عن هل هناك أي مؤثرات نفسية وجندرية او
"اضطراب الهوية الجنسية " له دخل مباشر في تبني هذه الاتجاهات والتي أراها غير مقبوله .
- فوجدت انه ليس بالضروره ان تبني أساليب تتجاوز الحدود التقليدية لا يرتبط بالضرورة بوجود اضطراب نفسي مثل اضطراب الهوية الجندرية ولكن في كثير من الحالات، يكون هذا التوجه تعبيراً عن الهوية الشخصية والإبداع والرغبة في الظهور بشكل لافت ومختلف أو كنوع من انواع التقليد الأعمى وليس بالضرورة دليلاً على مشكلة نفسية.
مامدى تقبل هذا الأمر بالمجتمع المختلفة؟
- في المجتمعات الغربية، يُلاحظ تقبل أكبر لهذا التوجه بفضل التحولات الثقافية والتأثير الإعلامي وحماية الحقوق الفردية
في المجتمعات الشرقيه ، فيواجه هذا التوجه مقاومة أكبر نتيجة للقيم التقليدية والتأثير الاجتماعي والديني .
- بعض الآراء التي وصلتني من المتابعين للموضوع وجدتهم : ينقسمون بين مؤيد ومعارض ، بعضهم يرى في هذه الأساليب تعبيراً عن الحرية الشخصية والتجديد ويتخذون من بعض الفنانين قدوة بهذا السياق.
بينما يشعر آخرون بالارتباك والرفض لهذه المظاهر وانها ضد التكوين الذكوري والقيم المجتمعية وتشبه بالصبايا والنساء.
- وانه قد يكون نتيجة لشرخ نفسى عميق له دوافع و اسباب عديدة منها تأثير الميديا و بنائه النفسى من الصغر و ضعف الشخصية و تقليد نماذج تفعل نفس الشئ وأن هناك تيار عالمى يغذى هذا التوجه له هدف لا يخفى على كل ذو بصيرة.
ورأي آخر : أن عنصر الرجولة عند الذكور بدأ يتأكل من الانحلال التربوي ودخول عنصر الاستقلالية الذاتية واستغلال حرية التعبير بإدخال حرية الاخلاء من منظومة السلوكيات الاجتماعية والتربوية وأيضا الدينية بغض النظر عن اي دين او عقيدة .
- بالمجمل، يظل هذا التوجه محلاً للجدل ويعكس التغيرات والتوجهات والتحولات الثقافية والاجتماعية التي يشهدها هذا الزمن الغريب .
- على الرغم من الانتقادات التي يلاقيها بعض فنانينا وهم
" معروفين " من مختلف طوائف الفن والاستهجان لاستخدامهم
" للحلق والعقد والغويشه "
وكذلك صبغات وقصات الشعر أو عقده فوق الرأس وما الى ذلك من مما يخص الجنس الناعم .
فإن هذا التوجه فتح الباب لمزيد من الحرية والتعبير عن الذات مما يؤثر سلبا على الأجيال القادمه والهوية السليمه .
- وجدير بالذكر أن المصمم الفرنسي
"جان بول غوتييه"
(Jean Paul Gaultier)
يُعتبر من اول الرواد الذين مزجوا أزياء الجنسين معاً بالثمانينيات، بتصاميم جريئه استفزازيه تتحدى وتدمج بين الأزياء النسائية والرجالية حيث لعب دورًا كبيرًا في تغيير مفاهيم الأزياء.
- ومن الفنانين المشهورين بالأزياء المختلطة المغني البريطاني
ديفيد بوي (David Bowie)
و الفنان الأمريكي
" برنس " Prince Roger Nelson
كان معروفًا أيضًا بأزياءه التي تجمع بين الذكورة والأنوثة واستخدامه للألوان الزاهية والإكسسوارات النسائية في مظهره والذي جعل منه شخصية مثيرة للجدل.
- وبسؤال اخصائي طب نفسي وجدنا ان :
الأمراض النفسية المحتملة خلف هذا الميل هو اضطراب الهوية الجندرية هناك بعض الحالات النفسية التي قد تدفع الأفراد لتبني أساليب لبس تتجاوز الحدود التقليدية للجنسين.
وهو حالة نفسية حيث يشعر الفرد بأن جنسه الذي وُلد به لا يتوافق مع هويته الجندرية الحقيقية.
هذا الاضطراب يمكن أن يؤدي إلى تبني أساليب لبس تعكس الهوية الجندرية الداخلية للفرد بدلاً من الجنس البيولوجي.
ومع ذلك فليس هناك وجود لدليل قاطع
فمن المهم التأكيد على أن الرغبة في ارتداء ملابس نسائيه أو دمج الأزياء بين الجنسين لا تعني بالضرورة وجود اضطراب نفسي.
- بسؤال بعض الشباب كان الجواب :
انهم يقومون بذلك كتعبير عن الذات والإبداع، وكجزء من ثقافة الموضة والترند واتخاذ الفنان المفضل كقدوة وسبب للتقليد وهذا معناه ان الميل إلى ارتداء ملابس الجنس الآخر يمكن أن يكون جزءًا من هوية شخصية متوازنة ولا يرتبط دائمًا بأي اضطراب نفسي.
- من المرجح أن نرى مزيدًا من التصاميم التي تجمع بين العناصر النسائية والذكوريه بطرق مبتكرة، مما يعكس التحولات الثقافية المستمرة ويسهم في تعزيز قبول التنوع الذي يجلبه لنا الغرب .
- ومن القضايا والجرائم الغريبة المتعلقة بارتداء الرجال لملابس السيدات قضية القاتل المتسلسل دينيس ريدر "Dennis Rader" بولاية كانساس خلال السبعينيات والثمانينيات الذي كان يرتدي ملابس نسائية كجزء من طقوسه الإجرامية والتقط صورًا لنفسه مرتديًا هذه الملابس في مواقع الجرائم، هذا السلوك كان جزءًا من " انحرافه النفسي "
- في النهاية، يمكن القول إن ظاهرة الأزياء المتقاربة بين الجنسين تحمل الكثير من الأخطار والتحديات التي قد تؤثر على الأجيال الشابة.
و من المهم التعامل مع هذه الظاهرة بوعي وحساسية، مع التركيز على تقديم الدعم اللازم للشباب والتوعيه للحفاظ على هويتنا وتقاليدنا وإحترام حدود كونه ذكر ورجل هو بحد ذاته مثال محترم يحتذى به على كل الأوجه .